دولة بلا هيبة , شعبٌ بلا أمل


يؤلمني الحديث عن هيبة الدولة العربية بجميع تفاصيلها التي تروي انهيار الأرث السياسي والاخلاقي لمنظومة المواطنة وتحول الدولة من دولة القانون وصون الحقوق والحريات الى دولة مياومة لا يأمن المواطن من بوائقها الامنية والاقتصادية على نفسه ومستقبل اولاده , فمع تأسيس الفكر السياسي القائم على نظرية العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم ( المواطن وحكومات الوطن ) في جميع دول العالم باستثناء الدول العربية جرى تفويض قانوني يعطي فيه المواطن للدولة ممارسة صلاحياتها السيادية بأسم المجموع كمطلب رئيسي لانشاء الدولة المدنية والحفاظ على ديمومتها وهيبتها اللازمة لغايات النهوض والمساواة والحياة الكريمة .

لدينا في الدول العربية تختلف الصورة كثيراً , فالمواطن المحروم من حقوقه الاساسية ويقبع تحت خط الفقر وانعدام الكرامة وتحت قدميه ثروات لا تملك دولته التي تدعي الهيبة قراراً سيادياً لاستخراجها بالمقابل يحصل المواطن على كافة حصته من الاهمال والاقصاء والفقر والظرائب القسرية وسياسات التشليح الممنهج لبناء القصور للطرف الثاني في العقد الاجتماعي والمشاريع الوهمية وتدشين مؤسسات الفساد وبناء منظومة للامتيازات للبعض واهمال باقي سكان الدول بأسم القانون وخيبة الدولة التي يسمونها هيبة !! .

حتى تستمد هيبة الدولة حضورها وفاعليتها باحترام المواطن وممارسة المواطنة بشكلها الصحيح يجب عليها بالمقابل ترسيخ مبدأ سيادة القانون والحفاظ على حقوق رعاياها , فشعور العداء والكراهية الموجه من المواطن للدولة حين نراه يخرج ليحرق ويكسر ويتلف الاموال العامة ويعتبر المال العام غنيمة باردة وسرقة بالحلال ويعتبر الاعتداء على رجل الأمن رجولة ما كان ليحدث ابداً في حال شعوره بهيبة القانون المطبق على كل المواطنين لا فرق بين وزير وعامل ورئيس ومواطن ولا حماية دستورية لفاسد كونه وزيراً وما كان ايضاً ليحدث في منظومة الدولة الرعوية التي تكفل الحقوق الاساسية للمواطنين باعتبارهم دافعي ظرائب تذهب من جيوبهم لمصارفها السليمة بدلاً من سياسات الهدر المقصود للمال العام في الدول العربية سواء , في ظل تلك المنظومة اللاخلاقية بين الحكومات العربية وشعوبها نستطيع ان نجد تفسيراً لعدم اكتراث الاغلبية بمستقبل البلاد والمناخ السياسي فيها وتدني نسبة المشاركة في الانتخابات التي تنتهي بالتزوير غالباً وحتى التظاهر ضد حكومات افرزتها صناديقهم الانتخابية او اختارها نوابهم , فأين الدولة وهيبتها حين عجزت عن توفير مياه الشرب لمواطني الدول العربية ومزارع الوزراء والرؤساء تعوم فوق الآبار الارتوازية واين هيبة الدولة في تطبيق القانون على البعض وتهريب السجناء والتغاضي عن غسيل الاموال وترك جرائم المتنفذين بلا حساب وأين الدولة وخيبتها من قضايا الفساد الكبرى حين استنزفت جيب المواطن وما تزال وأين الدولة بهيبتها واجهزتها الامنية والرقابية العاجزة عن لجم مؤسسة الفساد واسترداد اموال الشعب .

حين نرى الفاسدين وعرابي الخصخصة ووزراء لا يملكون الشعبية ولا الشرعية بالمناصب خارج السجون ونرى القلق المزمن في عيون الصغار والكبار على حال البلد بتلك الفوضى التي نعيشها فاسألوا ساعتئذٍ عن هيبة الدولة !! وتعالوا ندعو الوزراء للحديث عن هيبة الدولة فنحن بحاجة الى الضحك كثيراً فقد مللنا اخبار الصحف اليومية الممتلئة باحاديث العجز الاقتصادي الحكومي والعجز الجنسي للمواطن والظرائب المبتكرة ليلاً لكي يدفع المواطن فواتير عهر الحكومات العربية نهاراً .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات