رواسب العقلية العربية


في عصر يومض بالخطر، ويمور بالتحديات، يطرح الواقع الفكري والأيديولوجي السائد في مجتمعاتنا العربية، منظومة من الإشكاليات، وتركيبة معقدة من التحديات، وفي عمق هذا الواقع، بأبعاده الإشكالية، تأخذ العقلية العربية، بمكوناتها التقليدية وبنيتها الأسطورية، صورة مركّبة تتقاطع فيها مختلف إشكاليات الواقع العربي وتحدياته، وفي دائرة هذا التقاطع تشكل دراسة العقلية العربية مدخلا منهجيا لفهم الواقع العربي وتحليل مكوناته ورصد مقومات وجوده.

ومن الصور العامة للعمل هنالك مجموعة من الأسئلة التي أحاول من خلال مقالتي هذه تقديم إجابات منطقية عليها وهي المنهجية التي اعتمدتها في فهم وتحليل الواقع الثقافي العربي المعاصر.

ففي الكثير من الحالات يكون لدينا القدرة على إحتواء الرأي الأخر ولكننا مع الأسف الشديد لا نستخدمها، بل نجـــد من السهل إسكات الرأي الأخر ، بحــجة أن الأمر منــتهي ولا يــوجد مجــال للأخـــذ والعطاء فيه، وهذا ســيؤدي إلى تدعـــيات خطــيرة لأنــه ســيبقى حاضراً وقوياً في ذهن المقموع إلى أن تحين لحظة الكلام بعد دهر من الصمت ، تلك الفترة التي يكثر فيها عدد المــــؤيدين الصامتين عندئذ ستكون ردة الفعل مثل البركان الثــائر والذي يدمر بعنف كل شيء مهما كانت النتائج .

بحيث أن هنالك بعض البرامج التي يتحاور بها أصحاب الشأن في وضع حلول جذرية لبعض معناة المواطنين التراكمية إلا أن صاحب الفصل في مثل تلك الأمور يناور ويحاول التفلت من خلال طريقة الإلتفاف على الأسئلة والتي تعتير هروباً متعمداً من مناقشة فكرة من الحوار ويطرح عادةً بعد أن يسأل السائل سؤالاً، فتأتي الإجابة في غير محلها ،لتناقش أمراً قريباً من محور الموضوع مع أنه بعيد عن الإجابة المطلوبة أو المفترضة عن السؤال، وغالباً ما يتخذ الجواب الملتف طبعاً هجومياً وذلك برفع نبرات الصوت عالياً لدرء التهمة الموجة في السؤال ونشاهد ذلك غالباً في الأحاديث السياسية عبر وسائل الإعلام، مثل برنامج الاتجاه المعاكس أو برامج أخرى تكون بين فرقاء اثنين أو أكثر أو كما تحدثنا سالفاً في استضافة مسؤول، وتعود في حقيقة الأمر أسباب الإلتفاف والهروب من الحوار لعدة عقد أو أمور أذكر منها ، لتحاشي الإجابة بحجة ضعيفة قد لا تقنع الرأي العام ،أو أنها تتجاوز حجم معرفته فيلتف على السؤال لكي لا يقول لا أعرف .

إننا في حقيقة الأمر بحاجة إلى أن نعلم فقط أين نقف، عندئذ سنعلم أين نتجه ، وبالتالي سنتقدم خطوة إلى الأمام بدلاً من نرجع خطوة إلى الخلف ، فمن خلال اطلاعي على ساحات النقشات الدائرة في المؤتمرات ووسائل الإعلام المحلية والأقليمية تكمن عدة مشكلات لعدة أخطاء يتسم بها تفكير العقل العربي على وجه خاص، ورغم أنني وضعت قائمة من الأمور التي علينا تجنبها في النقاش غير أنني لا أجدها كافية للنقاش الذي ننشده والذي يطمحه كل باحث في الحقيقة، فهنالك الكثير مما علق من رواسب العقلية العربية على مر الأجيال والتي استطاعت أن تحد من التفكير الموضوعي.

أعتقد بأن العقل العربي ما زال يغفو في ظلمات العصور الوسطى، وما زالت مظاهر الجهل والخرافة والأسطورة تسجل حضورها بقوة في الساحة الثقافية العربية في مختلف طبقاتها ومستوياتها، فتوافر التكنولوجيا والرجال لا يعني بأي حال تحقيق التقدم والنهضة، فالنهضة الحقيقية والتقدم الحقيقي يقوم على معادلة الإنسان المتنور، وعلى رهان العقلية المتحررة من أثقال التخلف الروحي والإنساني، وهذا يعني بالضرورة حالة من التغيير الثقافي التي تطهر العقل العربي من أدرانه وتصدعه، وتهدم مرتكزات تخلفه وتداعيه، إنها حالة من التحول العقلي التي تستنفر في الإنسان العربي رؤية إبيستيمولوجية جديدة إلى الكون والحياة والوجود، وتؤصل فيه إيمانا كبيرا بإمكانيات الكشف والإبداع والتحدي، وتبني في أعماقه هذا العقل الذي يتحرر من خرافاته وأساطيره ودوامات تصدعه، فالإنسان العربي اليوم يحتاج إلى موقف جديد متجدد من جوانب الوجود التي تتصل بقيمة العقل والنقد والحرية والتحرر والانطلاق والمرأة والاقتصاد والأنا والآخر...........



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات