سوريا .. منوارة في حيز اللعم


بين النعم واللاء تعيش أغلبية الاطراف العربية تجاه الازمة السورية وتبقى حالات الانتظار والترقب أكثر من نظرياتها لتقرير وتحديد المواقف ,هذه الضبابية في تحديد مستقبل سوريا تكشف مدى ضعف التفاهم العربي ومدى الهوة بين الانظمة وتباين استراتيجياتها ,حتى أن توازي التفكير ظهر جليا في آخر مسألة تعلقت بضرب أمريكا لدمشق جراء استخدام الكيماوي.

يقول أحد السياسين الامريكيين أن" ربيع سوريا أخطأ التوقيت وبدأ ونحن لم نعلم" هذه الجملة تظهر مدى أهمية التوقيت والعلم به,فالاثنين الكبار وتركيا وطهران ,كلها شعرت أن الازمة بدأت بالغليان ولم تنضج رؤاهم تجاهها بعد , فبدأت ايران مسرعة بضخ المسلحين وتطبيق الاتفاقيات السرية المنعقدة مع نظام دمشق وبدورها روسيا" تاجر السلاح في قرية الثكالى "مارست ذلك بطريقة الدب الروسي وأمريكا كالعادة تمارس سياسة لاخر لحظه مع فرد للعضلات من باب التذكير , وتركيا عين وأذرع عند الحدود وأذن في مجلس الامن, وذلك كله منح الاسد رفاهية في التفكير لا سابق لها وحول الازمة الى مناورة سياسية جعلت كل الاطراف تخفي نواياها وكانت ليالي الحرب السورية همس للحديث فيها.

فكانت أمريكا تحاول حفظ خط الرجعة وتبرير صمتها بخطها الاحمر وروسيا تفاجأت من الفاتوره الخيالية لديون العسكرية على سوريا فأصبحت استراتيجيتها اطالة الحرب قدر الامكان اضافة لابعاد فوضى الحرب الاهلية عن اقاليم الاقليات الروسية وايران بعد انكشاف دورها بدأت باحياء الدبلوماسية الايرانية مع امريكا بخصوص برنامجها النووي في محاولة لشراء تناسي امريكا عن الوضع السوري كتهديد لمصالحها ,وتركيا بين ذلك كله تعيش انفصام سياسي عميق ستخسر بسببه ما بنته من تايد شعوب المنطقة لها,فقد اتهمت الكثير من الجهات اردوغان أنه يتعامل بما يخص المنطقة نسبة لوضع حزبه في الشارع التركي فكان حزب الحرية والعدالة التركي يتباين المواقف السياسية حسب قربه او بعده عن الانتخابات البرلمانية وبسبب وضعه الحساس مع الجيش فتهديد اوردغان بالتدخل عند الحدود مع سوريا ما هو الا ضجيج اعلامي.

ومع فشل الابراهيمي في تحديد موعد لجنيف 2 فان كل الانظار تتجه فورا للواقع الميداني واحتمالات لقرب حدوث تغير كبير في شكل الازمة بين الحر والنظامي وأن كل القوى تلعب في الوقت بدل الضائع محاوله لضخ كل ما تستطيع لانهاء التباين في آراء الكبار تجاه ما يحدث ,ولغة اللعم كما قلنا ستكون أم اللغات لحين تغير الواقع الميداني ,فلا تعلو اصوات المنابر قبل أن تهدأ أصوات البنادق ,وقد كان الكثير من العرب يعول على الخبرة المكتسبة من حرب تحرير الكويت والتقليل من دور الدب الروسي وتجهيز سيناريو حرب الخليج الثانية في مكاتب السفارات العربية لتطبيقها مره أخرى على الواقع السوري ولكن ما لم يفكر به العرب أن أزماتهم أصبحت مرتبطة ببعضها البعض عند الفكر الغربي ,فلن تقتنع امريكا أن ذهاب نظام الاسد سيرافقه هدوء في المنطقة مع بقاء نظام ايران وحزب الله المتاخم للحدود مع اسرائيل وحالة عدم الاستقرار في مصر ولن تقتنع روسيا بان بيع نظام الاسد سيجني لها امن قومي وحضور سياسي في الايام القادمة وهي ترى أن الوضع السوري وبعده الايراني بيدها سياسيا على الاقل ولن تفكر في المال ما دامت تجنية من بقاء الازمة قائمه ,فكل القوى المؤثره تبحث عن تغير شامل في المنطقة يقودها لتقسيمة جديدة في المصالح والاستراتيجيات .

وبغض النظر عن مستقبل الازمة, فسوريا "آخر معاقل البعث" قد أعلنت عن قرب انهيار آخر دعامة للاجماع العربي ,والتسلسل الزمني المحاذي لتغير السياسي أظهر هذه المره ومثل كل مره أن الشرق الاوسط هو مفتاح الحل والمشكلة لاكثر معضلات العالم الاقتصادية والسياسية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات