يقولون في الاعلام المقروء والمسموع والمرئي بأن على الكاتب او المذيع ان يكون محايدا فيما يقدم من طرح لقضية او موضوع , وانا اقول على العكس يجب ان يكون الكاتب أو المذيع غير محايد في أي قضية يطرحها للنقاش, فلا حياد في الاعلام كما يروج البعض له ,فالمذيع او الكاتب عليه ان يكون مع او ضد ,المهم ان يكون مقتنعاً فيما يتكلم ويكتب ويطرح بموضوعية.

فأنا عضو في نقابة المعلمين اضطررت لان اكون عضواً فيها رغم عدم قناعتي بوجودها اصلاً لما سيترتب عليه من نتائج سلبية على الابناء وتربيتهم وتعليمه, ولكن نظامها الالزامي والاجباري قاتله الله دفعني لذلك , فقد حدث بالامس القريب أن قام احد اعضاء مجلس النقابة لزيارة مدرسة كلية الحسين في عمان بلا اذن ولا استئذان , ولعل ما جرى فيها من ممارسات ليست للاخلاق التربوية فيها مكان , هو ما دفعني للكتابة عن النقابة بكل امانة وتجرد وموضوعية , فاقول ان نقابة المعلمين قد بدأت بالانتحار .

اكتب عن تلك الزيارة التي قام بها عضو النقابة ( ب, ح) يوم الاربعاء الموافق 27/11/2013 الى مدرسة كلية الحسين في عمان , ليعلم المعلمين وابناء الشارع الاردني الى اين وصلت النقابة بما جرى من استهتار بحرم المدرسة وتجاوز القوانين الناظمة لعملها , والاخطاء التي ارتكبها الزائر بحق مدير المدرسة, متسائلا بألم ومرارة : هل وجدت النقابة لترويع الآمنين في مدارسهم وتعكير صفو العمل التربوي ؟, ام لتكون بيتا دافئاً للمعلمين يحرص على بناء مستقبل الاجيال , ويوفر الامن والطمأنينة للمدير وللمعلمين والطلبة واولياء الامور ؟ .

فلا ادري , لماذا كلما نجحت مدارسنا بخلق السكينة والطمأنينة للمعلمين والطلبة للسير بعجلة التربية والتعليم في جو هادئ يوفر لهم افضل الوسائل والسبل للتحصيل العلمي , جاء اليها من ينغّص عليها مع عظيم الإجلال والتقدير هذا الجو الهادئ؟.

فقد اشتكى مدير مدرسة كلية الحسين الثانوية ومعه العديد من المعلمين قيام احد اعضاء نقابة المعلمين باقتحام المدرسة دون استئذان , ودون علم او تخطيط مسبق , ودون ادنى مراعاة لحرمة المدرسة وكرامة العاملين فيها , وبطريقة غير مسؤولة , الامر الذي اربك مدير المدرسة وطاقمها وخلق لهم جواً ساده الفوضى كاد ان يتطور لما لا يحُمد عقباه لولا حنكة السيد المدير وزملائه باستيعاب القضية , والذين ترفّعوا عن الخوض في هذا المستنقع الآسن، ورفضوا الانسياق وراء غايات تلك الزيارة الملوثة بالخبث وسوء الطوية .

وهذا التصرف غير المسؤول من عضو النقابة إن صحت اقوال المدير والمعلمين يدفعنا لطرح التساؤلات التالية والتي قد تبدد الاجابة عليها بعضاً من حيرتنا : بأي حق يأتي هؤلاء المسؤولون في نقابة المعلمين ليقضّوا مضاجع الآمنيين في مدارسهم ؟ , فهل العضوية في نقابة المعلمين سلطة او ضابطة عدلية مُنحت للأعضاء فأصبحت حق وملك لهم لكي يتصرفون حسب اهوائهم واهدافهم الشخصية والتي تمثلت جلية وواضحة بالطلب من مدير المدرسة للشكوى على نائب رئيس النقابة ؟ , وهل عضوية النقابة تعطي الصلاحية لعضوها إصدار الاوامر لمدير المدرسة للتفتيش على سجلاته الادارية والتدخل بمهنية العمل ؟.

نتطرق لتلك الحادثة وما رافقها من احداث , لنرى بانها تحمل في طياتها ألوانًا عجيبة من الكيدية التي لا تعتمد على أساس، ولا تعبّر إلا عن رغبة محتقنة في نفس صاحبها لعدم رضاه عن اعضاء النقابة , والعكس صحيح , فالرسائل الكيدية ليست مقتصرة على الكتابة في الخفاء بعيدًا عن أعين الناس ولا تحمل اي اشارة لكاتبها او مُرسلها كما يتوهم البعض ، بل هي تشمل كل قول أو عمل يسيء للآخرين ويكيد لهم.

فالمعلم الاردني الغلبان لم يقاتل من اجل ايجاد نقابة له لتحريض المعلمين على الاعتصامات وعدم دخول الغرف الصفية وتشريد الطلبة في الشوارع , بل يريد فعل المستحيل لتوفير راتب تقاعدي اضافي له اسوة بنقابة الاطباء والمهندسين ليتفرغوا لتدريس الطلاب بأمانة .

فما جرى في مدرسة كلية الحسين من تصرفات غير لائقة وتدخلات غير مقبولة وقبلها في العقبة من مطالب غير شرعية ادت الى تشرد الاف الطلبة في الشوارع , واستياء اولياء الامور من تلك التصرفات , والخلاف الذي يعصف بجسم النقابة في مختلف فروع المحافظات , واحساس المعلمين بأنهم كانوا عبارة عن جسر عبر عليه بعض الاعضاء لمناصب اكبر , او لمآرب سياسية خفية , واستئجار مقر للنقابة على طريق المطار بمئات الاف الدنانير سنوياً , واستفراد جهة سياسية بعينها في القرار التربوي , لدلالات قوية تؤشر على قرب انتحار نقابة المعلمين .

وقفة للتأمل :" لن تغفر لنا الاجيال استمرارنا في الرجاء وعقدنا الآمال على المجهول ونحن نراوح في أمكاننا دون أدنى تغيير يذكر , وخالق الكون سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه العزيز: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ".