ماذا بعد داعش؟!


بعد اعتباره تنظيماً لا يخدم الثورة، شنت ألوية وكتائب المعارضة المسلحة في سوريا حرباً ضروساً على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المدعو داعش وذلك بعد الإنتهاكات الجسيمة التي إرتكبها التنظيم بحق قادة في الجيش الحر وتنظيمات أخرى عبر سياسة القتل والاعتقال والهجوم على مقار عسكرية تابعة للجيش الحر والتنظيمات المعارضة الأخرى، لكن القشة التي قصمت ظهر البعير هي قيام التنظيم بقتل الطبيب حسين أبو ريان أمير لواء أحرار الشام المنضوي تحت الجبهة الإسلامية بعد تعذيبه والتمثيل بجثته بالإضافة الى قتل شقيق أحد قادة الجيش الحر مؤخراً.

الحرب على تنظيم داعش جاءت بعد حالة احتقان أصابت التنظيمات الأخرى جراء تلك الأعمال ولم تعد حالة ضبط النفس وحقن الدماء التي كان ينادي بها - الثوار – ممكنة في ظل إزدياد تلك الممارسات العدائية للتنظيم الذي كانت تعتبره شريحة كبيرة من السوريين المعارضيين حتى وقت قريب بأنه يمثل الثورة والثوار إلا أن حالة إنقلاب طالت الجميع وأصبح التنظيم مرفوضاُ من قبل الغالبية العظمى.

والجميع يعرف جيداً أن داعش تحمل فكر وأيدولوجية القاعدة بالرغم من تصريحات زعيمها أيمن الظواهري الذي أعلن صراحة أن داعش لا تمثل القاعدة في سوريا وأن الممثل الوحيد والشرعي لها هو جبهة النصرة فيما يتهمها البعض انها تخدم مصالح نظام الأسد وأنه - أي النظام - من يمولها وخاصة ان لديه خبرة طويلة وعلاقات مع التنظيمات المتشددة في العراق.

وفي ظل الهجمة على داعش ظهرت حالات إنشقاق عديدة لعناصر التنظيم وانضمام عدد منهم الى جبهة النصرة الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول مستقبل الجبهة التي لازالت تلقى قبولاً لدى غالبية المعارضين للنظام لا سيما أنها حققت العديد من الانتصارات في حربها على النظام خاصة في قرى وبلدات درعا وذلك على الرغم من حملها ذات الفكر والأيدولوجية التي يحملها تنظيم داعش مع الإختلاف في طريقة او آلية تنفيذها وتطبيقها على الأرض.

لكن ما مدى إحتمال إنتقال الحرب على داعش الى حرب على النصرة؟ في حال فعل عناصرها الجدد القادمين من داعش أعمالاً قد تشابه تلك التي ارتكبوها أثناء القتال تحت أمرة داعش وانتقال الصراع بعد ذلك ليصبح بين النصرة والتنظيمات الأخرى وانتقالها مستقبلاً الى تنظيمات أخرى وتحول جبهات القتال ضد النظام الى جبهات قتال بين التنظيمات الإسلامية بين بعضها، وهل من الممكن أن تكون نهاية الأزمة في سوريا عبر القضاء على تلك التنظيمات المعارضة بتوريطها بحرب جديدة فيما بينها حتى يتم القضاء عليها، فيما يستغل النظام تلك الصراعات القائمة بين القوى المعارضة على الأرض ليعيد ترتيب أوراقه ويبسط نفوذه على المناطق التي فقد السيطرة عليها في وقت سابق.

وهكذا قد يكون ذلك السيناريو الأقرب لإنهاء الأزمة السورية في ظل عدم وجود أفق لحل سياسي في جنيف وظهور خلافات سياسية داخل الائتلاف خاصة بعد إجراء الانتخابات الأخيرة في اسطنبول وسط التخوينات والاتهامات ببيع الأصوات لصالح أحمد الجربا ما جعل الائتلاف لا يلقى أية مصداقية ليمثل المعارضة في أي حل سياسي مستقبلي يتزامن ذلك مع عدم وجود رغبة دولية بالتورط أكثر في المستنقع السوري ووجود مصلحة أمريكية روسية مشتركة في إنهاء الصراع بأي طريقة كانت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات