صراعنا ليس طائفيا والعلة فينا وبإيران


تتحدث تقارير استخبارية أميركية وغربية عما تصفه بفراغ السلطة الذي تعانيه منطقة الشرق الأوسط، وتشي بأن الزعماء العرب يتحركون لاحتواء هذ الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة الأميركية والقوى الغربية الأخرى في المنطقة.

لكن تلك التقارير لا ترى أن من بين القادة العرب من لدية القدرة أو حتى الإرادة للتحرك لاحتواء ما وصفتها بالأحقاد الطائفية التي بدأت تستعر بشكل لم يسبق له نظير، أو بلغة أخرى يتحرك لكبح جماح الفتنة في مهدها.

وكالات المخابرات الغربية ترى أن قيامة الشرق الأوسط قد دنت، وأن قوى نفطية متنافسة في المنطقة تقف وراء شلالات الدم المتدفقة في المنطقة بلا توقف منذ سنين، وترى أن إيران -بوصفها الأب الروحي للشيعة- والسعودية بكونها الأب الروحي للسُنة هما من تحملان أجندات طائفية مختلفة تحول دون استقرار المنطقة برمتها.

وبينما تعزو التقارير الغربية انتشار موجة التشدد والتطرف والعنف الدموي في الشرق الأوسط إلى انسحاب القوات الأميركية والقوات الغربية من المنطقة، وبالتالي تراجع الدور الأميركي وتضاؤل نفوذ واشنطن فيها، يرى محللون ومراقبون عرب وغربيون أن المنطقة كانت مضطربة من الأصل، وحتى قبل أن يضع الأميركيون أقدامهم على أرضها، سواء في العراق أو الكويت أو أفغانستان أو غيرها.

بعض المحللين يرى أن العم سام أو الولايات المتحدة تحاول استعادة هيبتها في المنطقة العربية والشرق أوسطية عن طريق محاولتها حل الأزمة النووية الإيرانية وسعيها لحل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن آخرين يرون أن السياسة الضعيفة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تسببت في إضعاف النفوذ الأميركي على المستويات العربية والإقليمية والدولية بشكل انقطع نظيره في التاريخ الأميركي.


ولكن، مهلا، فمن قال إن الشرق الأوسط يشهد صراعات على أساس طائفي؟ فالسعودية راعية العالم الإسلامي السني متهمة بالإسهام في إحداث انقلاب عسكري على أول رئيس مصري منتخب بشكل ديمقراطي هو الرئيس محمد مرسي، وهو مسلم سني.


والحكومة العراقية الشيعية برئاسة الشيعي نوري المالكي سبق أن قاتلت ضد فصائل شيعية مسلحة من ذات طائفتها في عام 2008، فالمالكي قاتل ضد ميليشيات جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر في عملية عسكرية في وسط وجنوب العراق، في ما سمي بصولة الفرسان.


كما أن بعض مسلحي العشائر العراقية السنية يقفون إلى جانب الميليشيات المسلحة الشيعية في القتال في محافظة الأنبار العراقية ضد عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهذه الدولة الأخيرة دولة سنية.
كما أن المالكي الذي ما فتئ يمعن في بث روح الانقسام الطائفي بين أبناء الشعب العراقي على مدار قرابة عامين، لا يزال يتمتع بدعم أميركي غير مشروط في نفس اللحظة.


وها هي المعارضة السورية التي توصف بالمعتدلة -وهي ذات أغلبية إسلامية سنية- تحارب ضد عناصر تابعة لفصائل إسلامية سنية، بالرغم من أن الطرفين المتقاتلين يعارضان نظام الطاغية الأسد.

فمن قال إن الصراع في الشرق الأوسط يتخذ الطابع الطائفي فحسب؟ ومن قال إن غياب الدور الأميركي هو السبب الوحيد في هذا الاضطراب وهذا الاقتتال الذي تخوضه منطقتنا العربية والإسلامية؟

بقي القول إن العلة فينا، فنحن العرب والمسلمون الذين نملك معظم ثروات الدنيا، ابتعدنا عن أن نأكل مما نزرع وأن نلبس مما نصنع، وابتعدنا عن التصنيع والتقنية والإبداع، وابتعدنا عن توفير قوة لحماية الحق الذي ندعيه، وابتعدنا عن الفضيلة والسماحة والعدالة والصدق والأمانة والمحبة والمودة والألفة والإيثار، مما جعل ثرواتنا تكون وبالا علينا.

فمن قال إن الشعب المصري العريق الذي كان ينتج أفخر أنواع القطن ويصدره ويصنع الملابس ويُرسل بالكسوة إلى الكعبة الشريفة -قبل أن يتولاها السلطان السوداني علي بن دينار، حافر آبار علي- أصبح -أي الشعب المصري- اليوم يعاني فقرا مدقعا بعد الانقلاب العسكري على الشرعية، وحتى صار يحتاج إلى الكساء والملابس المستعملة، التي تجود عليه ببعضها بعض الدول من بني جلدته!

كما أن أحجار مقام جدتنا زينب عليها السلام جنوبي دمشق –والتي تتخذ منها إيران وحزب الله وحسن نصر الله بلبنان ذريعة لقتل أطفالنا في سوريا- لم تزل قائمة ولم يدن منها أي مقاتل سني برغم الحرب التي تستعر بسوريا منذ قرابة ثلاث سنوات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات