دور وسائل الإعلام الأردنية في تنشئة الفكر


تلعب وسائل الإعلام والاتصال و من بينها الأجهزة المرئية دورا رئيسيا في تنشئة البالغين ومواكبتها إن لم نقل الدور الأول. 

كيف لا وهي أسقطت الحدود السياسية والجغرافية وحوّلت الكرة الأرضية إلى قرية حيث كل شخص يستطيع التواصل مع الآخر في نقل المعلومات والأخبار، وتواكب الإنسان في أي وقت وفي أي مكان.

هذه الوسائل اخترقت حاجزين رئيسيين: حاجز المكان بحيث يتمّ التواصل عبر المحيطات من خلال تخطي المسافات أينما كان الشخص الآخر، وحاجز الزمان بحيث بات التبادل يوميًا وآنيًا، فضلاً عن أن تخزين المعلومات من خلال الانترنت وجعلها تحت التصرّف في كل وقت.

فإذا ما استخدمت استخدامًا صحيحًا... فإنها تسهم بطريقة فعّالة...ومنطقية نحو ترسيخ مفهوم الثقافة الاجتماعية،لقد تجاوز دور وسائل الإعلام المفهوم التقليدي للتربية ومفاهيم الخير والشر وصولا إلى دور إنساني شامل من خلال القيم الإنسانية المطلقة إن الصحافة الإسلامية المكتوبة مدعوّة إلى خدمة الكرامة الإنسانية، عبر مساعدة كل إنسان على العيش الكريم وهي مدعوّة إلى تشجيع البشر، كي يعوا كرامتهم وينفذوا إلى أفكار الآخرين ومشاعرهم، ويربّوا في أنفسهم الحس بالمسؤولية المتبادلة، وينموا في الحرية الشخصية وفي احترام حرية الآخرين وفي الطاقة على الحوار الهادف الذي من شئنه رفع سوية الوطن ومواطنيه نحو الأهداف الحقيقية التي وجد من أجلها ، وتبتعد تماماً على التهويل والتحريض في نقل الأخبار سواءً على الصعيد الإقليمي أو الشأن الداخلي والتي ما تكون غالباً غير صحيحة أو دقيقة ،حيث أن الخبر السيء عادةً ما ينقل مثل النار في الهشيم بين المواطنين وربما ما هو أدل على ذلك الخوف والترقب من دق طبول الحرب على الحدود الشمالية، وفي إزدياد تدفق العديد من اللاجئين إلى الحدود الأردنية وما نتائج الضربة الأمريكية المحتملة على الأراضي السورية ، حيث أن بعض وسائل الإعلام تضخم وتبهر الخبر بحيث تجعل المراقب أو المشاهد يشرد بفكره ويحلل ويفسر وقد قال الله في محكم تنزيله(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقال زعيم الأمة الإسلامية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم (يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا)؛ متفق عليه

إن دور الأسرة في تنشئة الأجيال .. موضوع له خطره .. فالطفل الصغير أمانة كبيرة بين يدي أبيه وأمه .. وعقله الصغير أرض بكر لم تزرع ، وورقة بيضاء لم يخط فيها حرف.
وإذا كنا قد وضعنا وسائل الإعلام في قفص الاتهام باعتبارها المخرب الأول للأجيال ، فإن دور الأسرة في التربية ، قد يكون بمثابة الطعم الواقي الذي يجعل عقل الطفل مدرعـًا ضد قاذفات الفساد والانحراف ، وإلى هذا الدور الخطير الذي تقوم به الأسرة

وقبل أن نسترسل في الحديث ، فإننا نلفت النظر إلى أننا لن نستطيع تغطية الموضوع من كل جوانبه الدينية والنفسية والاجتماعية .. ولكننا سنتكلم عن جوانب أساسية في التربية يغفل عنها كثير من المسلمين...خصوصاً في أيامنا هذه ـ من أخطر المؤسسات تأثيراً على المجتمعات و الشعوب ، و من ثم فهو من الجهات التي توليها الحكومات و الجماعات أهمية قصوى ، نظراً لتعدد و سائله ، من صحافة و إذاعة و تلفزيون ومطبوعات ، و نظراً لسهولة و صول هذه الوسائل إلى قطاعات عريضة جداً من المجتمعات المختلفة ، حيث تفعل فعلها في عقول الناس و نفوسهم ، و من ثم تؤثر في اتجاهاتهم ، حيث تفعل فعلها في عقول الناس و نفوسهم ، ومن ثم تؤثر في اتجاهاتهم ، و من ثم في مواقفهم التي يتخذونها حيال كثير من القضايا ، يستوي في ذلك صغيرهم و الكبير ، غنيهم و الفقير ، متعلمهم و الجاهل.
و إنما بدأ يتجاوزه إلى إلغاء الحدود الثقافية ، و يتدخل في الخصائص النفسية ، و تشكيل القطاعات العقدية ، فيعيد بناءها و فق الخطط المرسومة لصاحب الخطاب الأكثر تأثيراً ، و البيان الأكثر سحراً ، و التحكم الأكثر تقنية.
لقد مكنت وسائل الإعلام الضخمة الإعلام من احتلال مكانة خاصة في قلوب الناس ، حتى ليصعب عليهم تصور الحياة و قد خلت من وسائل الإعلام تنقل إلى الإنسان تفاصيل الأحداث و الوقائع ، و شتى الأفكار و الاتجاهات والآراء ، وصنوف المعرفة ، من حيث تصدر إلى حيث تكون ، دون أن تحول بينه و بين عوامل الزمان و المكان ، أو اختلاف اللغات و اللهجات ، أو حتى مستويات استيعاب الحقائق ، أو الإفادة منها ، أو التأثر بها.

إن الإعلام يلعب دوراً مهماً في حياة الأمم و الشعوب ، و لا تكاد تخلو أمة من أمم الأرض ، أو شعب من شعوبها من تأثيره ، سلباً أو إيجاباً ، و إن اختلفت سبل و طرق هذا التأثير ... و يظل الإعلام المعاصر بتقنياته المتطورة ، ووسائله المختلفة رمزاً من رموز التحضر ، و معلماً من معالم التقدم بين الأمم ، فبه تستطيع الأمة ، أية أمه ، أن تضاهي بمبادئها و قيمها و منجزاتها ، و عن طريقه تفتح الأمة نوافذ المعرفة و سبل الاتصال ، و وسائل التعارف بينها و بين شعوب الأرض.
و إذا كان الراديو قد ربط بين الشعوب المختلفة في نقله للأخبار ، و توصيلة للمعلومات ، و نشره للمعرفة و الآراء المختلفة التي تجود بها قرائح الكتاب و المفكرين فإن التلفزيون قد جاء ليضيف أبعاداً جديدة للعملية الإعلامية ، بالصوت و الصورة معاً ، و ليدخل معظم البيوت ضيفاً مرحباً به من الجميع .. كبار و صغار .. متعلمين و أنصاف متعلمين و أميين .
إن الأب المسلم حريص جداً على تربية و لده التربية الحسنة ، و تنشئته النشأة الصالحة ، و العناية بجسمه وصحته، و بناءً على ذلك ، فلا يرضى أن يُدخل إلى بيته شخصاً سيء الأخلاق أو يجلس ولده مع رفيق سوء ، لأجل الحفاظ على دين و لده و سلامة أخلاقه ، فلا يرى من هذا أو ذاك سيء الأفعال و سوء الأخلاق فيتعلم مما يشاهده منهما ، وكذلك لا يرضى لولده أن يقوم بأشياء تضر جسمه و تؤذيه . فإذا ما وصل الأمر إلى جهاز التلفزيون تبخر عند الكثير من الآباء كل هذا الحرص على دين أولادهم و أخلاقهم و أجسامهم ، فلا يمانع أحدهم أن يجلس و لده إلى هذا الدخيل و جليس السوء فيشاهد فيه أنواعاً شتى و صنوفاً مختلفة من أفعال الشر و الإجرام و العنف و الجنس من قتل و ضرب و اغتصاب و تقبيل و جماع و سرقة و سكر و كذب و غش و تزوير واحتيال و إدمان للدخان و المخدرات و فسق و فجور و عقوق و تمرد ... إلخ.
و لا يخاف من أن يتعلم و لده شيئاً مما يشاهده فيه ، كذلك الأمر بالنسبة لجسمه حيث لا يمانع من أن يجلس و لده الجلسات الطويلة أمام التلفزيون فيتضرر جسمه أضراراً مختلفة ، و ربما هو الذي يدعوه إلى هذا الجلوس ، ربما لأن التلفزيون مخدر كهربي ، أو غاسل دماغ ، أو منوم إيحائي ... أو أي وصف آخر من الأوصاف التي أطلقها عليه العلماء من أبناء البلدان التي اخترعت هذا الجهاز ، فيجعل الأب يتعامى عن كل هذه الأضرار التي يمكن أن تلحق بولده منه ، وربما لأن التلفزيون قد عمل على تخدير الأب نفسه
و كثير من الآباء ينظرون إلى جهاز التلفزيون نظرة سطحية ، كمن ينظر إلى قنبلة على أنها مجرد كرة حديد يمكن ركلها و اللعب بها ، و لا يعبأ بما في داخلها من المواد المتفجرة والقاتلة ، ينظرون إلى التلفزيون على أنه مجرد جهاز للتسلية ، ولا يأبهون لمضمون ما يبثه من مواد سيئة وضارة ، ومن باب التسلية هذا تدخل الشرور و المفاسد إلى عقول الأطفال و أنفسهم ، فبعضها يظهر فوراً في أقوال الطفل وتصرفاته ، و بعضها لا يظهر إلا مع مرور الزمن ، حيث يستمر دخول هذه الشرور و المفاسد بانتظام و تتراكم في داخل نفس الطفل و تدخل في صميم قناعته الشخصية على أنها جزء حقيقي من السلوك الإنساني و الاجتماعي ، وعندما يكبر و يصل إلى مرحلة المراهقة حيث تبرز شخصيته و يزداد استقلالاً عن الكبار ، تظهر هذه الأمراض في أخلاقه و تصوراته و سلوكه و أقواله ، و يبدأ في التعامل مع أهله و مع الناس من خلال ما تجمع لديه من مشاهداته التلفزيونية.
ومن الواضح أن التلفزيون ، يلعب في الوقت الحاضر ، دوراً فاعلاً في حياة الناس ، فينقل إليهم و هم في بيوتهم أو في أي موقع يتواجدون فيه العلم و المعرفة و الخبرة و التسلية و الترفيه ، كما يعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية فعالية في تطوير الناس و توجيههم.
كما اعتبر من الوسائل الناجحة في تعليم الصغار و الكبار ، حيث استخدم في كثير من الجامعات و المدارس ورياض الأطفال و دور الحضانة ، و تغطي برامجه معظم نواحي الحياة ، و تتوجه إلى جميع الفئات و الأعمار ، ويبث برامج تعليمية للمراحل المختلفة ، وبرامج ثقافية ، وبرامج ترفيهية ، و إعلامية ، و إخبارية ، و اجتماعية للأسر و الأفراد ، و برامج للهواة و الفنون على اختلاف ألوانها و لذلك كله ، يلعب دوراً مؤثراً في حياة الناس ، وبخاصة فئة الأطفال منهم لأنهم أكثر الفئات مشاهدة له و يعطونه وقتاً أطول في متابعة برامجه المخصصة لهم لذلك لا بد من معرفة الآثار الايجابية و السلبية لهذه المشاهدات في حياة الأطفال و مراحل نموهم المختلفة .
فقد أثبتت الدراسات في هذا المجال أن الطفل يقع في حيرة من أمره ، ويصاب بالوهم فيما يشاهده على الشاشة الصغيرة من أنه الواقع أو الحقيقة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات