رسالة الأستاذ الجامعي تجاه ابنائنا الطلبة


للجامعة دور هام في قيادة عملية البناء الشامل في المجتمع وتوجيه بوصلته بالإتجاه الصحيح لتجعله يواكب حركة التطور العلمي والتكنولوجي. وأرى هنا، أن هيكلة الجامعة كمؤسسة أكاديمية هي زوايا مربع كل زاوية فيه ُتشكل زاوية قائمة، وتشمل هذه الزوايا الطالب والأستاذ الجامعي والمنهاج التعليمي والبنية التحتية حيث جميعها مهمة لنجاح المكوّن الجامعي ليؤدي دوره تجاه المجتمع والأجيال.
ويعدّ الأستاذ الجامعي أهم زاوية وركيزة مؤثرة في عملية البناء المعرفي والتربوي في المؤسسات الجامعية، لأنه مصدر أساسي للمعلومات حيث يغرس مفاهيم وطرق التفكير العلمي والمنهجي في أذهان الطلبة وكيفية التعامل مع حل المشكلات بمختلف أنواعها التي قد تواجههم خلال مسيرتهم الدراسية والعملية والإجتماعية، ليتم وضع أنجع الحلول لها بوعي وفهم وإدراك ودون تسرع او إنفعال.
ويحضرني هنا قول لأحد رؤساء الجامعات الذي كان يرتجف قلمه عندما يوقع كتاب تعيين عضو هيئة التدريس ليس خوفا ولكن إدراكا منه وحرصا على عظم الرسالة التي يحملها تجاه مسؤولية الأجيال والقيام بالأمانة المكلف بها الى الطلبة بصورة صحيحة.
ومن المنطق والبديهي، أن يتجاوز الدور المناط بالأستاذ الجامعي أي أمر مادي وأن يتسامى فوق كل ذلك، لأن الرسالة التي يحملها تجاه أبنائه ووطنه وأمته هي رسالة عظيمة حيث تقع مسؤولية الأمانة الملقاه على كاهلة في أربعة مهام رئيسة وهي مهمة الجانب العلمي والتدريسي ومهمة الجانب التربوي ومهمة البحث العلمي ومهمة خدمة المجتمع، وكل هذه الجوانب متممة ومتداخلة مع بعضها البعض لتشكل الشخصية المتكاملة للأستاذ الجامعي الحقيقي ليقوم بدوره على الشكل الأكمل. ولابد للاستاذ الجامعي ان يعمل على تطويرنفسه وتنمية مهاراته بصورة متوازية ومتكاملة لتعطي شخصيته الأكاديمية توازنا وقوة كونه يمثل قمة الهرم العلمي في المجتمع، ويسهم في رسم الطريق للنهوض بمجتمعنا في مختلف مسارات التنمية.
وبناء على ماسبق، فالعلاقة بين الأستاذ الجامعي والطلبة لم تعد قصرا على القاعات الدراسية والمختبرات، وإنما تمتد لتخصيص جزء حقيقي من وقته للإرشاد التربوي للطلبة، وأن يتفاعل معهم عند طرح مشالكهم وعليه أن يساعدهم في حلها مباشرة ودون تأجيل وبصورة علمية دقيقة ومدروسة لأن تأجيلها قد يؤدي الى تراكمات سلبية كثيرة قد لا تحمد عقباها تؤثر على شخصية الطلبة لا سمح الله.
وعلى الأستاذ الجامعي أن يؤدي دوره الأبوي والتربوي تجاه الطلبه وتعديل سلوكهم في جميع جوانب حياتهم ومساعدتهم في بناء شخصيتهم السوية والمتكاملة. لذا، فإن إمتلاك الأستاذ الجامعي للجانب التربوي والثقافي أهميه كبيرة في بناء شخصية الطالب الجامعي وتوجيه طاقات التميّز والبناء المستقبلية، ليكون الطلبة مؤهلين للإنخراط في قطاعات العمل والإنتاج في المجتمع، سيما وأن الأستاذ الجامعي يتعامل مع الطلبة الجامعيين وهم في بداية النضوج والشباب، وعليه، ان يكون القدوة في كل شيء أمام الطلبة. وفي خضم التناقضات والتراكمات الحاصلة في المجتمع فإن دورالأستاذ الجامعي يتضاعف، وعليه أن ينهض بدوره التربوي في توجيه الطلبة وتعريفهم على الأمور الأيجابية في الحياة للإستفادة منها والتمسك بها والإبتعاد عن الأمور السلبية، وأن يكون منارة اشعاع دائمة في جميع الامور التي تهم الطلبة.
ومن هنا، فإن تزويد الطالب بالعلم والمعرفة والثقافة لا بد ان يرافقه تزويد بالتربية وغرس القيم النبيلة في النفوس، وأن يعمل على بناء الشعور الوطني عنده وان يجعله يعتز بوطنه وقيادته وحضارة أمته، لنبني جيلا قادرا على مجابهة التحديات بعزيمة وثبات وقدرة على حل الأزمات، سيما ونحن نعيش في عالم متسارع ومتغيّر لا مكان فيه إلا للأقوياء ولنكون قادرين على وضع بصماتنا على خريطة العالم العلمية، وبما يحفظ الكيان الأكاديمي لمؤسساتنا العلمية بحثا وتدريسا وإحتراما لكل منجز يتم ودعمه بأقصى الطاقات.
ولذلك، يبرز دور الأستاذ الجامعي بشخصيته المتسامية عند الطلبة كعامل أساس ومساعد على توجيههم بالإتجاه الصحيح حيث أنه مؤتمن عليهم في كل مسألة تتعلق في بناء مستقبلهم ليقودهم بذلك إلى النجاح والتفوق والعمل الإيجابي بما يجعلهم عناصر بناء وإرتقاء فاعلة في المجتمع وبالتالي يساهمون في بناء بلدهم بعيين فاحصة وناقدة تتطلع بإيجابية تراعي مصلحة الأجيال ومستقبل الوطن.
ودامت النفوس الكبيرة التي تقدم وتعمل للوطن والأجيال وتؤثر ذلك على نفسها بعيدا عن دائرة "الأنا المقيته" التي تأتي على الأخضر واليابس، وتكبّل مسيرة العمل والإنجاز وهي بيت الداء الذي يشدنا للوراء وما أقسى ذلك على النفوس الأبيّة والقلوب النضرة التي لم تلوثها المغريات مهما كانت والتي تتسامى عاليا لتحقق أهدافا سامية تنفع الناس وتمكث في الأرض.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات