إنقاذ الإعلام الورقي بعشرة .. !


ليس صحيحاً أن الصحافة الورقية ستندثر بتقدُّم الإعلام الإلكتروني، فسيظل لهذه الصحافة رونقها ومريدوها وتميّزها، على الرغم مما تُواجهه من تهديدات وتحديات، وفيما يتصل بالشأن المحلي، أعتقد، باختصار، أن ما يلزم لإنقاذ صحافتنا الورقية من أزمتها الراهنة أمور عشرة:

الأول: التطوير المهني والخروج من النمط التقليدي في تحرير ونشر الخبر، والخروج من الإنشائية المُفرِطة في التحليل أو المبالغة في التهليل، وهو ما يجب أن ينعكس على الصفحة الأولى للصحيفة أولاً ومانشيتاتها الرئيسة.

الثاني: التحرُّر من الرقابة الذاتية المبالغة من خلال ممارسة دور مسؤول مهني وحرّ، بعيداً عن الزج بالصحيفة في دهاليز الوهم والخوف من المساءلة على ممارسة المهنية الصحفية بكفاءة وموضوعية وحياد.

الثالث: إفساح المجال أمام مجالس إدارات الصحف لممارسة صلاحياتها كاملة بمسؤولية وموضوعية، دونما تدخلات من أي كان، بما في ذلك تعيين رؤساء التحرير الأكْفاء، واضعين باعتبارهم مصلحة الصحيفة أولاً وتطلعات الناس لما يريدونها منها دون أي اعتبار آخر.

الرابع: الانتقال من نهج صحافة الحكومات إلى نهج صحافة الوطن، وإذا كانت الحكومات تبحث عن منابر إعلامية لها، فمن حقها أن تؤسّس المنابر التي تريد ومن حرّ مالها، ولكن بعيداً عن الخلط بين صحافة وطن وإعلام حكومة، علماً بأن اكتفاءها بنشر آرائها وأخبارها وتوجّهاتها في إطار مساحة الرأي والرأي الآخر دون سيطرة هو الأفضل لها والأكثر تأثيراً.

الخامس: عدم تدخّل رأس المال في العمل الصحفي المهني، والفصل بين الإثنين فصلاً تامّاً، للحفاظ على حرية الكلمة ومسؤوليتها، ومن أجل تطوير العمل الصحفي لكي يواكب التوجّه الديمقراطي، لا بل لتمكين الصحافة من ممارسة دورها في تجذير ديمقراطية المجتمع والسلطات.

السادس: إفساح الفرص أمام الكتّاب الحقيقيين الأحرار من أصحاب الفكر والرأي، وليس "الكتبة" الإنشائيين من أبواق السلطات ليأخذوا مكانهم على أعمدة الصحف، وكسب المزيد من القرّاء، وبالتالي الحوز على ثقة الرأي العام..!

السابع: تطوير وسائل تفاعلية حقيقية مع الجمهور، والتركيز على دور موضوعي ناقد للسلطات، يعيد للصحافة ألقها وقوتها كسلطة رابعة تمارس دورها الرقابي بمهنية وحياد.

الثامن: تحسين آليات الإعلان والاشتراك كرافدين أساسيين لتمويل العمل الصحفي وإبقاء الصحيفة على قيد الحياة، بحيث تكون جاذبة لمختلف الأطياف المجتمعية، وبناء منهجية قائمة على المراجعة والمشاركة مع هذه الأطياف، بما ينعكس على تقديم وسائل وطرق إعلانية متطورة تُغري المؤسسات الصناعية والتجارية والاجتماعية بالإفادة والإقبال على الإعلان.

التاسع: التدريب والتطوير الدائبين للكوادر الفنية والتحريرية في الصحف لتواكب تطورات الصناعة الصحفية العصرية.

العاشر: التخلص من الحمولات الزائدة في كوادر الصحف، لا من أجل تخفيض النفقات فقط، وإنما لكونها معيقة للعمل والتطوير، ومحبطة للكوادر الفاعلة والناشطة.

إذا استطاعت أي مؤسسة صحفية من مؤسساتنا الصحفية الوطنية أن تفعل ما ذكرت، فأعتقد أنها ستكون بخير، وستسترد عافيتها وألَقَها، وسوف تكون قادرة على المنافسة في ظل سوق إعلامية مكتظة، والسبب أنْ لا شيء يغني عن الصحافة الورقية إذا كانت صحافة حقيقية حرة لا تخضع للضغوطات أو لتعليمات جنرالات القمع في الأنظمة الشمولية سواء الناعمة منها أو الخشنة..!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات