الدمية والدنمة


كنت قد كتبت في مقالة سابقة، منذ أيام ليست بالبعيدة عن الدور التركي المنتظر في الشرق الأوسط والعالم، حيث أنني في إحدى فقرات المقالة وصفت ذلك الدور بالحيوي والإستراتيجي، وهذا الكلام الذي كتبته لم يكن مبني على تخمينات وتحليلات سياسية غير واقعية ،إنما من خلال ما نشاهده من ظروف متأتية أتت تباعاً بدءاً من الربيع العربي والبرنامج النووي الإيراني ،وانتهاءً في عدم الثقة بين دول الخليج والغرب أو بالأحرى كما سميتها في مقالة سابقة "العلاقات الأمريكية السعودية في مهب الريح" كل ذلك الذي ذكرته ،وما لم أذكره عمل على تقديم خدمة للدولة التركية، وجعلت منها موضع اهتمام وتقدير ،أقصد هنا حتى لا تحسب هذه الكلمة علي، موضع تقدير عند الشعوب العربية ،أما الأنظمة العربية فما زالت منشغلة بتدبير السلاح لتدمير ما بقي من مؤسسات ومواقع في تلك الدول، وما زالت تائهة ولا تعرف إلى أين تذهب !!!!??!.

كما أنها وللأسف،ما زالت منتظرة ومتخوفة في نفس الوقت ،من الدور التركي ليس من هذه الحكومة "حكومة أردوغان"، بل مما هو قادم من الأيام، فالحكومة التركية الحالية، كما تعلمون عملت خلال فترة وصولها الحكم على التواصل مع الدول العربية، وعملت كذلك على سد عجز الميزانية التركية، لا بل وصلت الموازنة في هذه الدولة إلى فائض لم تكن لتصله أبان "جماعة الإتحاد والترقي "!!!!! التي أشبعت الدولة التركية فساداً وظلماً وقهراً، هنا تبدأ القصة، قصة الدولة العلمانية........... .

الأتراك اليوم ربما يساورهم خوف ،وهذا الخوف متوقع وحقيقي نابع من قراءة التاريخ التركي، المبني على قصص جماعة الإتحاد والترقي ،كيف وصلت الحكم في تركيا....؟؟! تلك التي لم يسلم منها الشعب التركي ،لا بل وصل ظلمها وقهرها إلى الدول العربية وشعوبها المتخمة بالمآسي والأوجاع من تلك الجماعة ،التي حكمت تركيا بالسلاح والبارود والمشانق ،لكن الغريب في الأمر من الذي حكم تركيا ذلك الوقت ؟؟!!!على اعتبار أن الأتراك يقولون" لم نكن نحكم في تلك الفترة المزعومة من حكم تلك الجماعة" ،هذا السؤال متروك لكم للإجابة عليه ،وليس أنا ، المعذرة منكم ........!!!!!!!!!!.

ولاشك في أننا عندما نقرأ التاريخ التركي نتوصل إلى أن المجتمع التركي يتألف من مجموعات، جميعها وصلت الحكم ،وساهمت في صناعة القرار في تلك الدولة ، ومن تلك المجموعات "الدونمة " فمن هذه الجماعة ؟؟وكيف وصلت تركيا؟؟ وهل لها مستوى تمثيلي في الحكم ؟؟وهل هي كالجماعات الموجودة في العالم ،وتجدها مضطهدة ، أما العكس تعيش في ترف ونعيم ؟؟؟!!!!!!!!.

إن الدونمة هم جماعة يهودية رحلت من إسبانيا إلى تركيا، بعد طرد العرب واليهود من الأندلس، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين ،والملاحظ أنهم لبسوا وتزينوا بزي الأتراك والإسلام، وما هم بمسلمين، وذلك كي يسهل عليهم القضاء على الدولة العثمانية، وتقسيمها وإعلان علمانيتها ،ومن ثم مساعدة يهود العالم على السيطرة على فلسطين لاستيطانها .

نجد أيها الأحبة الكرام أن هذا الحلم قد نجح، ونجد إسرائيل أصبحت رمزاً من رموز الشرق الأوسط، وأصبح العرب مطالبين باستجدائها لإرجاع حقوقٍ اغتصبت في الماضي، وفلسطين والجولان والضفة الغربية واحدة من تلك الحقوق ،التي ضقنا ذرعاً في استجداء إسرائيل من أجل الحوار.

فاليهود لم يبدأوا خطوتهم الأولى في المسير إلى فلسطين، إلا بعد أن نحي الخليفة الأحمر عن الحكم ، وترأست الحكومة في ذلك الوقت "الدونمة" التي أخذت بعد ذلك تضطهد الأتراك والعرب وتكيد للإسلام ،هذا ما سوف نعرفه في سياق المقالة .

أخذت طلائع اليهود "الدونمة" تفد إلى سلانيك والأستانة ، بعد أن قذفت محاكم التفتيش الإسبانية بنصف مليون منهم في عرض البحر، تتقاذفهم أمواجه وموانئه، يتخطفهم المرض والجوع وأيدي القراصنة.

بلغ حقد الأسبان عليهم أنهم لم يخيروهم كما خيروا العرب ‘بين الرحيل بدينهم،أو البقاء مع اعتناق المسيحية، وإنما طلبوا منهم الرحيل الفوري أو الموت حرقاً بنار محاكم التفتيش .........!!! أتعرفون لماذا اتخذوا الأسبان هذا الموقف من يهود الدونمة؟؟؟!.

إن الأسبان كانوا يعلمون علم اليقين يقين لا يساوره شك أو لبس أن هذه المجموعات اليهودية الموجودة في إسبانيا سوف تفضل البقاء مع التظاهر باعتناق المسيحية ....لأن اليهودي لا يرضى لدينه بديلاً، وهذا الشيء أدركه الأسبان منذ البداية ولم يدركه الأتراك فيما بعد ، الذي سوف أعرج عليه في سياق المقالة.

وصلت طلائع يهود "الدونمة "القادمون من إسبانيا إلى تركيا ،و مجرد وصولهم تركيا تبوؤوا مكانة عظيمة ،ربما لم يصل لها الأتراك أنفسهم، وهذه المكانة لم تأت من فراغ ، فمجرد أن حطت رحالهم أرض تركيا بدءوا بأداء الفرائض والشعائر الدينية، وممارسة العادات التركية، لا بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فقد تسموا بأسماء تركية إسلامية، ولبسوا اللباس التركي الإسلامي؛ مما جعل منهم في نظر الدولة العثمانية في ذلك الوقت ضيوف مرحب بهم بشكل غير مسبوق، فالأتراك بحم عاداتهم الإسلامية اعتبروهم ضيوفاً عليهم، وتناسوا ما قام به الأسبان في سبب طردهم من إسبانيا، لا بل كان البعض متعاطفاً معهم، فهذا شيء غريب أحبتي أن نرى هذه المعاملة التركية ليهود الدونمة الذين حلوا ضيوفاً على الدولة التركية ،ولكن للأسف ليسوا كذلك في باطن الأمر ، بل عمدوا إلى إلى سياسة التخفي سراً في ممارسة طقوسهم الدينية، من قراءة للتوراة والتلمود وفي الظاهر يؤدون الشعائر الدينية من صلاة وصيام وغيرها من عبادات، وبدؤوا شيئاً فشيئا في الوصول إلى سدة الحكم .

قام يهود "سلانيك" بإقامة أول محفل ماسوني لهم ،وقد كان ذلك في زمن السلطان بايزيد الثاني وبعدها تتابعت المحافل الماسونية بحيث استطاعت هذه المحافل فيما بعد بمساعدة يهود العالم والدول الاستعمارية التي كانت تعمل على اقتسام تركة الرجل المريض "إنجلترا وفرنسا" ..........

استطاعت هذه المحافل أن تعلي وترفع من شأن يهود الدونمة في جميع المراكز الحساسة في جسم الدولة التركية، التي اعتبرتهم ضيوفا حلوا عليها لكنهم ليسوا بضيوف، حيث أصبح منهم الوزراء والنواب وقادة الجيش وكبار الموظفين والمسؤولين، لا بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فقد تولى "كاميل باشا" المحسوب على يهود الدونمة رئاسة الوزراء في أواخر عهد السلطان عبد الحميد الثاني، كما تولى "جاويدبك "في عهده أيضا عدة وزارات منها المالية.... شيء غريب حقاً لايصدق!!!!!!!!!!!!

....كون يهود الدونمة، كعادة اليهود دوماً ،كياناً مستقلاً معزولاً في جسم الدولة العثمانية فأخذوا خلال هذه الفترة بالا يتزوجوا إلا مع بعضهم البعض،كما ظلوا يحتفلون في اليوم الذي أعلن فيه "ساباتاي " إسلامه بصفته عيداً من أعيادهم إلا أن الحكومة اكتشفت عدم صدق "ساباتاي " في إسلامه، فنفته لذلك إلى سلانيك ،وهنالك مات ودفن .

وما زال أتباع "ساباتاي " موجودين في تركيا وسلانيك، وما زالوا كذلك يقفزون على ضفاف النهر الذي دفن بقربه ،ويرددون أثناء ذلك :(ياساباتاي نحن في انتظارك).كما أنه لا يزال للدونمة في تركيا مدارسهم ومقابرهم وحياتهم الخاصة بهم.

وهكذا بدأ رجال "الدونمة" التوغل في جسم الدولة العثمانية ، كما بدأوا هجوماً غير مباشر على أجهزتها المختلفة، وذلك لشل حركتها عن العمل ،وقد تمثلت خطتهم في إرهاق الدولة مادياً من خلال إيقاعها في تلك الديون لإضعافها، وبالتالي يسهل لهم السيطرة عليها بالكامل، فكما هو معلوم لدينا قديماً وحديثاً أن اليهود في العالم في تلك الفترة كانوا يسيطرون على أهم منابع الثروة في العالم خاصة الذهب، بالإضافة إلى سيطرتهم على سياسته ونفوذه، وحينما عجزت الدولة العثمانية عن السداد، وجدوها فرصة سانحة لإقراض الدولة الغارقة في ديونها ما يشاؤون ، حسب خطة مدروسة تمثلت بقيامهم بفرضهم مستشارين غربيين ،بحجة حماية ديونهم على ديونهم على الدولة .

وكان الغرض الحقيقي والأساسي من ذلك هو التجسس عليها وتوجيه سفينة الدولة حيث يريدون ، والتحكم في سياستها الداخلية والخارجية ، وقد نجوا في ذلك ،لدرجة أن السلطان ،في أواخر أيام الدولة ،ما كان يستطيع أن يعين ميزانية قصره ،إلا بمشورة هؤلاء المستشارين .

بلغ أوج تحكم "الدونمة" في الدولة العثمانية يوم أن فرضوا على عبد الحميد (الدستور) سنة 1908، وبعدها نفيه إلى سلانك سنة1909"" ومن ثم قتله في محفلهم الماسوني الأكبر، بأيديهم ،وبالتالي تشكيل وزارة فيها ثلاثة من اليهود الصرحاء‘الأكثر عدداً في جسم الدولة، التي بدأت بالتزامن مع هذا النفوذ ليهود "الدونمة" سياسات بدأت تباعاً لم تنتهي حتى وقتنا الحالي الذي وصل فيه حزب العدالة والحرية التركي إلى الحكم، تتمثل في سياسات تتريك الأتراك ومعهم العرب الحلفاء للدول العربية في ذلك الوقت،فقد نجحت لعبة الدونمة اللعبة الماسونية الأكثر غرابة في العالم ،لكن لم تنجح في الغرب بل نجحت في تركيا ومهدت بالتالي لوصول طلائع اليهود إلى الأراضي الفلسطينية وتبوؤهم مكانة مرموقة في دول ليس محبة فيهم لكن خوفاً وحذراً منهم ومن ألاعيبهم المجنونة ..

*بناء على ما تقدم أرى من وجهة نظري الخاصة :

أن الحكومة التركية بقيادة الرجل القوي والذكي أردوغان ،مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن تكون حذرة بشكل كبير، لما يحاك ضدها من دسائس ومؤامرات هنا وهناك ،وعليها أن تعلم جيداً أن هنالك مجموعات وأفراد يعملون في الظلام يروننا ولا نراهم ،خاصة في هذا الوقت وهذه اللحظات، التي أرى فيها تنامي غير مسبوق للعداء للحكومة الموجودة في تركيا ،كما أشعر بتنامي الشعارات العلمانية التي أصبحت في نظرنا ميتة بشكل مؤكد إلينا أن ذلك غير صحيح
.
إن مطالبتنا للحكومة التركية الحالية بالحذر والانتباه لما يحاك ضدها من دسائس لا يعني الرد بالمثل، واتخاذ قرارات تحسب غير مسئولة، تحسب فيما بعد ضد أردوغان وحكومته، مثلما حصل في مصر عندما اتخذ الرئيس مرسي قرارات بصورة متسرعة قضت على حكومته، وتوجهاتها نحو تعديل الدستور .

كما أن أردوغان مطالب اليوم بمحاربة أي قضية فساد تطفو على السطح، ومطالب كذلك بمحاربة الفساد في دوائر ومؤسسات الدولة دفعاً للضرر، وحتى لا تحسب ضده، وتفسر على أنه راعي لتلك المحاولات غير المسؤولة……..

*كما أرى من وجهة نظر خاصة:

إن على أردوغان والدولة التركية أن تتعظ لما آل إليه مصير الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية السيد" بيل كلنتون" ،عندما قامت عشيقته في السر المحامية المتدربة في البيت الأبيض "مونيكا لوينسكي" ،بفضحه علناً أمام الإعلام، وشاشات التلفزة الأمريكية، لمجرد أنه قام في فترة من الفترات أبان حكمه في الضغط على اسرائيل وتهديده بوقف المساعدات عن الأخيرة لحملها على المضي قدماً في عملية السلام في ذلك الوقت ،وكلكم تعرفون تلك القصة المشهورة ............عندها نتخوف حقيقة أن تصبح تركيا لا قدر الله "كالدمية في أيدي الدونمة"......!!!!!!!!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات