الثورة الرقمية طريق لجيل جديد من العقول الإبداعية


في عصر السماوات المفتوحة شكلت معطيات الثورة المعلوماتية أو الرقمية تسأولا ً لدى النخب من المفكرين والعلماء في شتئ المعارف، "إلى أي مدى أسهمت الثورة الرقمية في صناعة ابداعات تساير الطريق السريع نحو المعرفة؟ ولكون المعرفة الرقمية واحدة من ركائز التنمية المعرفية والثقافية، عمدت الشعوب لتوظيف التكنولوجيات الإلكترونية المتقدمة، في معظم مجالاتها الاتصالية والعملية، وبوجه أخص الكمبيوتر والإنترنت.

انقسم المنظرون في ماهية الأبداع الالكتروني إلى فئتين، الفئة الأولى: رفض ما يطلق عليه الأبداع الالكتروني، وتفنيدهم لذلك، وينطبق هذا الرفض بوجه خاص على مايعرف باسم الموسيقى الرقمية التي يعتمد أصحابها في تأليفها على نغمات (مقتبسة) من أعمال الآخرين والتلاعب في ترتيبها وإعادة توزيعها ومزجها عن طريق الكمبيوتر الذي ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بكل دقة وكفاءة يعجز عنها البشر، بل إن هذا يصدق على جانب كبير جدا من الإنتاج العلمي والأدبي والثقافي. فالتكنولوجيا الرقمية تساعد دون قصد على اللجوء إلى (القرصنة) وتتستر عليها - إن صحّ القول - وتخفي معالمها تماما بقدرتها الفائقة على المزج وإعادة الترتيب والتشكيل بحيث يبدو العمل في آخر الأمر كما لو كان إبداعا أصيلا. (وقد سبق لنا أن تعرضنا لهذه المسألة في مقالنا عن «التكنولوجيا والثقافة الرقمية» - مجلة العربي نوفمبر 2008).

والفئة الثانية: أشاد بدور الرقمنة على تطوير المواهب والابداعات، والفيصل في ذلك، أن هناك جهود كبيرة داعمة للابداعات الرقمية، بل أن هناك ضخامة مالية عالية تتبنى هذه الطاقات، والتي كان من دورها صناعة الادوات التكنولوجية الرقمية التي حدت من الفجوة المعرفية لدى البشرية، فثمة ابداعات وطاقات تقف وراء هذا تطور تقنيات الاتصال العالمية، واذ اردنا أن نعود لأختراع المطبعة، فهي ابداع بحد ذاته، وطباعتها الكتب والمجلات صنف أخر من الأبداع حمل بين دفتية أعمال ضخمة من المعرفة والادب، والتي من دورها ايصاله للجماهير، وبدأت عن طريقه سلالم المعرفة والثقافة، ولولا السير في هذا الطريق لبقي العالم في غياهب الجهل والتخلف.

ونطرح الصحف كمنجز رقمي إبداعي، يمازجه على صفحاتها الابداع الفكري والثقافي والسياسي، فلا نستطيع أن نغيب دور الثورة الرقمية في بناء النسل الابداعي المتطور، وبهذا استطاعت الرقمنة حفظ التراث العلمي والثقافي للامم والشعوب، ضمن نسخ الكترونية، سهلت الوصول اليها في هذه القرية الكونية الصغيرة، فأصبح لدى الفرد فرصة مطالعة المكتبات الرقمية والتي جاءت بديلا ً عن المكتبات التقليدية، ويعزى الفضل في ظهور المبدع الالكتروني إلى توظيف التقانة الرقمية في مجال النشر والطباعة وولوج الحاسوب عالم الإبداع الأدبي، وذلك يعني أن مفهوم الكاتب نفسه بصدد التغير جذريا ً، ففي الماضي كان " الكاتب" هو من يصدر له كتاب أو أكثر، واليوم صار بمقدور أي كان أن ينشر ما يشاء على الانترنت، أننا غدونا على أبواب تعريف جديد للكاتب، فتغيرالوسيط من صورته الورقية إلى صورته الالكترونية، أدى إلى تغير شامل مس أطراف ومكونات العملية الابداعية، مكن المبدع الإلكتروني من التعديل المستمر لنصه الإبداعي، بفضل الوسيط الجديد – الذي لولاه لما استطعنا اليوم التفريق بين المبدع الورقي والمبدع الإلكتروني- ضرب المبدع صفحا ً عن القلم والاوراق ليستعمل الآلأت والبرامج ويبدع بواسطتها ويطور فيما كان يطور العمل الابداعي نفسه، إن المبدعين اللإلكترونيين " لم يعودوا يهتمون النص الظاهر فقط، بل بالنص الخفي أو البرنامج، ويعملون على الابداع في هذا المجال أيضا؛ لأن تطوير البرنامج يؤدي إلى تطوير في العمل ذاته، وهذا طور النص الورقي إلى نص الكتروني شامل، أو نص فائق تشعبي عنكبوتي.



تعليقات القراء

سمير الرهايفه
لقد ابدعت في هذا الوصف ايها الكاتب الاخ اسامة الحطيبات والاى الامام ...
25-11-2013 01:50 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات