إيران: انتخابات مزيفة؟


هل أن يكون استعداد مجلس صيانة الدستور في إيران لإعادة فرز الأصوات، شيئا ما مريبا حقا قد حصل؟ هل يمكن أن يكون وقع لجوء إلى تزوير واسع أو كبير بما سمح بقلب النتائج فأصبح الخاسر فائزا والفائز خاسرا؟ لا دليل قطعيا على ذلك ولكن لا شيء في المقابل منع تصاعد الشكوك في الداخل والخارج حول حدوث تلاعب في النتائج. في الداخل تم التعبير عن ذلك بالمظاهرات الاحتجاجية وحرق وتخريب عدد من المرافق العامة والمحلات ووصلت إلى حد سقوط قتلى، أما في الخارج فقد عكست بالكاد بعض التصريحات الحذرة من عواصم كبرى اتهامات متفاوتة الوضوح بخصوص احتمال حدوث تزوير أطاح بموسوي وأعاد نجاد لفترة رئاسية ثانية.

في كل الأحوال لا يبدو أن اللون الأخضر الذي اختاره المرشح الإصلاحي موسوي يحمل بشارة خير على عكس ما هو معروف عن الأخضر، فإذا كان لهذا اللون مكانة خاصة في ليبيا تحول مع ذلك من استعماله في منافسات انتخابية غير موجودة أصلا فإن لهذا اللون قصة تزوير شهيرة في تونس عام 1981 حين فازت قوائم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين المعارضة الخضراء لكن النتائج زورت، بشهادة مسؤولين كبار بعد سنوات، ليتحول الأخضر إلى أحمر لون الحزب الدستوري الحاكم فولدت تلك النكتة الشهيرة التي صارت على كل لسان وقتها وهي أن انتخابات تونس النيابية كالحناء تكون خضراء حتى إذا طلع عليها النهار صارت حمراء!

وطالما أن ما يحوم حاليا لا يتعدى الشكوك أو الشبهة فإن تحري الأمر بشكل مستقل وقاطع في بلد كإيران أمر معقد للغاية إن لم يكن مستحيلا، حتى أن محمد علي أبطحي مستشار الرئيس السابق محمد خاتمي الذي قال إنه لا يساوره أدنى شك في أن الانتخابات مزورة اعترف في ذات الوقت بأنه "لا يمكن العثور على أدلة". ومع أن المرشح مير حسين موسوي لجأ إلى "مجلس صيانة الدستور" في بلاده لإنصافه إلا أن الأمر بدا للوهلة الأولى مستبعدا ليس فقط بسبب تركيبة هذا المجلس الذي يعينه مرشد الثورة الإسلامية بل لأن هذا المرشد نفسه بارك النتائج مما اعتبر قطعا للطريق عمليا وسياسيا أمام أي تحقيق جدي في هذه النتائج ناهيك عن إلغائها كما يطالب البعض.

وفي غياب الأدلة، إلى حد الآن على الأقل، تروج سيناريوهات متعددة من أبرزها ما كشفه المحلل الإيراني المقيم في لندن علي نوري زادة في مقابلة مع تلفزيون "المستقبل" اللبناني من أنه في الساعة الواحدة والنصف ظهرا بتوقيت طهران يوم السبت أحد المديرين في وزارة الداخلية بموسوي وهنأه طالبا منه إعداد خطاب الفوز إلى الشعب، وهو ما فعله الرجل فعلا، لكن "كل شيء تغير بعد ساعة، حتى أن وزير الداخلية أمر بطرد موظفين من الداخلية، ولم يسمح لأي موظف بالدخول إلى الوزارة لأن جزءا من الموظفين يدعم موسوي". ويصل المحلل الإيراني، الذي لا يمكن التأكد تماما من صحة ما أورده، اللهم إذا أكده موسوي نفسه، إلى حد اعتبار أن "خامنئي قام عمليا بانقلاب عسكري وطعن شعبه في ظهره" وعبارة الانقلاب العسكري هذه رفعها أيضا بعض الإيرانيين الغاضبين في مظاهراتهم بالولايات المتحدة.

لقد عرفت دول عربية وإسلامية في الآونة الأخيرة انتخابات شفافة وذات مصداقية حتى وإن لم تكن هذه الدول ديمقراطيات غربية عريقة لأن لها سقفا يحكمها: كان هذا السقف في الكويت العائلة الحاكمة، وكان في لبنان الطائفية واتفاق الطائف، وكان يعتقد أن سقف إيران هو نظام الثورة الإسلامية وما دونه حر ولا شبهة فيه لكن هذه الصورة اهتزت بقوة فإما أن يتم التأكد من نزاهة سير الانتخابات الأخيرة وإلا فلعنة التزوير ستظل تلاحق السلطات الإيرانية بغض النظر عن مدى الحقيقة الكاملة لذلك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات