زارني طيف جدي رحمه الله ، وكم اسعدني بطلته البهية ، ولكنني لاحظت عليه حزنا ووجوما وهما كبيرا ، فقلت مابالك ياجدي مطرق ، ساهم ، واجم ؟ هز جدي رحمه الله راسه وقال : يا ولدي أخبرني عن أحوالكم ، فقلت وأي الأحوال تسأل عنها يا جدي ؟ قال أحوالكم المادية المعاشية، أخبرني عن كل شئ، قلت نحن نعيش حياة قاسية وصعبة وعصية، فقال لي ولكننا نسمع أنكم تعيشون في بحبوحة وسعة ورغد من العبش ، قلت له ومن قال لك ذلك ؟ قال ألم يأتكم نسر يريد ان يطيح بكل الفاسدين ؟ ويسترد المال المنهوب ؟ ألم يقل بأنني إذا وصلت الدوار الرابع سوف أحاكم كل فاسد ؟ وسوف أسترد المال المنهوب؟ الم يقلها ؟ بلى يا جدي بلى ، قالها ولكنه لم ينفذها ، هز جدي راسه وقال ليس كل من قال صدق وليس كل من تولى المنصب كان عند حسن الظن وأخلص للبلد.
المسؤول يا ولدي متى تولى المنصب نسي من حوله وأظهر نرجسيته وبات الشعب خدما في مزرعته كما يخيل له ، لإنه تربى على الفوقية والنظر للغير بدونية ونظر إليهم بإستعلاءأليس كذلك يا ولدي ؟؟ قلت له بماذا سأجيبك ياجدي المرحوم!!
وتساءل جدي ما قصة الكهرباء عندكم ،؟ وما قصة الملابس ، وما قصة اسعار المحروقات ؟ وما قصة الضرائب والرسوم والجبايات ؟ وما قصة الدعم ؟ وما قصة رغيف الخبز ؟ وما قصة القبولات في الجامعات والواسطات ، والتعليم الموازي؟ ما قصة الطعام الفاسد ؟ ماحال الفوضى التي تدب بينكم ؟ ما هذه الشوارع والطرقات الخربة ؟ ماقصة المسؤولين الذين يبحثون عن مآربهم كالنواب والوزراء والأعيان ؟؟ بزيادة الرواتب والمزايا الخاصة بهم ، ومتناسين الشعب الطفران؟؟
نظرت إلى طيف جدي وقلت له مندهشا لك الله يا رحمة جدي من أين لك بهذه المعلومات عن حالنا البائس المزري ؟ ضحك جدي وقال عش رجبا ترى عجبا !! قلت له ولكنك يا جدي تحت الثرى مدفون ، ومنذ زمن رحلت عن هذه البسيطة وتركتنا نعيش هما ونكدا وحزنا وتنتابنا الشكوك والظنون ، وتبخل علينا بخيرها السنون ، وإن جادت جاء من يحمل كل خير وينسبه لنفسه لإنه صاحب الفضل على هذا الوطن المحزون.
طأطئ جدي رأسه وتمتم بكلمات غير مفهومة عن هذه الحكومة ،، وقال إخص على ....... ابو هيك .... ومسؤوووول كل ........ جبا....
قال لي سؤال أخير ما هذه الفوضى والعنف والقتل والسلب والإجرام والسرقة والإبتزاز ؟ وما هذا الإجرام الذي تعيشونه ؟؟ الأ يوجد قانون رادع؟ الأيوجد حكم صارم ؟؟ لمنع ما يجري ويدور.؟؟
قلت هل انت حي ام ميت يا جدي ؟ إنك تعيش معنا وكانك بيننا ، قال لا قدر الله أن نكون معكم وفوق الأرض من يذل الشعب وينهكه ويبتزه ويسرقه ولا يقيم الحد على الفاسدين والسارقين ، وهو متسلط على هذا الشعب المكبر عقله مش حاط عقله بعقل هالحكومة الظالمة الفاسدة.
وقال لي أنشر هذه الأبيات من قصيدة عن الموت لعل من يسمعها أو يقرأها يرتدع قليلا :
يا نفس توبي فإن الموت قد حان _ واعصي الهوى الفتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا _ لقطا وتلحق آخرنا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه _نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي ولأموال أتركها_ خلفي وأُخرج من دنياي عريانا
بعد خمسين قد قضيتها لعبا _ قد آن أن تقصري قد آن قد آن
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا_ ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
نزداد حرصا وهذا الدهر يزجرنا_ كأن زاجرنا بالحرص أغرانا
أين الملوك وأبناء الملوك ومن _كانت تخر له الأذقان إذعانا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا_ مستبدلين من الأوطان أوطانا
خلوا مدائن قد كان العز مفرشها_ واُستفرشوا حفرا غبرا وقيعانا
يا راكضا في ميادين الهوى فرحا _ وغافلا في ثياب الغي نشوانا
قضى الزمان وولى العمر في لعب_ يكفيك ما قد مضى قد كان ما كان
لملم جدي ثنايا طيفه مسرعا قلت له ويحك يا جدي إنتظر قليلا ، قال أخشى ما اخشاه يا ولدي، ان لا اجد قبري إذا تأخرت أكثر، أو أجد أنه تم فرض ضريبة على الأموات الذين يزورنكم بطيفهم ،وممن سبقوا دولة عبدالله النسور برحيلهم إلى الآخرة قبل توليه السلطة .!!!
أو أجد فاسدا قد إستولى على رقعة قبري وإعتبره من أملاك الحكومة !!؟؟ أو من الواجاهات العشائرية..
قلت معك حق ، رفرف طيف جدي مودعا ، حاولت تقبيله ولكنه كان اسرع بالرحيل خوفا على قبره من السرقة لإنه يبدو شاغرا !!؟؟؟؟؟