لا للعنف الجامعي .. لا للتسويف


إسطوانة العنف الجامعي أصبحت بما تحمله من محتوى أسود حالك الظلام يعكس ضيق الأفق الذي ينتهجه البعض غير آبه بانعكاساته وإفرازاته الخطيرة التي تأتي على كل ما تم بناؤه وانجازه ... فكم هو مؤلم ان يتكرر العزف على هذه السيمفونية الممجوجة، والذي يرتبط بعدم الوعي ويرتبط بالإنغلاق والتعصب الأعمى الذي يقود المشهد....صحيح أن هناك حكماء في مجتمعنا الاردني، و قادة فكر جامعي وتربوي في وزارة التعليم العالي وفي جامعاتنا يتألمون لواقع الحال كتبوا ودعوا الى وضع حد لهذه المهازل التي تحدث من وقت لآخر في بعض جامعاتنا، ولكن مازال هناك تدخل سلبي يقف حائلا أمام الحلول والمقترحات. لقد كتبت قبل عدة اشهرحول العنف وجاء في المقال" كم جاهة توجهت لتعالج مشكلة حصلت بين مجموعات من الطلبة مستهترة بأعرافنا الأكاديمية وتقاليد العشيرة النبيلة التي تدعو للإخاء والتسامح ولكنها إنقلبت فيها الموازين على عقب فأصبحت تأخذ طابع العصبية العمياء والجاهلية الجهلاء وتركنا الساحة للبلهاء والمتهورين والموتورين ليقودنا جنونهم الى نفق مظلم لانعرف له حدا أو مدى وأنطبق على حالنا القول المأثور "مجنون رمى حجر في بير ... مية عاقل ما بطلعه" ... ان هذا البئر ليس لواحد بعينه فهو لنا جميعا والكل يشرب منه ولا يجوز بحال من الأحوال السماح للمجانين والسفهاء ومثيري الفتنة في تعكير صفاء مياه هذا البئر وتلويثها".

الأسبوع الماضي إجتمع معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع رؤساء الجامعات لوقف التداعيات التي حصلت في جامعة البلقاء ولدراسة ظاهرة العنف في بعض الجامعات، وهذه بادرة مسؤولة ولكن هل هناك حلا سحريا لوقف حلقات هذا المسلسل التراجيدي المؤلم؟ إن ذلك ليس مسؤولية وزارة التعليم العالي والجامعات وحدها وإن كان عليها مهمة كبيرة تجاه ما يحدث، ولكن الأمر متشابك ومتشعب الأطراف في ظل التعصب وضيق الافق ونقل سلبيات المجتمع الى الجامعة الأمر الذي يستدعي مناقشة المشكلة بشمولية وعمق ودراسة كافة أبعادها التربوية والاجتماعية والتعليمية بل والاقتصادية وسمعة جامعاتنا على مستوى الإقليم، سيما وأن هناك طلبة يدرسون من خارج المملكة في جامعاتنا.

الحل في رأيي المتواضع هو من السهل الممتنع... وهو أن نلغي كلمتي "العنف" و "سوف" من قاموسنا اللغوي والفكري وأن الطريق الى ذلك ليس صعبا أو مستحيلا حيث أن تشخيص أسباب العنف ليست بحاجة الى ذكاء زائد فهي معروفة للقاصي والداني حيث أصبح تشخيص المرض واضحا فالفجوة تكمن في كلمة "سوف" المسكينة التي حمّلناها أكثر مما تتحمّل أوتطيق سوف نعمل....سوف نتأخذ إجراءات.....سوف نضع حدا...سوف...سوف... وفي واقع الحال لم نستطع لغاية الآن من إجتثاث هذه الظاهرة الخطيرة وأن نضع حلولا عملية لها سوى بعض الحلول الجزئية الآنية وقت حدوث المشكلة أحيانا والتسويف والتأجيل وترحيل المشكلة أحيانا أخرى.

واجب الإدارات الجامعية أن تفعّل القوانين والأنظمة تعاقب المسيء والمستهتر كائنا من كان حفاظا على هيبتها ورمزيتها وأهدافها وفلسفتها، وفي الوقت نفسه تكافيء المجتهد والملتزم بالقوانين والأنظمة من أبنائنا الطلبة.

واجبنا كأساتذة جامعات يتعدى إعطاء المحاضرة المتخصصة في التاريخ والطب والهندسة والرياضيات ... مهمتنا أكبر من ذلك بكثير ونحن نستمع إلى إسطوانة العنف ونرى ما تتركه من مشهد لا يرضى به عاقل... واجبنا أن نحافظ على المنجزات التي بنيت وشيدت ... واجبنا أن تكون قلوبنا وعقولنا مع هذه المؤسسات لانسمح بالأخطاء التي ترتكب هنا وهناك دون متابعة ومسائلة ... واجبنا أن لا ندافع عن الخطأ أيا كان مصدره وأن نسعى لتصويبه قبل أن يتفاقم تأثيره ... واجبنا أن ننكر ذواتنا ما أمكن لا أن نسعى وراء كل هم شخصي فقط ونترك هذه المؤسسات يعبث بها الدهماء والضالة والجهلاء بسبب ضيق أفقهم وتعصبهم دون محاسبة وتمر الأمور بسهولة مما يشجّع أصحاب النفوس غير السوية للتمادي والإساءة الى مؤسساتنا التعليمية والتربوية.

فهل نحن قادرون على خلع كلمة عنف جامعي من قاموسنا الأكاديمي وهل نحن قادرون على إلغاء كلمة "سوف" التي تجر وراءها التسويف والتأجيل غير المرتبط بالفعل المؤثر لوضع حد لمشكلة العنف المجتمعي والجامعي معا. أعتقد أن شطب كلمتين من قاموس لغتنا العربية لا يضير هذه اللغة الجميلة الواسعة التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية في شيء حفظا لكرامة وأمن مجتمعنا وصونا لحرم جامعاتنا المقدس. وحمى الله الأردن قيادة وإنسانا ومقدرات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات