بساطير الرأي


كما هي الأهرامات رمزاً لمصر، فإن الأهرام جريدة المصريين، وكلما أكثر اللبنانيون من السفر، أركنوا إلى السفير لربطهم بالوطن. إعتدنا نحن الأردنيين على الرأي، فمجرد صدورها الدوري، يعطينا الشعور بأن الدولة مستمرة وأن الخبر التالي آت.
لا أدري ما الذي يدعوني الى تجديد إشتراكي بالرأي دون تردد، فكل يوم ألمح عناوين الصفحة الأولى، وادقق بالمحليات، وأمر على الاقتصاد، وأقفز عن برشاقة عن حواجز الرياضية، وأفلي العطاءات وأتنهد عند صفحة الوفيات.
كتاب الرأي، مع الإحترام لجلهم، مغربلين بالمنخل رقم (1) وكلامهم يقطر ولاء وإنتماء، لدرجة أن القراءة لفلان كما القراءة لعلان، إلا من رحم ربي.
العناوين لا تحتمل الغمز واللمز، فالانحياز الى صف النظام واضح، وحتى لو خسرت البورصة نصف قيمتها، فإن الرأي تصر على أن هناك حالة (تصحيح أسعار) ولو رفعت الحكومة أسعار الكهرباء، تصر الرأي على أن هناك (تعديل أسعار).
الرأي هي الحصن المنيع الذي تقف خلفه الدولة الأردنية، وكم حاول بعض المشاغبين من أمثالي أن ينشروا فيها ولو خاطرة، فالجواب واضح، لن تمروا لأن القائمة لا تسمح بالنشر لهؤلاء على جدران الرأي، فالرأي والدولة ستر وغطى على بعض.
أما مطابع الرأي التجارية التي تثار حولها شبهات فساد هذه الأيام، فقد كانت لي معها قصص وحكايات، حيث عملت كسكرتير تحرير لمجلة المهندس الأردني على متابعة الإخراج الفني مع ام سارة وزميلاتها حيث كنا نجهز الصفحات للأفلام بالطريقة اليدوية، فكانت المجلة تصدر وفي زواياها رائحة عطر أم سارة، ونفس خديجة، وبصماتي.
وتوالت السنين، فإخترت مطابع الرأي مرة أخرى لطباعة كتابي باللغة الإنجليزية بعنوان: أثر المدن الصناعية على التنمية الحضرية والإقليمة والذي تكرمت مؤسسة المدن الصناعية مشكورة بتحمل تكاليف طباعته، فدخلت الى مكاتب حديثة، وإذ بأم ساره تجلس هناك، بكامل أناقتها وبكحلة عينيها وصوتها العراقي الشجن. تذكرتها وتذكرتني، وعرضت مادتي وساعدتني في تصميم كتابي بالكثير من الود، وبالقليل من البصمات الملموسة على شاشات الحاسوب. كم كانت طرقنا القديمة أجمل يا أم سارة، أتذكرين.
الرأي ... منا ولنا، تحملنا صَدها، وفهمنا قصدها، لأنها كانت أكثر من ورق، لقد كانت دولة على ورق. لقد آلمتم قرّاءكم، وشوهتم صفحتكم، بعد فعلتكم الأخيرة... فكيف لنا أن نصطبح برأينا بعد أن داست بساطير العسكر على الرأي.



تعليقات القراء

رهين المحبسين
سيدي لا أعرف كيف يكون لأعلامي المفروض أن تكون حرية الكلمة والنظرة الثاقبة ألتي تعري وتجرد الأشياء من قشورها ليكون الصح صح والخطأ خطأ من أي جهة ومصدر كان ...كيف يكون له مثل ذالك الرأي وتلك الكتابة ألتي تمجد من يتستر على أخطاء الدولة بحق المواطن ...أرجو أن تعيد قراءت مقالك بتمعن...ملاحظة أن لا أنتقد جريدة الرأي فهي رمز من رموز الوطن لاكن أنتقد طريقة تفكير وأراء من يعد نفسه كاتب وأعلامي
08-11-2013 11:21 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات