ذاكرتنا تشرين ، وليست تشرين الذكرى !


كانت الانطلاقة الأولى لتشرين الذاكرة التأسيسية كمقدمة وضرورة عام 1973م من القرن المنصرم ، ونسميها بتشرين الذاكرة لأنها كانت بالفعل حرب تحرير الذاكرة العربية من العبودية والفناء الحضاري ، هذه الحرب التي خاضها الجيش العربي السوري الباسل بقيادة القائد الخالد حافظ الأسد ضد العدو الصهيوني رأس حربة الغرب المستعمر لعقولنا العربية منذ عقود ، ولمواردنا ولكل ما من شأنه أن يضمن إنسانيتنا وأمننا الإنساني المستباح، بدليل هؤلاء الملايين من القتلى الأفغانيين والعراقيين ولبنانيين والفلسطينيين والسوريين وغيرهم الكثير من العرب والمسلمين الذين لا يجدون من يدافع عنهم ، لماذا يا ترى ؟ لكونهم بلا ذاكرة تجعلهم في الصدارة الإنسانية المحرم دمها ومالها وعرضها ، والتي تتربع على عرش العالم الأول صاحب الحقوق السياسية الكاملة .
واليوم إذ نخوض حرب تشرين الثانية في 2013 فإننا نذكر الأساتذة الأفاضل بذاكرتنا العربية المستهدفة من قبل القوى الصهيوأمريكية والغربية عموماً ، لنعيد معاً تحديد مفهوم ( التربية والتعليم ) التربية القائمة على قواعد ذلك العقل الجمعي العربي الحامل للعلوم والمعارف والفنون التي شكلت أسس الحضارة الغربية المعاصرة ، والعلم الذي لا يكون إلا من خلال التجربة لا التلقين العقائدي والتوظيف الإرهابي القذر .
دعونا نعيد تأسيس المنهج التجريبي الأصيل الذي انعكست آثاره الراقية والرائعة على كافَّة جوانب التقدم العلمي العالمي الحديث ، ليرى كل مدعي للعلم من هو الإنسان العربي في مستواه العقلي وتطوره الإنساني المنسجم تماماً مع المستوى الحضاري العالمي العام ، ومثل هذا الأمر يحتاج إلى مضاعفة الجهد ودوام البحث والنظر ، والوقوف على ما عند الأمم الأخرى ، لهذا ومن منطلق الانبعاث الإنساني فينا أقول : ذاكرتنا تشرين ، وليست تشرين الذكرى !
هذه حرب وجودية بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، حرب تستهدف مركزية سورية العقل والذاكرة والإنسان ، سورية البعث والقيامة العربية بكل معتقداتها السماوية ، وفكرها النضالي الإستراتيجي الاستثنائي في الصمود والمواجهة ، والشجاعة التي تعتمد على الإبداع في إدارة المعارك لضمانة عناصر المبادرة والمباغتة ، إنه الأنا العربية أنه نحن جميعاً من يقاتل لكي يعيد إنسانيتنا المسلوبة منذ قرون ، هذه الهامات في الجيش العربي السوري هي ذاتها هامات المجاهدين في الصدر الأول في الإسلام ، هامات أبناء بدر وأحد والخندق ، لهذا فإن تشرين الأولى إن كانت أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يهزم وأعاده ثقتنا العربية ، فإن تشرين الثانية قد كشفت كل المنافقين والأخطر على مسارنا الحضاري والإنساني من أي عدو ظاهر ، لقد عرفنا العدو يا سادة ( كل هؤلاء المتآمرين على الذاكرة العربية ) ودماء شهدائنا تروي في كل لحظة ذاكرتنا وتمدها بالحياة ، ذاكرة حطين وجالوت والقادسية واليرموك .
وإذ كنا نخوض كعرب حرب تشرين الثانية من أجل إنسانيتنا وأمننا الإنساني والحفاظ على ذاكرتنا العربية المقدسة ، فإن من المفارقات التاريخية أن نجد أمريكا التي تمثل الأحادية القطبية ، تشن حربها علينا من أجل تنظيم القاعدة الذي شن هجوماً انتحارياً على برجي التجارة حسب الرواية الأميركية في 11 سبتمبر 2001 م ، وقد أعلنت الولايات المتحدة على لسان رئيسها آنذاك بوش الابن انطلاق الحرب العالمية على الإرهاب ، وعلى مدى 13 عاماً أكلت أمريكا رؤوسنا في الخطابات والمؤتمرات لتقنعنا بأنها تقوم بتخليصنا من هؤلاء الأشرار الإرهابيين المجرمين الذين لا دين لهم ولا قيم ولا مبادئ ، إنهم عبارة عن مرضى لديهم معتقدات ضد الإنسانية هكذا كانوا يقولون لنا الأمريكان ، وحين أخذنا نصدق الكذبة الأمريكية ، ذهبت أمريكا لتفضح نفسها ، حيث أن وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون و CIA تقوم بالإشراف على توجيه الأموال والأسلحة إلى تنظيم القاعدة في سورية ، أمريكا للأسف حقيقة تخوض حرباً لمصلحة الإرهابيين في سورية !
ما هذا يا سادة كيف نفسر ذلك ؟ أريد تفسيراً من قادة المحافل والمجامع الإنسانية على المستوى العالمي بصفتي مؤسساً للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، لتخجل أمريكا من فعلها وقد أضحت راعية الإرهاب ، ولتقوم إسرائيل بوأد نفسها في الوحل وهي تقدم كافة صنوف الدعم للإرهابيين ، أما الدول العربية فلن أذكرها مجرد ذكر لأنني أربأ بنفسي عن ذكر من هم نعال لأمريكا وإسرائيل التي لا نراها أصلاً على الخارطة من ناحية ، ومن ناحية ثانية لأن نواتج الحرب حرب الذاكرة العربية ستعيد ترتيب البيت العربي الكبير تبعاً لهذا الانتصار العظيم .
أما أهم الدروس المستفادة من هذه الحرب التي كشفت حقائق العرب والأعراب ، أن سورية ما زالت الهدف الإستراتيجي ولا بد من أخرجها من المعادلة العربية ، وهنا على كل من يعادي النظام السوري أن يعاود التفكير بضمير ومنطق ويطرح هذا السؤال على نفسه : ترى لماذا يريدون إخراج سورية من المعادلة العربية ؟! سؤال برسم الوعي العربي ، والإدراك للثقافة السياسية القادمة ، وفي اعتقادي أن كل من يجيب على هذا السؤال سيعود حتماً لرشده المسلوب منذ عقود ، وستبدأ الذاكرة العربية بالنبض الحي ليدرك المرء الأسباب الحقيقية وراء هذا الاستهداف الممنهج للذات العربية المتمثلة في سورية ، وتشرين الذاكرة لا الذكرى فقط .
وأخيراً وليس أخراً أقول لكم جميعاً : لا مكان للضعفاء في هذا العالم ، ولا قوة إلا بالتكتل العربي والإسلامي ، والواقع الاقتصادي العالمي اليوم في أسوأ حالاته، دعونا نعيد تركيبة هذا الإقليم فوق قاعد الإنسانية والأمن الإنساني من منطلق إيماننا بأن ذاكرتنا تشرين ، وليست تشرين الذكرى ! تشرين العربية الحاملة لوعينا الإنساني والحضاري المقدس عبر القرون الماضية والتي ما زالت تنبض بعلمنا الحضاري للعالم أجمع ! خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

شاهين الحلبي
سيدي تشرين الذاكرة كانت بالفعل نقطة تحول نوعي في البناء النوعي للجيش العربي السوري والمقاومة العربية التي تسطر لنا الآن وفي هذه اللحظات تاريخنا العربي الجديد بحروف من دم ، سلمت يا دكتور على هذه المقالة التي تجسد المعاني الحقيقية للحركة التصحيحية في الذهنية الأسدية الخالدة .
08-10-2013 10:57 AM
د. أحمد ناصر
تشرين هي الحرب العربية الأولى التي أعادة الثقة والكرامة في النفس العربية ، وقد كانت بالتنسيق بين القيادتين السورية والمصرية إلا أن مصر السادات كانت غير مصر جمال عبد الناصر ، حيث ان السادات وصفها بحرب التحريك للسلام لا حرب التحرير كما وصفها القائد الرمز حافظ الأسد رحمه الله ،وكان التحدي في التخطيط والتحضير ينحصر في إسقاط نقاط ارتكاز الإستراتيجية الإسرائيلية التي تعتمد على الضربة الجوية الأولى إذ تم إحباطها بالتحضير السري والمفاجئ ، نعم أتفق معكم تشرين ذاكرتنا ، وليست تشرين الذكرى .
08-10-2013 11:02 AM
الفارس الأردني
...
08-10-2013 11:08 AM
أبو صالح
دكتور رعد سؤال واحد فقط ما دامت تشرين الذاكرة كما تقول فكيف نسيت لواء أربعين وخالد هجوج يا رجل حرام عليك والله حرام وبتعرف أنا واحد من الناس نفسي أقول بكل صراح هانا فلان بس المشكلة ما بدي مشاكل ... يعني مش فاهم شو قصتك مع بشار المجرم
08-10-2013 11:12 AM
هاني الساحوري
نلاحظ الارتباط العضوي بين وجهي الإرهاب الصهيوني والتكفيري وليس مصادفة أن تؤوي وتسلح قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان العصابات الإرهابية وتجعل الجولان السوري المحتل مسرحاً لمناوراتها وتداوي المصابين في مشافيها, وليس مصادفة أن تهلل العصابات الإرهابية للعدوان الإسرائيلي على جمرايا,
08-10-2013 11:18 AM
ساري الطيب
صدقت ورب الكعبة والغوطة والإهرامات ، لأن روح تشرين وذاكرته مستهدفة لأن كل الانتصارات التي حققتها الأمة العربية ما بعد تشرين مستوحاة من روحه وقيمه وليعود الآن أبناء وأحفاد مقاتلي تشرين ليدكوا أوكار وحصون وسراديب الإرهاب الصهيوني الوهابي الجديد وكما حقق الآباء والأجداد معجزات في فن الحرب فإن الأبناء يصنعون المستحيل وإذا كانت الأكاديميات والمدارس العسكرية مازالت تدرس إبداعات أبطال تشرين فإنها بدأت تحلل وتستخلص إبداعات المقاتلين الذين يصرعون الإرهاب تحت الأرض وفوقها وفي الهجوم والدفاع والمناورة....
08-10-2013 11:20 AM
راشد جبور
ذكرى العبور والانتصار للذاكرة العربية ، أنه يوم مجيد من أيام سورية ومصر والأمة العربية ومنعطف حاسم في تاريخنا الحديث، إننا ونحن نحيي اليوم الذكرى الأربعين لنصر تشرين العظيم نستعيد فيه بطولات الجيوش العربية في مصر وسورية وذكرى التلاحم العربي في حرب العبور، إننا ومن خلال هذه الذكرى بتحرر الذاكرة العربية نحيي أرواح شهدائنا الأحرار الذين وهبوا أنفسهم دفاعاً عن شرف الأمة وثمناً لاستعادة كرامتها وسيادة أراضيها وننحني احتراماً لجيل عظيم من الشعب العربي رفض الاستسلام للهزيمة ونجح في تجاوز الصدمة فحافظ على تماسكه ووقف صامداً إلى جانب قواته المسلحة مؤازراً ومؤيداً وواثقاً بقدرتها على الانتصار.
08-10-2013 11:28 AM
تيسير راجي
نعم يا سيدي وها هو الواقع العربي اليوم والمؤامرات التي تحاك ضد الأمة بدءاً من فلسطين والعراق ولبنان وصولاً إلى سورية التي تعاني ما تعاني من تأمر آل سعود وقطر ومن لا يخاف الله من الأعراب الذين وصفهم الله بأنهم أشد كفر ونفاقا
08-10-2013 11:31 AM
فادي الأعرج
...
08-10-2013 11:48 AM
نائب أمة
وضعت حداً للغطرسة والهيمنة الصهيونية -الأمريكية وأعادت للأمة العربية ثقتها بقدرة الإنسان العربي على تحقيق الانتصار وكسر غطرسة المحتل بفضل دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة للذود عن حياض الوطن وحماية أرضه وسمائه.
08-10-2013 11:51 AM
سعيد الحمصي
كشفت نتائج التحقيق الذي أجرته لجنة دولية خاصة تابعة للأمم المتحدة بشأن “المجزرة الكيميائية” التي حصلت في #غوطة_دمشق قي 21 آب / أغسطس الماضي أن آثار “السارين” وجدت في #العينات التي أخذت من جثث “الناجين” فقط، بينما انعدم وجودها في البيئة التي قيل إنها كانت مسرحا للهجوم الكيميائي! وتشكل هذه النتيجة “مفارقة مذهلة غير ممكنة منطقيا إلا ضمن شروط معينة من شأنها قلب الصورة رأسا على عقب”، وفق ما أكده مصدر عالي المستوى في “السكرتاريا التقنية” لمنظمة نزع الأسلحة الكيميائية، التي أشرفت تقنيا على التحقيق، في #لاهاي مساء الأمس
08-10-2013 11:58 AM
أسمة أدريس
الحكومة السورية ترفض التفاوض مع "الإرهابيين". ولديها استعداد دمشق للتفاوض مع "كل من يلقي السلاح ويؤمن بأن الوطن السوري هو وطنه ولا يدعو لتدخل خارجي ولا يقوم بأية أعمال إرهابية، والحديث هنا عن السوريين. أما المرتزقة الذين يأتون من الخارج، فبالمطلق هؤلاء لا حوار معهم وليس لهم أي مكان في سورية".
08-10-2013 12:01 PM
نسرين محمد
هل تسمحون لي
أن اعلم أولادي
أن الله اكبر واعدل وارحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟
وان مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين،
وان حساباته أحن وارحم؟
08-10-2013 12:29 PM
عيد صافي
عندما تنفذ الحكومة السورية التزاماتها من خلال الانضمام الى اتفاقية حظر السلاح الكيميائي لا تنتظر موافقة أو إشادة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وإنما تنفذ التزاماتها وتعهداتها فحسب.
08-10-2013 12:34 PM
معن الرواشدة
هذا الذي تعرف البطحاء وطئته **** والبيت يعرفه والحـلُّ والحرمُ

هذا ابن خير عباد اللـه كُلُّهمُ **** هذا التقـي النقي الطاهرُ العلمُ

هذا ابن فاطمةٍ انْ كنت جاهله **** بجـده انبيـاء اللـه قد ختموا
08-10-2013 01:44 PM
ناصر هاشم
...
08-10-2013 01:47 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات