تحضيرات ما قبل جنيف -2-


تعمل جميع الأطراف المتناحرة في سوريا على قدم وساق استعداداً لعقد جنيف إثنين، وحتى تلك الأطراف التي رفضت المشاركة بالمؤتمر، إذ تشير التقارير القادمة من الداخل السوري أن كل الأطراف تحاول تحقيق إنتصارات ونجاحات عسكرية على الأرض لتكون في موقف قوي أثناء المفاوضات المزمع عقدها في الثاني والعشرين من الشهر المقبل. ؟"

التحضيرات على الأرض تشمل عمليات عسكرية بدءأ من حلب وريفها شمالاً وحتى درعاً وريفها جنوباً مروراً بمدينة معلولاً التاريخية التي تبعد 55 كيلومتراً عن العاصمة دمشق والتي دخلت على خط المواجهات ولم تسلم من قذائف ونيران جبهة النصرة التي دخلت المدينة عنوة وسيطرت على نحو خمسة وثمانين بالمئة منها، لكن ما مدى أهمية مدينة معلولا في نظر من يدعون أنهم ثوار ( جبهة النصرة) وما الذي سيقدمه تدمير الأديرة والكنائس في معلولا وخطف اثني عشرة راهبة من هناك مع العلم أن معلولا لا تشكل أي أهمية استراتيجية او حتى عسكرية إذ يرى البعض أن دخول معلولا ما هو إلا لتوريط المسيحيين في سوريا أو بتعبير آخر معاقبة بعض المسيحيين على موقفهم من "الثورة"!!

وعلى ما يبدو أنه جن جنون كل الأطراف المتقاتلة لتحقيق ما تستطيع من نجاحات عسكرية قبل عقد المؤتمر وكأن الجميع في مسابقة مع الزمن، فالنظام يتقدم على جبهات حلب وريف دمشق خاصة بعد سيطرته مؤخراً على مدينة دير عطية التي عاثت جبهة النصرة فيها فساداً وقتلت من سكانها من قتلت على الهوية!! فيما لا زالت المعارك دائرة في أماكن أخرى بمشاركة ميليشيات طائفية من كلا الطرفين وعلى رأسها ميليشيا حزب الله اللبناني والذي أكد أمينه العام بالأمس مجدداً في مقابلة تلفزيونية على مشاركة عناصره في المعارك.

المجتمع الدولي بدوره والذي يكتفي بدور المراقب لما يدور في الداخل السوري، بدأت مخاوفه بالظهور تدريجياً من تفاقم الأوضاع وخاصة من إزديادة نفوذ التنظيمات المتطرفة، كان آخرها تصريحات الموفد الأممي والعربي الأخضر الابراهيمي الذي حذر من تحول سوريا إلى صومال كبير وهو الأمر الذي يدل على مدى سوء الحالة التي وصلت اليها سوريا في الوقت الراهن.

وأعود لموضوع معلولا والأماكن الأثرية والدينية التي تعرضت للتدنيس في ظل المعارك الدائرة، فمدينة معلولا ليست أول منطقة ذات طابع ديني وتاريخي تتعرض للتدمير أو التنديس فقبلها تعرض جامع خالد بن الوليد التاريخي في حمص الى دمار هائل بقذائف النظام وحتى الجامع الأموي في دمشق طالته قذائف الهاون التي أطلقتها المعارضة التي كانت تستهدف بعض الأحياء المسيحية في منطقتي القصاع وباب توما وغيرها الكثير من أماكن تاريخية تعرضت للقصف والدمار كسوق حلب القديم والجامع العمري في درعا.

والسؤال حول ما ستؤول اليه الأوضاع على الأرض استعداداً لجنيف اثنين، فعلى ما يبدو أن مسلسل القتل والتدمير في أوج عمله الآن لتحقيق مكاسب سياسية على طاولة المفاوضات وفي أروقة الفنادق بجنيف وخلف جدران الغرف المغلقة فيما يعتقد معظم السوريين أن قرار الحرب والسلم لا يأتي إلا من الداخل ومن أرض المعركة وأن قرارات جنيف القادمة ما هي إلا حبر على ورق لا سيما في ظل وجود تنظيمات غير سورية على الأرض لها أجنداتها وأيدلوجياتها الخاصة ولن تنجلي عن الأرض السورية حتى تحقيق مآربها وأهدافها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات