سياسة التطبيل والتزمير


يعتبر الصمت من أجمل الفنون الحديثة في ظل سياسة الطغيان السياسي والاقتصادي في هذا الزمن الرديء بكل ما تحمله الكلمة من معنى .

نعيش اليوم في زمن يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ ، حيث عرف بن منظور الرويبضة: هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعدعن طلبها، والغالب أنه قيل للتافه من الناس لُِربُوضِه في بيته، وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة.

حيث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أموراً ستحدث في مستقبل الأيام وهي حاصلة في واقعنا المعاصر، منها: أن يتمكن التافه من الكلام، وكأن الأصل أن لا يتكلم إلا العاقل الحكيم.

ومما يزيد المشكلة عمقاً ومساحة أن يكون هذا وأمثاله ممن يتناول أمور الجماهير فيساهم في تضليل الرأي العام، وتوجيه العامة إلى مستوى طرحه كتافه قاعد متقاعس، أو على ضعفهم فوُسِّد أمرهم لرويبضة، يصف الرسول صلى الله عليه وسلم الزمن الذي يصول فيه الرويبضة بالسنوات الخدّاعات، ذلك لأن الأمور تسير خلاف القاعدة، فالصادق يُكذَب والكاذب يُصدَّق، والأمين يُخَون والخائن يُؤتًمن، والصالح يُكمَّم والتافِهُ الرويبضة يُمكن.

بات اليوم واضحاً وجلياً قول الحبيب فيـــــما نراه اليــــــــوم من تقــــــلب الأحــــــوال وكثرة المهرجين الذي يعتلون المنابر ويقولون ما لايفعلون بل تطرز الصحف مقالتهم الجوفاء الخالية من المعاني النبيلة والمضامين الهادفة وأقصد هنا التخصيص لا تعميم، والتي تهدف غالباً إلى تضليل الرأي العام ، لكي يتم استثناء الرأي ... من الحوار الفكري السياسي، ومن يتتبع سياسة التطبيل والتزمير تراه سرعان ما يترقى ويغرف الأموال ويصبح له جاه وسلطان وصولجان ، بينما ينطبق على هذا الحال على ما ورد في آدب المتنبي حيث قال:

لا تأسفن على غدر الزمان لطالما....رقصت على جثث الأسود كلاب

لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسودا والكلاب كلاب

تبقى الأسود مخيفة في أسرها......حتى وإن نبحت عليها كلاب

تموت الأسد في الغابات جوعا... ...ولحم الضأن تأكله الكــلاب

وعبد قد ينام على حريـــر............وذو نسب مفارشه التــراب

أعتقد بأن الشعوب العربية كما هو الحال لدا المجتمع الأردني لا زالت تعيش في أذيال العبودية والرق ... وتطبق معطياتها التي عفا عليها الدهر ... و التي من المفترض أن نكون قد نسيناها وطمرناها في حفر التاريخ.

ولا زلنا نقدس مسمياتها التي ترفع الأشخاص إلى حد تملك الأرواح بشدة فنقول سيدي، ومولاي... وغيرها من المسميات التي آن لها أن تنقرض.

ومهما حاولنا فإننا لا زلنا نحكم على الآخرين بعنصرية مقيتة ... لمجرد كون ألوان بشرتهم أدكن من بشرتنا.. مهما بلغت ثقافتنا ... ومهما حاولنا عدم إظهار ذلك وتداركه.

بل أن بعض السبايا في السابق كانوا من أشراف القوم وأطيبهم نسبا... ولكن جار عليهم الزمن ... وحلت عليهم الويلات ... وتحولوا من محاربين إلى سبايا ... يباعون ويشترون على أيدي النخاسة، وتستحل محارمهم دون وجه حق.

وما دمنا حتى يومنا هذا نرى ونسمع بعض من لا زالوا بيننا يتعاملون بالرق بالخفاء... فكيف بالله عليكم سنتخلص من أثار ذلك ومخلفاته، ما زال الاقتصاد الوطني في انحدار شديد وتخلف ما زال المارقون يعيثون في الأرض فسادا ًوإفساداً في ظل دولة لا تسمع ولا ترى إلا مصالحها الذاتية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات