"الزعيم" بالنكهه الأردنية !


يبدو أن مشاهد المسرحية المصرية "الزعيم" قد تجذرت في العقل الباطن لدى كثير من نوابنا المحترمين فأسقطوا ذلك على أدائهم في مسرحية مجلس النواب ، حيث أنهم أبدعوا بتطبيق تلك المشاهد حرفيا أحيانا ، وأحيانا كثيرة بتنقيح وتعديل بناء على ظروف المرحلة .... ولكن نستخلص من كلتا المسرحيتان قوة تأثير المال والزعامة على كلتاهما ، فلا تكادان تفترقان في التأثير على معظم المشاهد .

في مجلس النواب ولا أستطيع تسميته مجلس الشعب .... لأنه مجلس للنواب حرفيا وواقعيا ..... ففيه يقضون مصالحهم وفيه يعبرون عن إنحرافهم ونرجسيتهم ومطامعهم ... ثم فيه أيضا يقايضون ولائاتهم ثم فيه يقبضون مكافئاتهم .... فهو لهم بغض النظر عن أي تسمية أخرى .

كل يغني على ليلاه ، والجميع يؤلف نشيده الوطني الخاص به ، سواءا عزفوا بشكل منفرد أو في جوقة إجتمعت على قواعد ركيكة ، يتنافسون على الكراسي تشريفا ، ويتكالبون على اللجان إما خوفا وإما طمعا وكما أسلفت كل يغني على ليلاه .

الفرق بين الممثلين في مجلسنا وبين الممثلين في مسرحية "الزعيم" هو أن نوابنا لا يعترفون بمراكزهم ولا مستواهم ولا قدراتهم بينما في "الزعيم" فالكل يعرف حدوده ومركزه .

أما بالنسبة لباقي أركان وأسس العمل المسرحي المتكامل ففي الحالتين هي واحدة ، فكل مسرحية بحاجة إلى مخرج وفي الحالتان هو مجهول يعمل خلف الكواليس فلا يراه المشاهدون ، ولكل ممثل في أي مسرحية له (سيناريو) يتقيد به ، ويسمح له في مشاهد معينة فقط الخروج عنه قليلا (لزيادة النكهه) ، لكل مسرحية منتج يتكفل بالمصاريف وبنهاية الأداء يجمع (الغلّة) من المشاهدين .

في الحالتين عند دخول المسرح يجب على الممثل التحلل من الأخلاق والمبادئ والدين والأعراف والقيم ، ولكن الفرق بأن الممثل في مسرحية "الزعيم" يفعل ذلك فقط لأداء الدور الموكل له ، ولكن النائب في مسرحية مجلس النواب يتقمص الشخصية ويعيشها بحذافيرها .... فيتحلل من الأدب والقيم ومن المبادئ والدين .

الجميع يستفيد و(يقبض) بعد أداء العمل المسرحي ، وجميع المشاهدين يضحكون .... ولكن الفرق بأن في الأولى فالمشاهد يعلم بأنها مسرحية وهمية لها أهداف ومرتكزات ورسالة .... وبالنهاية فهي تدخل الفرحة والسرور في قلب المشاهد ولكن في الثانية فلا يدري أغلب المشاهدين بأنها وهمية وأنها بلا أهداف حقيقية (إلا الخفية منها) ومرتكزاتها أصلا فاشلة ورسالتها خبيثة ولا تدخل سوى البؤس والشقاء على حياة المشاهد المغلوب على أمره .

في مسرحية "الزعيم" كنت تجد طوابير من المشاهدين الذين يدفعون المال لحضور العروض المسرحية بينما في مسرحية النواب فيدفع المشاهد (خاوه) لحضور العروض الهزلية بغير إرادته ولا رغبته .

ولكن للإنصاف فعروض مسرحية "الزعيم" إستمرت نحو ست من93-1999 سنوات على حد علمي .... بينما عروض مسرحياتنا النيابية فقد طالت من 93-2013 وهذا بسبب نجاحها والدليل هو تكرار عرضها بتنقيح وزيادة كل اربع سنوات وأحيانا كل سنتان (حسب إلتزام الممثلين بالنص) .

وأخيرا نصيحة فنية للمخرجين :

نعم أدخلتم العنصر النسائي "الزعيمات" ، وأدخلتم باقي الزعامات بطرق مضحكة ، وأكثرتم من أدوار ومشاهد أصحاب المال والبزنس في المسرحية ، وقد أبدعتم في (الإفيهات) حتى أن الشيطان وقف عدة مرات مصفقا لأنبهاره بأبداعات الممثلين .... ولكنها ومع الفقر المدقع الذي أوصلتنا إليه سيناريوهاتكم !! فقد صارت (كاللبان بلا نكهه) فبالرغم من القرف منها فلا نستطيع بلعها ولا (بزقها) فيا حبذا لو تُخلصنا منها ولنكتفي ب "الزعيم" مجلس الأعيان ، فعلى الأقل لا أحد يستطيع المنّ علينا بأننا قد أتينا به .... ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ملاحظة : كانت نهاية مسرحية الزعيم سعيدة ، حيث أن الخير أنتصر على الشر واستطاع البطل تخليص البلد من شر "صفقة" النفايات النووية التي "كمسن ويكمسن" عليها المستنفعين والبطانة السيئة .... فهل سيتمكن أحد من أبطال مسرحية النواب من أن ينقذ البلد من السموم "النووية" التي ستأتي "خاوة" إلى البلد .



تعليقات القراء

فانديتا
تحياتي الى الكاتبة الرائعة فعلا على هذا المقال الرائع الذي يلخص الواقع الذي نعيشه، واقول ان الحق على المشاهدين الذين رضوا بمتابعة هيك مسرحية واستمرارها،
12-12-2013 01:11 PM
محمد المجالي
شخصية المخرج اللغز ؟! هي ليست لغزاً ولكنه مكشوف وهو مخرج معين تعيين من قبل الامريكان والصهاينة وكل سنة او سنتين يقبلوا باجراء تمديد لعقده حتى تستمر المسرحية
13-12-2013 11:15 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات