الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة


جملة تقال أمام القضاة وفي المحاكم ويتم الالتزام بها بدافع ديني كالقسم أو أخلاقي كرفض ذاتي لدى الشخص أن يكون إنسان خارج عن منطق الانسانية ومفهوم الحق والباطل ، والكل يسعى إلى فهم هذه الحقيقة من وجهة نظره التي لابد وان تكون متماشية مع ما يحمل بين أضلاعه من ايمان أو مفاهيم يستند عليها في حياته ، وبعيد عن الجانب الديني في مفهوم قول الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة نجد أن البشر قد وقعوا في غياهب مفهوم الشيء الاخلاقي أو المبديء الذي يستندون اليها ، ويعود التباين بين البشر في تحديد تلك الحقيقة إلى الكثير من المتغيرات الاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية .

وحادثة فتاة " شهيدة " الفجر التي وقعت في الزرقاء واصابت الشارع الأردني بصدمة كبيرة وسمح في نفس الوقت للكثير من الروايات كي تبين اسباب ودوافع هذه الجريمة ، ولحساسية القضية لأن القتيل فيها فتاة وليس شاب تعامل المجتمع الأردني بحرص كبير مع تلك الراويات وخصوصا في شقها العشائري الذي ظهر كموقف موحد ضد الجريمة بعد اربعة ايام من وقوع الجريمة ، وهذه الحساسية جعل الموقف العشائري من طرف عشيرة الفتاة يتعامل بكل حنكة وواقعية لأن القضية تدور حول فتاة وليس شاب ، ولأن الموقف كان سوف ينقلب بكل قوة إلى جانبه العشائري العنيف لو أن الضحية في القضية هو شاب وله أسبقيات ومعروف عنه أن " أزعر " لقامت دنيا العشيرة ولم وتقعد ووصلت الأمور إلى صدام مباشر ما بين العشيرتين وصعب السيطرة عليه أو مجرد التفكير بحكمة في طرح طرق علاجه .

وهذه الحقيقة التي أبرزتها قضية "شهيدة الفجر" تجعل الواقع الجنائي الذي يصيب المرأة في المجتع يقع في شبهة " الشرف " وهنا تؤخذ الأمور بحكمة وروية ولاتبرز العصائبية والشعائرية وتبقى الأمور كلها تحت السيطرة ، وهنا يظهر هذا الجانب الحسن من العشائرية في قضية "شهيدة الفجر" فقط ولكن في قضايا الشرف الأخرى تنتفي تلك الحكمة والحنكة العشائرية وتعود الشعائرية إلى محكماتها الرئيسية والمتمثلة بشرف العشيرة وسمعتها وموقف بقية العشائر منها ويغيب العقل ويتم البحث عن جميع المخارج القانونية التي تؤدي بالمتهم إلى أن يصبح بطلا عشائريا لايمكن التعامل معه كمجرم .

والحقيقة الأخرى التي أظهرتها قضية" شهيدة الفجر" أن السياسة كمتغير في تحديد مفهوم هذه الحقيقة أن السياسي في الأردن ليس معني بالنتائج الكارثية التي تنتج عن قرارات قام بإتخاذها بناءا على مبررات غير مقنعة للشعب الذي يعطيه كسياسي صفة صاحب الولاية ، ورغم أن الاتهام الرئيسي وجه له كمسؤول أول عن توفير الظروف المناسبة لإرتكاب جريمة "شهيدة الفجر" جاء من السلطة الرقابية والتشريعية ومع ذلك بقي هذا السياسي ملتزما بالصمت تاركا للجهات الأمنية أن تقوم بدورها وبأسرع وقت ممكن للخروج من هذا المأزق الاجتماعي السياسي في نفس الوقت ، وجاءت الكثير من التصريحات الشعبية وعبر مواقع التواصل الاجتماعية لتؤكد هذه المسوؤلية في جانبها الشعبي ورغم كل ذلك فضل هذا السياسي أن يلعب دور الممثل الصامت ولكنه في نفس الوقت هو البطل .

وكلا الحقيقتين السابقتين تؤكدان حقيقة ثالثة أن فصل المسؤولية السياسية عن تبعات اخطاء قرارتها وفي نفس الوقت التعامل مع القتل " للشرف " يبقيان كلا من هذا السياسي وذاك العشائري في دائرة الاتهام لأن كلاهما قام بكيل قضية "شهيدة الفجر" بأكثر من مكيال لأجل إبعاد شبهة الاتهام عن نفسه ويمثل قول الحقيقة بالنسبة لكليهما يؤدي الى خروجهما من دورهم في المجتمع ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات