العنف الجميل


عمليات التجميل للعنف ما زالت مستمرة بكل أنواع العنف البشري و أشكاله الاقتصادية والدينية والعسكرية والاجتماعية من خنجر قابيل حتى " ماوس " إدوارد سنودين ، وما زالت الشعوب تدفع الثمن خوفاً وقلقاً وجسداً وروحاً ، وكأن قابيل لم يغادر الأرض بعد ، فقد سكن أجساد أصحاب النفوذ وصانعي العنف ، وكأن الشعوب والمستضعفين من الدول والحكام هم هابيل . 

كلنا نمارس العنف على كلنا ، ففي الاقتصاد نرى الرجل البخيل يسمى بخله اقتصاداً ، والدولة المنهوبة خيراتها تسمي رفع الأسعار والضرائب جهد وطني ، وفي الدين نسمي تفجيرات القتل استشهاداً ، وتدمير المدن جهاداً حتى الزنا أصبح جهاد مناكحة ، وفي القوة العسكرية نسمي قصف الطائرات بلا طيار مكافحة الإرهاب وقتل المتظاهرين الأمن الوطني ، وضرب وتعذيب المواطنين مقاومة العنف الغوغائي ، وفي القضية الاجتماعية فبيع الأجساد مهنة للعيش ، هذه كلها ممارسات فردية ودولية قد اعتدناها ، ورضخنا لأمرها ، ولم نعد نفكر فيها حتى أصبح من حق الكل التغول على الكل و أصبحنا نقتنع بعمليات التجميل لكل هذه الممارسات اللإنسانية ، وبالمسميات الفارغة تماماً من مضمونها .

وجاء إدوارد سنودين ليكشف لنا الوجه الحقيقي لأمريكا ، وما سوف أقوله من معلومات كشفه سنودين نفسه لكن لم تكن عندنا أية ردود فعل ، وكأن معلومات سنودين أمر شخصي بين روسيا وأمريكا ، ولا تخصنا كأمة عربية .

كشف خبير المعلوماتية الأمريكي إدوارد سنودين عن برنامج " بريزم " ، وأن وكالة الأمن القومي الأمريكية هي التي تُشرف عليه وهو برنامج أمريكي للتجسس الإلكتروني الشامل على جميع الاتصالات والشبكات الاجتماعية والبريد الإلكتروني والمحادثات الخليوية للأفراد والدول كافة ، وأيقظ هذا الكشف المذهل للتغول الأمريكي على العالم برمته صراع الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا ، وكان من المفروض أن يوقظ ما تبقى من أحاسيس فينا للدفاع عن خصوصيتنا الفردية والوطنية والقومية ، ونرفض هذا التنصت والتجسس الذي يلغي أية خصوصية لنا والذي أسماه سنودين القوة الناعمة للعولمة ، أية عملية تجميل لكل هذا العنف ضد الإنسانية جمعاء !!

متى يخرج قابيل من أجساد قادة العنف وصانعيه؟ ومتى نرفض المشاركة بتمثيل دور هابيل ، وهل محكوم على العالم أن يكون أحد الاثنين ؟ فأين المسيح ومحمد "ص" ؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات