كبش دائم لإطعام الجوعى .. ما رأي دائرة الإفتاء .. ؟!


في عيد الأضحى المبارك، يتداعى المسلمون لذبح الأضاحي، وهي سنّة مؤكّدة حسب ما ذهب إليه جمهور العلماء، ومذاهب الأئمة الشافعي ومالك وأحمد، ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: «ضحى النبي صلى الله عليه وسلّم بكبشين أملحين». وعن عبدالله بن عمر قال: «أقام النبي صلى الله عليه وسلّم بالمدينة عشر سنين يضحي». فلا أحد يجب أن يقلل من قيمة وقدر هذا النُسُك الإسلامي العظيم، لكن ما أريد أن أقوله هو أن الحدود والعقوبات في الإسلام فُرضت من أجل ضمان الحفاظ على الكليات الخمس التي تحقق كرامة الإنسان وهي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وبالتالي قرأنا كيف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف العمل بحد السرقة في عام المجاعة، تقديراً منه كإمام للمسلمين أن من يأخذ لا يعدّ سارقاً في ذلك الوقت، على اعتبار أن المجاعة شُبهة تُدفع بها تهمة السرقة لأن منْ يأخذ "يسرق" في أوقات المجاعة إنما ألجأه إلى ذلك الجوع وليس دافع السرقة..!! وبالتالي فإن ما فعله عمر رضي الله عنه لم يكن تعطيلاً لحكم شرعي وإنما تقديراً للحال، فيدخل في باب السياسة الشرعية..

وانطلاقاً من هذا الفقه الحيوي والسياسة الشرعية المرنة التي انتهجها الخليفة عمر قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، وحيث أن الفقر في المجتمع الأردني يتنامى وأعداد الفقراء في ازدياد، كما أعداد الجوعى الباحثين عن لقمة العيش في حاويات القمامة يتزايدون، ناهيك عن أن الكثير من العائلات المتعففة تعيش حياة قاسية ويعاني أبناؤها وأطفالها من شظف العيش وقلة الزاد، وسوء التغذية، ناهيك عن الشباب والشابات المتعطلين عن العمل لضيق فرص العمل ولتنافس العمالة الوافدة الشرعية وغير الشرعية على الفرص المتاحة، وحيث قرأنا مؤخراً أن تقديرات كلفة الأضاحي في الأردن لهذا العام تبلغ حوالي (50) مليون دينار، فإنني أرى أنه قد آن الأوان لكي يفكّر علماؤنا الأجلاء وبخاصة علماء دائرة الإفتاء بطريقة فقهية قياسية اجتهادية جديدة على نمط اجتهاد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في عام المجاعة والتي تدخل في باب السياسة الشرعية، لمراعاة أوضاع العباد المعيشية القاسية، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل تقديم مقترح معيّن في هذا الشأن، لكن أموال بحجم 50 مليون دينار، يمكن أن تُوجّه لإقامة مشروعات دائمة لخدمة الفقراء والمساكين والمعوزين والجوعى، وقد تكون مشروعات لإطعام الفقراء والجوعى على مدار العام وتمكينهم اقتصادياً ومعيشياً وغذائياً.. وليس مطلوباً لمثل هذا التصوّر، أن يكون سنوياً، أو يعطّل سنة الأضاحي.. بل هو نوع من التنظيم في الأولويات، واجتهاد لمقابلة منافع الناس ومصالح المجتمع ومعالجة مشاكله الكبرى من منظور اجتهاد شرعي، لا يعطّل واجباً شرعياً أو سنة مؤكّدة، وإنما يعطي أولوية للمصالح العامة مراعاة لاعتبارات حياة الناس ومنفعتهم.



تعليقات القراء

ابن الحارة
اخي الكاتب والله اني لااكاد اصدق ان هناك من يأكلون من القمامة وان وجدوا فهم قلة قليلة جدا جدا فمعظمهم يبحثون عن اشياء ليبيعوهاوان كنت لا انكر ان هناك فقرفربما يمثلون بانهم ياكلون من القمامةحتى يساعدهم الناس اما ما اقترحته لجل المشكلة فانا اؤيده بعد عرضه على الافتاء
09-10-2013 12:03 PM
احمد المحاسنه
ان مع ما تفظلت به اخي موسى ولكن مشكلتنا ليست بإقامة المشاريع وانما المشكلة بأن اي مشروع انتاجي سوف يقام سيشغل ايدي عاملة اجنبية لان الاردني لا يريد ان يعمل سوى بوظيفة حارس او قاعد وراء مكتب.
09-10-2013 02:24 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات