مقاربة هادئة للأزمة الإيرانية


لاشك أن المرشح الخاسر في الانتخابات الإيرانية للرئاسة مير حسين موسوي، هو ابن الثورة الخمينية وابن الجمهورية الإسلامية عن استحقاق.

والأمر نفسه بالنسبة لهاشمي رفسنجاني، الرجل الثاني في النظام، ورئيس مجلس الخبراء، المعني أصلاً بتعيين أو عزل الولي الفقيه، إضافة إلى الشيخ مهدي كروبي، ومحسن رضائي الوافد من «الحرس الثوري».. هؤلاء جميعاً الذين قادوا التظاهرات الأخيرة، اعتراضاً منهم على نتيجة الانتخابات التي فاز بها رسمياً الرئيس محمود أحمدي نجاد.. أبناء الثورة الإسلامية التي ناهز عمرها على الثلاثين عام.

وبالتالي لم يكن من الممكن اتهام أي منهم بالعمالة للخارج، أو أنه آتياً من (بيت) آخر، فالجميع أبناء البيت الواحد الذي أسسه آية الله العظمى الإمام الخميني، في ثورته الشعبية ضد الشاه وحكمه.

ولا أعتقد أن مطالب المتظاهرين في إعادة النظر بالانتخابات، وضرورة التأكد من نزاهتها من جهة، ومطالبهم بالإصلاح، وخصوصاً في محاربة التضخم والفساد والبطالة، هي مطالب غير محقة، على العكس إنها المطالب التي يجب أن تتحلى بها التيارات الشعبية الحقيقية التي تريد النهوض بالبلاد والعباد.

وإن كنا نحذر المعارضة من السير بعيداً بالشارع نحو تحقيق مطالبهم، لأنه يخشى من تصاعد حدة الانقسام واللجوء إلى العنف بصورة متزايدة، فإننا في الوقت نفسه نحذر الحكومة ومؤسساتها الأمنية من الإفراط في استخدام العنف، لأنه يفقدها جماهيريتها وتناغمها مع الشرائح الواسعة من الشعب الإيراني التي صوتت لمحمود أحمدي نجاد ولنهجه في الحفاظ على سيادة الجمهورية الإسلامية وعدم رضوخها للتحديات الغربية وعلى رأسها التحديات الأميركية.

ولابد من التأكيد هنا على أهمية هذا الحراك الشعبي الكبير الذي يدلل على عظمة هذا الشعب وعلى موقفه الفاعل من السياسة، وبنفس الوقت التأكيد على أن هذا الحراك يسجل نقطة في صالح النظام وليست نقطة ضده، لأن حرص النظام الإيراني على دولة المؤسسات ودولة القانون والديمقراطية في آن، هو الذي سمح لهذه الشرائح الشعبية والتي تقدر بالملايين للخروج إلى الشارع والتعبير عن رأيها.  

كثيرون من اعتبروا أن هذا التحرك هو بداية النهاية للجمهورية الإسلامية، وتناسوا أن النظام ليس في حالة عزلة شعبية في الداخل، ولا يمكن الاعتقاد بأن ملايين الأصوات التي أيدت محمود احمدي نجاد لم تكن مزورة بكاملها. فضلاً عن حضور المرشد الأعلى. ورصيد مؤسسات النظام على اختلافها. وان مفاصل النظام لم تصب بالشلل ولم تفقد قدرتها على القرار. وان المؤسسة العسكرية - الأمنية لم تظهر تبرماً ولم تشهد انقسامات. وبالتالي فإننا أمام نظام متماسك وان بدا مرتبكا بعض الشيء في معالجة الأزمة.

الغريب في الأمر هو الموقف العربي الرسمي، أو ما يسمى موقف دول الاعتدال العربي، يبدو أنها جميعاً تعتبر أن نهاية الجمهورية الإسلامية قد آنت، خصوصاً على الصعيد الإعلامي الرسمي وغير الرسمي، وربما لم يغرّد بعيداً عن هذا الموقف إلا وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، حين أكد على أن الرهان على إسقاط النظام في إيران هو رهان خاسر.

الأكثر غرابة، أن النظام العربي الرسمي، يبدو في موقف شماتة مما يحصل في إيران، وإزاء منظر الدماء التي تسفك في الشارع الإيراني، وتناسى أن هذا الدم قد سفك حقاً، في وقت ما، كرمى لتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، ألم يتهم هذا النظام إيران بدعم حزب الله اللبناني، في حربه الطويلة مع إسرائيل وأميركا وأدواتهما؟!!

وتناسى النظام العربي الرسمي، موقف إيران من حرب تموز وحرب غزة، حين وقف يتفرج على أطفال لبنان وفلسطين وهم يقتلون بالآلة العسكرية الإسرائيلية في حين لم يقف مع هؤلاء الضحايا سوى إيران وسوريا.

أليس غريباً هذه الشماتة (العربية) مما يحصل في إيران، في حين أن إيران شكلت نقطة توازن وردع ضد الغطرسة الإسرائيلية ـ الأميركية في الشرق الأوسط.

المثل العربي الأصيل يقول: إن لم تستح فافعل ما شئت، ويبدو أنه المثل الذي ينطبق اليوم على الموقف العربي الرسمي بمجمله.

 مدير العلاقات العامة في جريدة الحقيقة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات