الجامعات حاضنات وعي وفكر وعمل وإنجاز


لقد حركني قلمي للكتابة لأبنائي طلبة الجامعات وخصوصا الذين إلتحقوا بالجامعات مع بداية العام الدراسي الجديد حيث لهم في القلب مكانة ونعقد عليهم الأمل ليكونوا براعم خير ومعاول بناء لوطنهم وأمتهم. ومن هنا، فإن العلاقة الثنائية المتبادلة بين الطالب والجامعة من جهة وبين الطالب والأستاذ الجامعي من جهة ثانية هي علاقة متصلة ومتواصلة في جو يسوده النضج والوعي وتقدير الأمور بعقل منفتح ورؤية مشرّفة ومشرقة ليأتي موسم الحصاد وقد تم رفد وطننا الغالي بأينع الثمار وأطيبها عن طريق جيل مؤمن بربه منتم لوطنه وقيادته، حيث أصبح جلّيا أن الدور المناط بالجامعة لم يعد مقتصرا على تقديم المعارف والمعلومات العلمية التي تعتبر من أهم الجوانب التي يكتسبها الطالب خلال دراسته وتضيف ملكات معرفية جديدة إلى حصيلته العلمية والثقافية، وإنما تعدّى هذا الدور وتوسّع ليشمل جوانب كثيرة أصبحت الجامعة مساهمة فيها بدرجة كبيرة ومسؤولة عنها بصورة مباشرة، ومنها الإستفادة من طاقات أبنائنا الطلبة وتوجيه هذه الطاقات بما يصقلُ شخصياتهم وينمّي مداركهم في المسار الإيجابي ضمن فلسفة ورؤية شاملة هدفها بناء شخصية الطالب المتوازنة معرفة وسلوكا وتأهيلا التي تنعكس بصورة إيجابية وتعود بالفائدة على المجتمع.
ولا يكاد يخفى على أحد، دور الأستاذ الجامعي المؤهل علميا وتربويا والذي يتصف بالخُلق القويم والضمير الحي والشعور الوطني الصادق سلوكا ونهجا في تكوين شخصية الطالب المعرفية وتنمية مواهبه العلمية والثقافية بدرجة كبيرة ومؤثرة، لأن الطالب في مرحلة الشباب يكون متأثرا لدرجة كبيرة بشخصية الأستاذ الجامعي الذي يتلقى منه المعلومات العلمية وما يدور في محيط دراسته والتواصل مع ركب الحضارة العالمية وفهم مفرداتها المختلفة. ويضطلع دور الأستاذ الجامعي أيضا، في غرس القيم الإيجابية والنبيلة في عقلية الطالب وتطويرأفكاره بالإتجاه الإيجابي والوطني، ممّا يستدعي مساهمة الجامعة بصورة فاعلة في تنمية روح المواطنة الصالحة وحُب الوطن لدى الطالب، وإستعداده لخدمته والدفاع عنه وإعلاء شأنه، وأن تجعله يشعر بأن إنتماءه لوطنه وخدمته وتطويره والتفاعل مع أبناء مجتمعه هو واجبٌ مقدس، إيمانا بأن الوطن هو المِظلة التي يتفيأ الجميع تحت ظِلالها في كيان واحد موحّد ومتماسك، مستفيدين من تجارب الدول التي صاغت وشكّلت الإنسان ضمن منظور وطني شامل حيث أصبح الإنتماء الوطني نهجا وسلوكا في حياتهم في ظِل إحترام الأنظمة والقوانين وإحترام الذات التي تجعل من الوطن قامة لا ُتطاولها قامة ولا تسمح لكائن من كان أن يخدش كبرياءه وعزته بالسعي لتحقيق مآرب ضيقة ومصالح آنية على حساب مصالح الوطن العليا.
وإضافة الى ما سبق، وبإعتبار أن الجامعة مؤسسة علمية أكاديمية ومهنية وإجتماعية وثقافية، فعليها أن تفتح أبوابها لتشارك المجتمع في جميع النشاطات والفعاليات التي تحدُث فيه بصورة فاعلة ومؤثرة، وأن يكون لها الدور الريادي في قيادته لتُعطي زخما واسعا لحركة البناء العلمي والثقافي والإجتماعي في محيطها وواقعها الذي يصب في تقدم الوطن ونهضته، الكل يساهم في عملية البناء والإنجاز لأن الوطن هو الأبقى والأكبر منّا جميعا، مترجمين ذلك إلى واقع وتطبيق بعيدا عن الشعارات والإدعاءات التي أبعد ما تكون عن الممارسة والفعل لا سمح الله.
وكمثال ناجح، فإن جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية قد قطعت شوطا في هذا المجال، ومن الجدير والمفيد أن نبني عليه حيث تفاعلت الجامعة مع المجتمع بإقامة الندوات العلمية والمحاضرات الثقافية والحملات الطبية والورش الهندسية والأيام العلمية المتنّوعة في موضوعاتها التي تُقيمها الجامعة إنطلاقا من فلسفتها ونهجها تجاه المجتمع مسخّرة كلّ طاقة إيجابية يمتلكها أبناؤنا الطلبة التي تصقل مواهبهم، وتنمّي قدراتهم التي تنعكس آثارها الإيجابية على مسارات التنمية في أردننا الغالي.
فهل تحقق جامعاتنا رسالتها الحضارية وُتعطى الفرصة في قيادة المجتمع وتوجيهه التوجيه الصحيح والفاعل، للحاق بعجلة التقدم المتسارعة عالميا، ولكي تواكب مجتمعاتنا تلك التطورات، وتتعامل معها وتستجيب لإفرازاتها في جوانب الحياة المختلفة، وتستثمرها في عملية البناء والتنمية الشاملة في مختلف الميادين؟ إن تحقيق ذلك ليس بمعجزة وليس ببعيد، إذا إمتلكنا الإرادة القويّة والخيال الخصب والعمل الجاد والمسؤول في جعلِ جامعاتِنا لتكون \\\\\\\"حاضنات وعي وفكر وبناء وعمل وإنجاز\\\\\\\" كما يوجهنا دائما جلالة قائد مسيرتنا في أردن العزم والكرامة الذي يحث الخُطى لبناء الأردن الإنموذج إنسانا ومقدرات.
ولنتذكر دائما، أن الأهداف تبقى حبرا على ورق، ما لم تتوج بعمل جاد ودؤوب ومسؤول، ترافقها روح المبادرة المستمرة التي تتسم بالإيجابية الفاعلة، فهل نحن بدأنا أم ما زلنا ننتظر على قارعة الطريق والقطار قد مرّ سريعا ولم نعد قادرين على اللحاق به، ونحن منغمسون في أنانيتنا المفرطة ولغة \\\\\\\"الأنا\\\\\\\" هي الطاغية على المشهد؟
نعم، ولنبدأ يدا بيد والعمل بروح الفريق الواحد نحو العمل والإنجاز الحقيقي الذي يفيد ابناءنا ويجعل منهم معاول خير وعطاء لمجتمعهم ووطنهم فهل نحن فاعلون؟ ولتبقى جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية منارات تُزين وجه أردننا الغالي الوضّاء وتبذر بذور العطاء بتفان وعمل يحترم الإنجاز، ودامت جامعتي فخر الوطن.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات