العيد قدس والقدس حُريَّة


- ردد فاقد الدهشة هذه الأبيات ، ومن ثم قال : هذا حالك وحالي يا قدس فهيّا نبكي معا أمة الخصيان ، يرهص أزلامها من العبيد والغلمان على خيول خشبية ، فيعلو الضجيج ، تحوم الغبار في المعركة على الأنا الفاقدة للرجولة ، ننخى صلاح الدين وننادي خالد بن الوليد ، فلعل وعسى يعود الزمن المدفون من جديد ، وعنترة بن شداد ينتفض من اللحد ليروي قصة الحرية...!فالعبيد لا يُجنزون وما كان لإبن زبيبة أن يحظى بكل ما حظي به من صيت الفروسية ، لو لم يُحرره شداد ، وكم شداد نحتاج لنتحرر من عبوديتنا ، ونمتطي خيول الزمن الجديد...؟ ، فاقد الشيئ لا يُعطيه ونحن لا نمتلك أنفسنا الرهينة للقوى الدولية ، فهذا تابع لأمريكا ، وذاك لروسيا وآخر لبريطانيا ولكلٍ أبٌ غير أبيه ـ يا واللّيه...!

- الحرية...؟

- العيد قدس والقدس حُريَّة ، فأين العرب مسيحيون ومسلمون من هذا...؟

- هنا من حق الزمن أن يتوقف على عجل من الرحيل ، هنا يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، كي نكتشف هوية القدس...؟ ، وإن كانت كما هي القدس مغانتنا ، فهل هذا حقيقة أم خيال...! ، هكذا ، واقع الحال جعل الأمر ملتسبا على فاقد الدهشة ، الذي ما يزال يبكي دماُ وهو يرى قُدسه ، عشقه ، عزته وكرامة أمته قد إستحالت يهودية على أرض الواقع ، وأنه مجرد سابح في الخيال وربما سائح ، يلتقط صورا لزهرة المدائن ، فتداخلت الأشكال وتشوهت اللوحة ، فغرق في السريالية وهو يظن أنه إلتقط في المشهد صورة صلاح الدين ، يقرع بوابة بيت المقدس، ولاح له طيف خالد بن الوليد على حافة اليرموك ، وفي ظن اللدود أن صوت حجارة الأقصى وهي تهوي ، هو صوت عنترة بن شداد يُنادي على الفرسان، ولكنه "فاقد الدهشة" لحظة أفاق من غفوتة على ذاك الحُلم الجميل ، وإذ به ممزقا على أرصفة العواصم العربية ، يستجدي رجولة ، همة ، قوة ، فعل ، حركة أو حتى كلمة من أجل القدس ، ولكن لا حياة لمن تُنادي ، لأن من يجوبون شوارع هذه العواصم ، ومن يحكموها ويتربعوا على كراسيها ، ليس سوى بقايا أدعياء ، من المخصيين ، العبيد ، الغلمان وأشباه الرجال.

- نعم ، نحن في العيد وعلى جبل عرفة وأبواب السماء مفتوحة منذ مئات السنين ، وما نزال منذ نيف وستين عاما ندعوا على اليهود ، ونكيل لهم الشتائم ، لكن الإبل ما تزال مُحصنة في خاناتهم .

- لا ،لا تقل أن هذا قضاء الله ، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالعمل ، وهو القائل وما أعزه من قائل : "واعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم .

- وعلى حين غرة صرخ فاقد الدهشة في وجه الحشري وقال : أود أن أسألك أيها الحشري أن تأتيني بعمل عربي إسلامي أو مسيحي ، يحمل بارقة أمل تُعيد لي قدسي ، تُنقذها من التهويد ، تُوقف بناء كنيس يهودي في الحرم القدسي الشريف ، أم أنك كما البقية تسبح في خيالات أمة الخذلان...؟ ، هكذا كان الإشتباك الأزلي مستمرا بين اللدودين ، فاقد الدهشة والحشري وهما يتجمدان أمام صورة القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية ، ومع ذلك يرددان مع الحجيج ، لبيك اللهم لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك، لبيك اللهم لبيك



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات