أنفطن غيرنا؟


خطب رسول الله صلى الله علية وسلم ذات يوم ، فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا،: ثم قال :{ما بال اقوام لا يفقّهون جيرانهم ،ولا يعلمونهم ،ولا يعظونهم ، ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ، ولا يتفقهون ،ولا يتعظون ،والله ليعلّمن قوم جيرانهم ،ويفقهونهم ،ويعظونهم ،ويأمرونهم،وينهونهم، وليتعلّمن قوم من جيرانهم ،ويتفقهون، ويتعظون، أو لأعاجلنهم بالعقوبة في الدنيا }
إنها الأمة التي تحيا بالتناصح والتعاون على البر والتقوى،ويجير أعلاها على أدناها، ويتفاضل أبناؤها بالتقوى والعمل الصالح ،يتقرب أبناؤها لربهم بالنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم،وهي الأمة المحمدية بخيريتها التي أثبتها لها ربها في كتابه الكريم ، {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }
وهي ذات الامة التي اؤتمنت على منهج الله ،تبلّغه للناس كافّة ،وتخرجهم به من الظلمات إلى النور،وتشرع لهم نوافذ الحرية والكرامة، وتنقلهم عبر مرافيء الوحدانية المطلقة لله ،إلى شواطيء العدل ،وبر الأمان الربّاني ،الذي لا يعرف الملتجئون إليه خوفا ولا رهقا،ولكي تسقيم الحياة الكريمة للأمة ككل ،فإن على أهل العلم والفقه والحكمة فيها ،أن يقودوا مسيرتها ،ويتولّوا أمر الأمة التي كلفت بنشر الحق واعلاء لواءه للبشرية كلها ،وحمل الامانة الواضحة ،وإعلانها بكل تفاصيلها الدقيقة ،وأحكامها الإلهية المنسوبة إلى الخالق العظيم ،الذي خلق فسوى ،والذي قدّر فهدى ،اللطيف الخبير ،الذي اقتضت رحمته سبحانه ،أن يكون أمر الخلق إليه ،ومرجعهم إليه ،وأن تشرع أحكام الدين الذي ارتضاه لخلقه وفق حكمته وحده سبحانه {دينهم الذي ارتضى لهم }
ويسرّه صلى الله عليه وسلم أن يكون من أمته أهل علم وفضل وخير وجهاد، وتناصح وبذل، فيذكرهم بخير ويثني عليهم
ويغضب الرسول الحكيم الحريص على أمته ،حين يرى أقواما فقهاء،وقراء قرآن ومتفقهون في الدين ،وإلى جوارهم جيران لهم ،ظلّوا على حافة المعرفة،وهامش التفقه ، وكأنما الأمر خاص بهم وحدهم ،وكأنّه من غير المفروض عليهم أن يتولوا تفقيه غيرهم وتعليمهم ،وينطلق منذرا هؤلاء الذين غفلوا عن تعليم غيرهم وهم أقرب الناس إليهم {جيرانهم}،فالدين أمانة وتبليغه واجب ، والوعظ واجب كذلك على أهل العلم والفقه ،لأولئك الذين قصّر بهم حظهم عن بلوغ تلك المرتبة السامية ،مرتبة التفقه بالدين والعلم بالحلال والحرام ،والإحاطة بما تستقيم به حياة الفرد والجماعة ،فيعبّر الرسول صلى الله عليه وسلّم عن غضبه ،بطريقة توحي بفرضية التفقيه والتعليم والوعظ والنصح ،ويقرّ بأن الأمة التي لا يتناصح أبناؤها ولا تنطلق فيها حركة الإرشاد والتعليم ،في كل اتجاه هي امة أقرب للعقوبة في الدنيا قبل الآخرة،أولم تلعن أمم برمتها قبلنا لتركهم الامر بالمعوف والنهي عن المنكر ؟،بأنهم{كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه}
ويغضبه صلى الله عليه وسلم ،أن يكون هناك ناس من أمته سلبيّون ،لايعلمون ولا يبحثون عن العلم ،ولا يفقهون ولا يبحثون عمن يفقّههم ،لا يتّعظون ولا يتعبون أنفسهم بالسؤال ،وهم يحسبون أنّ ما يفعلونه كاف ،على أي وجه كان أداؤهم له ،فيلزمهم صلى الله عليه وسلم بالتعلم من جيرانهم والاتّعاظ بأقوالهم وأفعالهم ،وإلأ فالعقوبة تشملهم لعدم بحثهم وسعيهم للتفقه والتبصر، بما ينجيهم ويرفع عنهم الحرج .
والصحابة يتساءلون ،يارسول الله أنفطّن غيرنا ؟ ويأتي الجواب ،بنفس العبارة المحذّرة {والله ليعلمن قوم جيرانهم وليعظنهم وليامرنهم ولينهونهم وليتعلّمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا }،وتستجيب الصفوة المؤمنة لأمر الله ورسوله ،وتنطلق الكوكبة المتناصحة ،وقد طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يمهلها عاما ،للتعلم والتناصح والتدارس،وقد أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،أنّ التعلم والتعليم والتناصح فريضة لاتحتمل الخيارات المتعددة ،فهل نعي الدرس وندرك كيف وصل أولئك الطيبون إلى أعلى مراتب الحضارة والسيادة بين الأمم ،وكيف صرنا اليوم إلى مانحن فيه ،وكيف نتدارك مافات؟؟
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات