إمكانية ظهور مانديلا عربي


بعد كل هذا التكريم للزعيم الراحل نيلسون مانديلا وذكر مناقبه الشخصية ومآثره على وطنه, يتلاشى حلم المواطن العربي بظهور شخصية عربية يسطر لشعبه السبق في التميز والعزة والحكم الرشيد كما الراحل الكبير وذلك لعدد من العوامل أهمها:-

1. مانديلا لم يكن مشروع لأحد, ولا فضل عليه سوى يقينه وفكره الإنساني الثوري, فحق له أن يكون مناضلا بشهادة الشرق والغرب وطوائف شعبه, وأصحاب القرار في العالم, ومعهم مستعبدي الشعوب من القوى العالمية.

2. الزعيم الراحل وحد شعبه على المحبة ونسيان الماضي أسوة بقول رسولنا الكريم لأهل مكة "اذهبوا فأنتم الطلقاء".

3. لم ينبهر بالحكم ومكتسباته فأتت إليه الزعامة مبهرة طيعة, ليكتب له التميز في حياته والتمجيد قبل دفنه والخلود بعد وفاته.

4. استعان بخصوم الماضي في إدارة وطنه, وأسس لمستقبل واعد للجميع, بطريقة لم يفعلها سوى أولي العزم من القادة الأفذاذ وفي فترة رئاسية واحدة, لم يقبل الترشح لغيرها !

5. لم يتحيز لطائفته وملته ولا حتى لزوجته "ويني" ولم يخبو إحساسه بالعدالة كزعيم ورجل قانون حتى على نفسه وأسرته.

6. لم يدعي عليه أحد بالكسب غير المشروع كما لم يسجل له رصيد مالي في بنوك عالميه !

7. الانسجام مع الذات فيما يؤمن به من حرية للشعوب المقهورة حيث كان معها في السعي لنيلها للحرية فكان مع فلسطين ومع العراق ومع ثورات الربيع العربي, ونصح الثائرون العرب بالتسامح ونسيان الماضي لبناء مستقبل أفضل زاهر, ولم يفعلوا !

8. لم تنطلي عليه التمثيليات الثورية ولا مع من يلمع له صورته, ولم يكن له تواطؤ مع الفاسدين, كما لم يكن حقودا ولا مرتجفا عندما يقرر, ولم يخيفه الجلاد وهو سجين, لا من قبل رئاسته ولا بعدها.

9. ودع الزعيم الإفريقي وألقى النظرة الأخيرة عليه عشاق الحرية ومعهم فقراء ومستضعفين, كما لم يستطع الغياب رؤساءه العالم المضطرين للحضور لأهمية مبادئ الرجل أمام شعوبهم !

10. لقد ادعى الكثير من زعماء العرب الثوريين صداقته مع الراحل الكبير- وبعضهم غاب بسبب انقضاء الأجل أو اندلاع ثورات الربيع العربي- لكن شعوبهم بقيت تدينهم وتلومهم بسبب التصاقهم بالكراسي والتخطيط لتوريثها لأبنائهم وبسبب تعسر الديمقراطية في بلدانهم, وغياب العدل وعقم صناديق الاقتراع, المبرمجة على نتائج ما تستفتى فيه شعوبهم, وكذا من غياب تكافئ الفرص, والعجز عن تحقيق أي تنمية مستدامة أوبني تحتية تصمد في وجه العاتيات, وعن بناء مجتمع يفتقر لتفعيل قوانينه نصا وروحا وتخلف مؤسساته عن العصر !

وعليه, فالتراكم الثقافي المضخم لدى المواطن العربي, ببزوغ فجر عن وحدة تجمع أشلاء أمته قد أفل ! وتطلعه لنموذج عادل كالخليفة العادل عمر بن الخطاب أو الخليفة المجدد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما لن يأتي على أجيال تعودت على المكاسب ولم تتعلم القيام بالواجب, علاوة إن على إعجاب الجيل بالقادة التاريخيين كصلاح الدين وقطز ومحمد الفاتح كإعجابه بأبطال المسلسلات ليس إلا ! ناهيك عن الفخر بدهاء العرب وموروثاتهم وسيرهم وفروسيتهم التي دونت في كتبنا بمنطق التميز على غيرهم من الشعوب في محيطهم وكأن تلك الشعوب نعاج !

وبقي فهم الحاكم العربي للحكم وممارسته كما القرون الوسطى, الذي أنشاء حكومات خلطت بين ممالك الأمس وجمهوريات العصر بالاسم, والحاشية المستنفعة لا تجد بدا من مدح الحاكم بكلمات ليست كالكلمات, حتى قيل لا يسئل عما يفعل وهم يسألون. وسبق أن قيل لأحد الحكام العرب من حاشيته "سيادتك أعدل من عمر" وقد قال شاعر من العرب لحاكمه يوما "ما شئت لا شاءت الأقدار...... فاحكم فأنت الواحد القهار" ومثل ذلك الخطاب كثير ومثل شاعره عديد في الحواشي !

وهذا تراث عربي نشاهده كل يوم في محطات إذاعة وتلفزيونات أمتنا الرسمية من الماء إلى الماء, وهذا لا ينتج منديلا عربي ولا ديغول عربي في الوقت المنظور, مع العلم أن كثير من الناشطين الدينيين والدنيويين وحتى الأفراد في أمتينا العربية والإسلامية يتوقع قرب ظهور المهدي عليه السلام أو الإمام الغائب قدس الله سره, ومنهم من قال أن المهدي قد ولد, ومنهم من يتوقع طلوع الشمس من المغرب والبعض يتوقع قدوم يأجوج ومأجوج ! ومنهم من يتوقع قيام القيامة, ولكن لم يتوقع أحد ظهور قائد عربي بحجم نيلسون مانديلا !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات