منديلا وقصة فلسطين .. ؟


- بالطبع ، لا يُمكني أن أزيد على ما قيل في المرحوم نلسون منديلا ، ولا بمقدوري إجتراح الجديد في الحديث عن عظمة رحلته النضالية بطابعها السلمي الإنساني ، التي أسفرت عن كسر شوكة التمييز العنصري ، الذي عانا منه السود وكما شهده شعب جنوب إفريقيا بأبشع الصور ، فمنديلا سيبقى منقوشا في ذاكرة البشرية على مدى الدهر ، كنبوءة ، فلسفة ومحراب صلاة للمؤمنين بالحرية ، ولكل من يؤمن أن الناس سواسية كأسنان المشط ، كما ورد في القرآن الكريم وسُنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

- أما إن كانت ثورة منديلا السلمية ستبقى مُخلَّدة في ضمائر الشعوب المقهورة ، المُستعبدة والتي تعاني من الفصل العنصري ، حتى يرث الله الأرض وما عليها ، فإن ما سأتوقف عنده كمفارقة بين حدثينهو :

- 1- تزامُن رحيل منديلا العملاق ، الذي يتماهى في أدائه قولا وفعلا مع القديسين ، مع جولة وزير خارجية الصهيوأمريكي جون كيري ، وتصريحاته حول ما يجري من مفاوضات بين الفلسطينيين والصهاينة ، وإنحيازه الواضح كوضوح الشمس للمحتل الصهيوني العنصري ، مؤكدا بذلك أنه في الوقت الذي يتباكى فيه رئيسه باراك أوباما على الراحل الكبير منديلا ، فهو يمارس الفصل العنصري بفعل المُحتل الصهيوني ، ليصبح هذا التباكي مجرد خداع ، كذب ، ديماغوجية وتغطية على وصمة العار المطبوعة في جبين الإدارة الأمريكية ، ومن قبل بريطانيا التي منحت ما لا تملك لمن لا يستحق في وعد بلفور سيئ الذكر ، مستخدمة منطق القوة بدلا من قوة المنطق ضد الشعب الفلسطيني ، الذي تم خلعه من أرضه ، تهجيره ، ذبحه وتعريضه للفصل العنصري ، الذي ما يزال مستمرا على مدى 65 عاما ، غير آبهة بالحق ، العدل والمساواة التي عاش ومات منديلا بنضاله السلمي من أجلها ،.

- 2 : لست ساذجا كي أتوقع ظهور منديلا فلسطيني أو عربي ، فنحن أمة ضاع دليلها ، تشوَّهت ثقافتها العربية الإسلامية ذات القيم الإنسانية الخلاقة ، فتضخمت الأنا عند أفرادها ، أحزابها ، جماعاتها ، جهاتها ، أقاليمها ، مشيخاتها ودويلاتها ، حتى فقدت شعوبها الحس الوطني ، وقد خضع الجميع من طبقة الحُكام وأطياف من الشعوب ، لنظرية أنا ومن بعدي الطوفان .

- 3 : على أهمية وعظمة منهاجية منديلا النضالية ، سبق أن دعوّنا الرئيس الفلسطيني ، المرحوم ياسر عرفات من قبل ، والرئيس محمود عباس من بعد ، وندعو عباس الآن أن يلبس ثوب المناضل الهندي غاندي ، وأن ينأى الرئيس عباس بنفسه عن الشُبهات ، ويؤكد حرصه الوطني على فلسطين الأرض ، الشعب ، حق العودة ، القدس والمقدسات بأن يقف أمام أجهزة الإعلام العالمية ، ويُعلن للبشرية أن الشعب الفلسطيني التواق للحرية ، الديموقراطية وحقوق الإنسان ، لديه الإستعداد التام أن يُسلم كل ما لديه من أسلحة بما في ذلك سكاكين المطبخ ، لتحقيق أحد حلين لا ثالث لهما لقضية فلسطين ، أو ما يُسمى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .

- الحل الأول : قيام دولة فلسطينية مُستقلة على كامل الأرض الفلسطينية ، كما كانت عشية الرابع من حزيران عام 1967 ، خالية من المستوطنات ، عاصمتها القدس الشرقية كاملة ، الإعتراف وتنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هُجِّروا من مدنهم ، بلداتهم وقراهم عام 1948 ، ويشمل هذا الحق ذرية الأجداد والآباء الأحياء والذين رحلوا عن الدنيا ، وكل ذلك هو ضمن القرارات الدولية وحسب شِرعة الأمم المتحدة ، مبادئ حقوق الإنسان ، إتفاقية جنيف الرابعة ، محكمة العدل الدولية وغيرها من المنظمات الدولية والإنسانية ، وبموجب إعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين كعضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة وبقية الهيئات التابعة لها.

- الحل الثاني : فتح فلسطين التاريخية ليعيش فيها العرب واليهود في دولة علمانية ، ديموقراطية بذات النسق الذي أسفرت عنه رحلة منديلا النضالية ، التي حولت دولة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ، إلى دولة أنموذج للحرية ، الديموقراطية ، الحق ، العدل ، حقوق الإنسان والمساواة بين البيض والسود ، الذين طالما تعرضوا لما يتعرض له الآن الشعب الفلسطيني ، من التمييز العنصري وتوابعه الإذلالية ، بهذا يتضح فقط مدى مصداقية أمريكا وحُلفائها الأوروبيين ، وبقية دول التي العالم التي تتغنى الآن بمنهاجية الراحل الكبير نلسون منديلا ، وبما حققه لشعبه من السود ومن ثم البيض من الإنسجام المجتمعي ، وما تبعه من نهضة إقتصادية ورفاه مجتمعي .

- هل يُمكن أن يفعلها الرئيس عباس...؟ ، لا شيئ على الله بعيد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات