الإرهاب واحد


ظل مفهوم الإرهاب غامضاً ومُختلفاً عليه بسبب التباينات والتعقيدات السياسية والدينية.

وظلت أهداف الإرهاب غير واضحة، فمرة يضرب بعنف لخلق أجواء من الخوف ضد جهات سياسية أو أتباع دينية أخرى، ومرة أخرى يبرر أعماله لأهداف أيديولوجية مستهدفاً متعمداً سلامة المدنيين الأبرياء.

وعرّف بعض المحللين الإرهاب "أنه العنف المتعمد الذي تقوم به جماعات غير حكومية أو عملاء سريون بدافع سياسي ضد أهداف غير مقاتلة، ويهدف عادة للتأثير على الجمهور".

ويمكن أن تكون أحد الاسباب التي تجعل من الاخرين ارهابيين هو عدم قدرتهم على إحداث تغيير بوسائل مشروعة، وأن توفير الأذن الصاغية لهذه الجماعات من شأنه أن يمنع حدوث او تفاقم الاعمال الارهابية في المجتمع.

وبرغم الاختلاف في الرؤى حول تعريف الارهاب، فإن هناك توافقا تاما حول خطورة الارهاب كظاهرة تهدد أمن و استقرار شعوب ودول العالم، وأنه لابد من وضع حلول ومعالجة شمولية للتصدي لها، عبر جهد دولي موحد يرسخ الدور الشامل والفاعل لمؤسسات الامم المتحدة.

ولا يوجد ما يبرر الاعمال الارهابية، فهي مدانة و مرفوضة، كما أن الارهاب لا دين له، وليس له هوية أو جنسية معينة، أو وطن له جغرافية محددة.

ويجب التأكيد على أن محاولة ربط الارهاب بالدين ستساعد الارهابيين، ولهذا لابد من تفاهم وتعاون جميع الاديان السماوية والوقوف في وجه الارهاب على قاعدة القيم المشتركة التي تربط الدول المنتمية الى أديان مختلفة.

بدأت الولايات المتحدة حربها على الارهاب "عقب أحداث 11 ايلول 2001 التي ادعى تنظيم "القاعدة" أنه قام بها.

وأصبحت الحرب الامريكية العسكرية والاقتصادية والإعلامية على الارهاب محورا مركزيا في سياسة الرؤساء الامريكيين، وشكلت هذه الحروب الخطيرة وغير المسبوقة خطرا يهدد أمن واستقرار دول العالم ، لكونها حربا غير واضحة ومتعددة الابعاد و الاهداف.

ولكن سياسة الولايات المتحدة الامريكية استغلت هذه الحروب، وحولتها الى حروب على الدول التي لا تخضع لهيمنتها، فعملت على احتلالها وإسقاط انظمتها، معلنة أن الهدف الرئيسي هو الحفاظ على السيطرة على منابع النفط، وحفظ أمن الدولة الصهيونية.

كما تحولت سياسة الإدارة الامريكية الى تبني سياسة الحروب المحلية، وتشجيع التنظيمات التي تقاتل الأنظمة التي لا تستطيع إخضاعها لنفوذها.

فبدأت ظاهرة الارهاب تتسع بإمداد ودعم امريكي غربي وإقليمي محلي حيث نرى مظاهرها في بلدان سوريا و العراق و لبنان.

ولكن اخفاق الارهاب من تحقيق إنجازات هامة، جعل امريكا تلجأ الى روسيا الاتحادية للاتفاق على انهاء الحرب الدائرة في المنطقة، والتوجه للحل السياسي للأزمات القائمة.

ويمكن اعتبار سنة 2013 بأنها سنة الارهاب، حيث سيطرت المنظمات الارهابية على اهتمام دول العالم، وأصبحت تتنبه للمخاطر المحدقة بها من هذه المنظمات، وأخذ المشهد الاعلامي والسياسي يركز عليها باعتبارها ظاهرة تثير الخوف لدى شعوب ودول العالم.

أما وسائل التصدي للإرهاب فهي متعددة الاوجه، فمنها الوسائل الامنية التي تستخدمها الدول لمواجهة ومكافحة الارهاب، وتعتبر من الوسائل الناجحة الى حد كبير لوقف خطره ، لان الارهابيين يستخدمون وسائل غير قانونية كحمل السلاح، وتفجير المباني، وتخريب مؤسسات الدول الاقتصادية والصحية والتعليمية، ويستعملون المجموعات البشرية كدروع حماية لهم .

فعلى الدول المستهدفة من الارهاب أن تكون لها القدرة العسكرية التي تتمكن بها وقف وصد الارهابيين، حيث تظل هي الوسيلة الاقدر و الانجح لكسر الارهاب و تصفيته.

ويلعب الاعلام بمختلف مؤسساته وهيئاته دورا هاما في التصدي للإرهاب، فلا بد للإعلام أن يمتنع عن نشر المواد الاعلامية التي تشجع التطرف والعنف ، وتشجع مظاهر التسامح و القيم، يساعدها على ذلك منظمات المجتمع المدني والنظم التعليمية وغيرها من الهيئات المؤثرة على المواطنين .

ويلعب المسجد دورا مهما في مقاومة الارهاب، وبخاصة أنه يستغل المذهبية والطائفية في تغذية التطرف و العنف. كما إنه يستغل الدين في تبريره لأعماله الارهابية، ونشر ماهو مضر بالدين الاسلامي بعد أن وقع العديد من الشباب المسلم في استعدائهم للآخرين الذين يمثلون التيارات الاسلامية المعتدلة .

فقد بالغت التيارات المتطرفة في العداء و الاستعداء، فوقعت في هذا الخطأ الفادح الذي يجب أن لا يُحسب على الاسلام بل عليهم هم وحدهم.

أما رأي الشرع في الارهاب فإنه من "كبائر الذنوب ويستحق مرتكبه العقوبة والذم". 

ومن الوسائل التي يمكن التصدي من خلالها للإرهاب، دعوة الأمم المتحدة الى عقد مؤتمر دولي لمعالجة هذه الظاهرة ووضع الوسائل الكفيلة للقضاء عليها وذلك بإجماع دول الأعضاء، ووضع ميثاق يحدد تعريفا مجمعا عليه "للإرهاب"، يميز المقاومة ضد الدول التي تحتل أراضي الغير عنه ويعتبرها مقاومة مشروعة لانتزاع حقوق الشعوب المحتلة أراضيها من الغير.

و يبقى السؤال المطروح :

من أين يستمد الإرهاب قوته ؟ وما هي الدول التي تدعمه ، وتساعده وتمنحه سهولة التنقل ، وتضع بين يديه أحدث الأسلحة ؟ .

إن الإرهاب واحد ولكن القائمين عليه و الداعمين له عديدون.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات