تطور الإعلام الرقمي في الأردن


إن كان ثمة للمطبعة إنجاز، فتشكيلها للثقافة الجماهيرية " Mass Popular Culture " في الصحافة العالمية دليل على استطاعتها القيام بدورها الدور التنموي، وفي الأردن جاء دخول المطبعة في عام 1923م ضمن استحقاقات تأسيس الإمارة الأردنية عام 1921م، وهذا نابع من ادراك مؤسس الدولة الأردنية الملك عبدالله بن الحسين لأهمية الصحافة ، فأصدر " الحق يعلو" أولى الصحف الأردنية ، ومن ثم تبعها صدور أول صحيفة رسمية مطبوعة جريدة الشرق العربي في عام 1923م.

كما كان لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية يوم 25 أيار 1946م، انعكاسا ً على تطور قطاع الإعلام والإتصال، وابان هذه المرحلة صدر دستور عام 1952م، ليشكل أول قانون للمطبوعات والنشر في الأردن، والذي نصت المادة الثانية منه على " أن الصحافة والمكتبة والمطبعة حرة ولكل شخص الحق في حرية التعبير عن رأيه، واذاعة الاراء والأنباء بمختلف وسائل النشر ولا تقيد هذه الحرية الا بحدود القانون"، فكان ما يميز هذه المرحلة اهتمام الدولة الأردنية بالصحافة ودعمها، والتي ظهرت خلالها الصحافة اليومية وترسخت، حيث برزت المؤسسات الإعلامية الكبيرة المتطوره في مستواها المادي والفني، فصدرت جريدة الدستور عام 1967م، والرأي عام 1971م.

وبتاريخ 27 أبريل عام 1968م، اعطى جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال إشارة البث لإنطلاق التلفزيون الأردني، ليكون اداة اتصال وتواصل مع العالم، وفي مطلع التسعينيات وفي ظل الثورة التقنية التي شهدها العالم، أصبحت دائرة الأخبار في التلفزيون الأردني أول دائراة أخبار في الوطن العربي تدخل نظام الحاسوب في معالجة وتحرير الأخبار، وتم بعدها في عام 1993م إنشاء قناة الفضائية الأردنية ليصل البث المباشر إلى المنازل على المستوى المحلي والعربي والعالمي.

وفي القرن الحادي والعشرين واكب الإعلام الأردني الثورة الرقمية، وجاء هذا الأهتمام من لدن صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حيث أكد جلالته ان حرية الصحافة سقفها السماء، وهذا تعزيز من جلالته للحرية الصحفية واستقلال العمل الإعلامي، ولما يتمتع به الاردن من اتساع هامش الحريات ، وتقدم في استخدام تقنية الحاسوب وتكنولوجيا الاتصال، فقد كان من الطبيعي أن تنتشر الصحافة الالكترونية، ويزداد تأثيرها واتساعها. وقد ساهمت الصحافة الالكترونية في الاردن بنقل الاخبار والاحداث، والتعليق عليها بجرأة وصراحة وشفافية، بالاضافة الى سرعة نقل المعلومة, وأضافت طابعاً جديداً ذا نكهة خاصة وبمذاق مختلف في حرية التعبير، كما لفتت أنظار المسؤولين إلى مشاكل الناس، وهمومهم مما ساهم في معالجة العديد من قضاياهم.
ودخلت الصحافة الإلكترونية على المشهد الإعلامي في الأردن، وذلك بأن عملت الصحف المطبوعة الأردنية على إنشاء نسخ الكترونية لصحفها الورقية، مما زاد من اعدادا مطاليعها، وفي عام 2006م صدرت وكالة عمون الإخبارية لتكون أول صحيفة إلكترونية أردنية متخصصة إخبارياً ، وظهرت بعد ذلك صحف إخبارية أخرى مثل وكالة أنباء سرايا وموقع خبرني ورم أونلاين والسوسنة، وسما الأردن، وغيرها حتى تجاوز عدد الصحف الالكترونية الآن حاجز المئة .

وانعكاسا ً للثورة الرقمية أنشئت في الأردن العديد من الهيئات الحكومية والخاصة بقطاع الاتصال والاعلام، كشركة فاست لينك في عام 1994م، وشركة الاتصالات الأردنية عام 1997م، وشركة أورانج الخلوي في عام 2008م، بالاضافة إلى تطوير انشاء وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردنية عام 2002، وتفاعلاً مع الثورة التكنولوجية كان أول شارع رقمي يدخل موسوعة غينيس في العالم " شارع شفيق ارشيدات" في شمال الأردن عام 2011م، وقد احتوى على 130 مقهى متخصص في الشبكة العنكبوتية، وبحسب مؤتمر قمة الاندماج العاشر الذي نظمته مجموعة المرشدون العرب لقطاع الاتصال في العالم العربي لعام 2013، أكد الخبراء " أن نسبة انتشار الخدمة الخلوية في الاردن ارتفعت قياسا بعدد سكان المملكة لتصل الى 141 بالمئة، موضحين أن اشتراكات اشتملت على شرائح الخلوي من الجيلين الثاني والثالث، بما فيها اشتراكات الجيل الثالث التي تتيح خدمات الإنترنت عبر الموبايل أو أجهزة الحاسوب، في وقت أصبحت فيه الشبكات الرئيسية الثلاث للاتصالات المتنقلة تقدم خدمات الصوت والإنترنت عريض النطاق باستخدام تقنيات الجيل الثالث. وبينوا ان سوق الخلوي الأردنية تعد من الأكثر تنافسية في المنطقة، وذلك عندما احتلت المرتبة الثانية كأكثر سوق تنافسية من بين 19 دولة عربية. وأكدوا ان استخدامات الأردنيين للاتصالات انتقلت مؤخرا من المفاهيم التقليدية للاتصالات، فلم يعد الاستخدام يقتصر على الصوت والرسائل القصيرة، وذلك مع الانتشار المتزايد لاستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية؛ حيث تشير أرقام أخرى الى أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة يقدر بحوالي 4 ملايين مستخدم، منهم 2.6 مليون مستخدم لشبكة فيسبوك" .

ولم يقف تطور الإعلام والاتصال في الأردن عند هذا الحد، بل تطور على المستوى الاكاديمي والجامعي، فأصبح يدرس الإعلام والإتصال في العديد من الكليات الإعلامية في الجامعات الأردنية، كالمعهد الاعلامي الاردني، وجامعة اليرموك، وجامعة الشرق الاوسط للدراسات العليا، وجامعة البتراء، وجامعة الزرقاء الأهلية، وجامعة جدارا، وهكذا إن المتامل في علاقة الانسان الأردني بتكنولوجيات الاتصال والإعلام ، يظهر أن من انعكاسات التعرض لتقنيات الثورة الرقمية تجاوز ما يطلق عليه " الفجوة الرقمية"، لذا جاء التطور الرقمي للإعلامي الأردني متاوزياً ما بين المؤسسات الإعلامية الصحفية، والمؤسسات الإعلامية الاكاديمية، التي أسهمت في تأهيل وتدريب الإعلاميين الأردنيين ليكونوا على كفاءة واقتدار في اداء رسائلهم الإعلامية على المستوى الوطني بشكل خاص، وعلى المستوى العالمي بشكل عام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات