الشعب يريد ، إصلاح الحراك


البعض يقول أن الربيع العربي جاء ليخرج العرب من كهوف الظلم والظلام ، وأنهم – أي العرب – قد بدأوا منذ بداية الربيع العربي يستعيدون حقوقا مسلوبة ، ويتكلمون بكلمة حق عجزوا عن قولها لردح من الزمن ، والبعض الآخر يقول : بأن الربيع العربي هو جزء من مؤامرة غربية أحيكت خيوطها للايقاع بالعرب وتدمير ما تبقى من حضارتهم ، وما بين المؤيد والمعارض هناك دم يراق ، وأطفال تروع ، ونساء تترمل ، وشيوخ تهجر ، وحق لا يعود!!

إن ما ورد من كتابات عن الربيع العربي ، يجعلني مترددا في الشروع بكتابة الجديد الذي قد لا يكون جديدا حول هذا الربيع ، إلا أن تواجدي في الميدان من أول اللحظات لانطلاق الربيع العربي في الأردن يجعلني قادرا على الكتابة من قلب الحدث ، لن أخوض اليوم بمناقشة الآراء التي وردت بشأن حقيقة الربيع العربي وماهيته ، فأنا سأتناول الموضوع من وجهة نظر من يقولون بشرعية الربيع العربي وولادته لأب وأم عربيين .

أول الخطوات السليمة الواجب اتباعها عند حل أي مشكله هي تحديد ماهية المشكلة والأطراف التي تدخل فيها حتى يسهل علاج الخلل بالتدرج.

والمثل الشعبي يقول " إذا كثر الطباخون ، فسدت الطبخة " ، وقياسا نستطيع القول ، كثر طباخوا الربيع الأردني حتى أفسدوا لنا الطبخة ، وهذا ما يقود البعض إلى القول بأن الربيع العربي قد انتهى أو على أقل تقدير قد أصبح ضعيفا .

إن القائمون على الحراك يتحملون مسؤولية ما آلت إليه أحوال الحراك ، فهم في بادئ الأمر ليس لهم خطة عمل واضحة ، ولم يلتقوا حيث وجب الإلتقاء ، فمنهم يغرد في الشرق ومنهم من يغرد في الغرب ، الحراكيون لا يملكون الحلول القابلة للتطبيق لعرضها على صاحب القرار ، فبقيت الشعارات دائرة في مضمار الخطب والشعارات التي سئمها الشعب الأردني ، فعلى مر ثلاثة أعوام مضت ، ما حرك الحراك ساكنا ولا غير فاسدا ولا حاسب مقصرا ، ففقدوا ثقة الناس بهم ، وهذا ما لا يستطيعون الإستدامة معه والمواصلة ، إن واحد من أهم الأسباب التي أدت إلى دخول الحراك إلى غرفة الإنعاش هو وجود فئتين من الناس في الحراك، الأولى من فاخرت وتبهاهت أمام الناس بارتفاع سقف شعاراتها ، فغدت الوقاحة وقلة الأدب السياسي هي المعيار التي أرادوا من الناس أن يحكموا على قوة الحراك من خلاله ، علما أن هذا لا يسمن ولا يغني من جوع ، بل ويزرع الخوف لدى الشاربون لكأس الذل المعلقون آمالا كبيرة على الحراك من الاشتراك بهذا الحراك أو تأييده ولو بشكل غير مباشر لخوفهم من النتيجة التي قد يؤول إليها الحراكيون من أصحاب السقوف العالية في شعاراتهم المطروحة ، الفئة الثانية هي الفئة التي باعت كل شيء وغلبت المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن ، فاقتنعوا سريعا بتلك الترضيات التي وصلتهم من الدولة على شكل وظائف وتسيير للمصالح الخاصة ، وهذه كانت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير ، ولذلك وصلنا إلى نتيجة طبيعية لوجود الفئتين المذكورتين ، وهي حراك ضعيف هزيل غير منظم ومحدد الأهداف ، وهذا الشيء الذي لن يخرجنا من الكهف المظلم إلى بصيص من النور !! ،وبناء عليه حق لنا أن نقول بصوتنا المسموع " الشعب يريد ، إصلاح الحراك "



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات