حفلة الطاحونة وحفنة الطحين!


بدءا من غزة حيث يصل واحد واربعون برلمانيا اوروبيا لمشاهدة ما خلفه العدوان الاسرائيلي عن كثب مرورا بوصول وفد من حماس برئاسة خالد مشعل الى القاهرة ، وليس انتهاء بما قاله المبعوث الامريكي الى المنطقة.. وهو اتهام اسرائيل بالكذب يبدو الحراك صاخبا ويعزز هذا الحراك أمل تجدد باستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين حيث قال الرئيس اوباما ان السقف الزمني لحل هذا الصراع هو عامان بدءا من الان ، وهذه المرة الاولى التي يدشن بها رئيس امريكي ولايته بخطاب كهذا ، اذ طالما دأب الرؤساء الآخرون على ارجاء هذا الملف حتى خريف ولايتهم ، واحيانا في الشهور الاخيرة منها،

ان تصف الولايات المتحدة اسرائيل بالكذب والمراوغة والتخفي وراء تصريحات ناعمة هدفها كسب الوقت فتلك بادرة ينبغي تأملها لأنها ليست من زلات اللسان ، او مجرد حقنة تخدير موضوعي.

اوباما يبدو كما لو انه عزم على مواجهة هذه القضية المزمنة ، وهي التي سقط رؤساء وزعماء كثيرون في اختباراتها المتعاقبة لكن هناك من فقدوا الرجاء بكل التصريحات والوعود لأنها موسمية ، وسرعان ما تتلاشى في الهواء لانها تؤدي وظيفة تكتيكية لا اكثر ولا اقل.

فهل يمكن لكل هذه الجعجعة ان تنتهي بلا حفنة من طحين؟

ان كل التعقيدات التي علقت بالصراع العربي الاسرائيلي منذ اكثر من ستة عقود كانت بمثابة الطلاء المتراكم على حقيقة ساطعة فثمة استيلاء تم بالقوة على ارض وشعب وتمدد الى التاريخ ليعيد انتاجه مثلما حاول التمدد الى المستقبل لاحتلاله ايضا.

ومن تهربوا من مجابهة هذه الحقائق كان امامهم ان يحولوا حسبة واضحة الى لوغرتمات وبالتالي ان يخلطوا الاوراق بحيث لا يدري الناس عم يتحدث هؤلاء ومن هو السارق والمسروق والقاتل والمقتول في هذه الدراما التي لم يبق سينارست من الهواة لم يجرب حظه فيها..

مجمل القرائن التي تتعلق بموقف اوباما من هذه القضية ، سواء تلك التي سبقت خطابه في القاهرة ومهدت له.. أو ما استكمله امام الرئيس الفرنسي ساركوزي يجزم بأن الرجل يتعامل بجدية مع هذا الملف ، بل هو يعوّل عليه كواحد من الملفات التي تتيح له ان يمهر المرحلة والسياسة الدولية بتوقيع أخضر.

بالطبع لدينا اسباب عديدة تحدّ من الافراط في التفاؤل وبالتالي التعويل المطلق على اوباما بانه سوف يجترح المعجزة التي لم يجترحها أحد من قبل ، فالعلاقات بين تل ابيب وواشنطن ليست من البساطة وأحادية البعد بحيث يمكن التعامل معها باستخفاف وهذا ما يفسر لنا تلك المقولة المتكررة لدى اوباما حول التحالف الأبدي بين امريكا واسرائيل ، ودور امريكا في رعاية وحماية الدولة العبرية..

الأمر يبدو من أحد جوانبه اشبه بأحجية اذ كيف يمكن لأمريكا حتى وهي تحت قيادة أوباما ان تواصل الضغط على اسرائيل خصوصا في المجال الاستيطاني دون ان تصاب هذه العلاقة بالتصدع ، ان الاستباق لما سوف يؤول اليه الموقف هو ضرب من التوقعات والاسقاطات السياسية..

والاهم من هذا كله ان تنتهي هذه الجعجعة وهذا الحراك الاستعراضي الى حفنة طحين على الأقل،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات