اشتباك قلقيلية .. فاض الكأس فوقع المحظور


الرجال الستة الذين فقدناهم في قلقيلية أول أمس هم أبناء فلسطين ، وفقدهم جميعا مدعاة للحزن والأسف ، لا سيما حين يكون من بينهم مجاهدون مطلوبون لقوات الاحتلال ، لكن ما جرى كان متوقعا في أية لحظة ، فما تفعله السلطة منذ ما يقرب من عامين لم يكن عاديا بحال من الأحوال.

شباب حماس الذين قاوموا أمر تسليم أنفسهم واشتبكوا مع رجال الشرطة كانوا حالة خاصة في وضع الضفة ، ويبدو أنهم قرروا ذلك فيما بينهم ، لاسيما بعد أن جرب بعضهم ما يجري في سجون السلطة من إهانة وتعذيب ، فضلا عن النتيجة المتوقعة بعد ذلك ممثلة في المطاردة والاعتقال من طرف سلطات الاحتلال.

نائب رئيس بلدية نابلس (مهدي الحنبلي) لم يمض على خروجه من سجون الاحتلال بعد أسر دام عامين سوى يوم واحد ، وعلى رغم أنه من أعيان المدينة إلا أن السلطة قامت باعتقاله ، ومعه عشرات خلال يومين من بينهم أب وأربعة من أبنائه.

في سياق مسلسل مأساوي من هذا النوع ، كان من الطبيعي أن يخرج من بين الجموع عدد من الشبان يأخذون قرارا من نوع مختلف ، لاسيما إذا كان من بينهم من يتوقع أن يطول اعتقاله في سجون السلطة ، كما هو حال قائد المجموعة المتهم بعمليات ضد الاحتلال.

رجال الشرطة في نهاية المطاف موظفون يؤدون عملهم ، وجميعهم ليست لهم تجارب نضالية ضد الاحتلال ، والسبب أن ذلك هو شرط الجنرال دايتون لضمهم إلى جهاز الشرطة بحسب نظرية "الفلسطيني الجديد" التي يتبناها ، لكن المصيبة أن أكثرهم يدركون طبيعة المهمة الموكلة إليهم وقبلوا بها بكامل إرادتهم ، مع ضرورة الإشارة لاستغلال المعنيين لحاجة أكثرهم للعمل في ظل تنظير سياسي للمرحلة الجديدة وميزاتها مقابل بؤس المرحلة السابقة وما تركته من معاناة في صفوف الفلسطينيين ، لكأن مقاومة الاحتلال في تجارب البشر تورث في المدى القريب شيئا غير الموت والأسر والمعاناة،،.

أما قصة تكرار ما جرى في قطاع غزة في الضفة الغربية كسبب للملاحقة فلا يبدو أمرا مقنعا بحال ، لأن الغالبية الساحقة من المعتقلين الحاليين ، ومن مروا قبلهم على سجون السلطة ليست لهم أية علاقة بالعمل العسكري ، ويعلم الجميع أن أمثال هؤلاء لا يتركون في الغالب لأجهزة السلطة ، بل يعتقلون مباشرة من قوات الاحتلال ، وقد نقلنا هنا قبل أيام كلام أفرايم هاليفي قائد الموساد السابق الذي أشار فيه إلى أن كل ما فعلته السلطة لم يؤهلها للقيام بمهمة الأمن ، وسيحتاج الموقف إلى عامين آخرين حتى يوثق بجهودها على هذا الصعيد ، وحتى ذلك الحين ستواصل أجهزة الاحتلال القيام بمهماتها ، ليس فقط ضد الناشطين في المجال العسكري ، ولكن أيضا ضد الناشطين في المجال السياسي والاجتماعي ، بدليل أن 600 معتقل إداري (ليس عليهم تهم): أكثرهم من حماس لا يزالون في السجون الصهيونية وتمدد فترات اعتقالهم حتى لا يساهموا في لملمة صفوف التنظيم في الضفة. وفي كلام هاليفي المشار إليه نوعا من تصنيف ذلك كخدمة للسلطة في مواجهة حركة معادية ، الأمر الذي يبدو منطقيا ما دام هدفها الأساسي هو الانتخابات التي تعيد لها "الشرعية" التي فقدتها في المرة الماضية ، وبالطبع لكي تمضي في برنامج السلطة الجديدة بحسب نصوص خريطة الطريق وبرنامج دايتون ، ومن ضمن ذلك الاستمرار في المفاوضات بصرف النظر عن بقائها في دائرة المراوحة أو توصلها لاتفاق نهائي.

من المؤكد أن أي اشتباك في الضفة ليس فيه مصلحة للفلسطينيين ، وحماس تدرك ذلك ، وتدرك أن مشروع المقاومة هو الأصل ، وليس التقاتل على سلطة يتحكم بها الاحتلال من كل جانب ، ويريد بقاءها لاعتبارات مصلحته ، لكن ما يجري يخرج الناس عن طورهم ، ومن يعتقد أن بوسعه القضاء على حركة تملك ذلك المدد الهائل من الشبان واهم كل الوهم.

إنه تناقض جوهري ، بين حماس والسلطة ، ولا شك أن جسر الهوة بين الفريقين أمر في غاية الصعوبة.



تعليقات القراء

المحامي ابو شريف
لكنك تغفل يا استاذ ياسر ما تمارسه حماس في قطاع غزة من ممارسات قمعية و لا تأتي على ذكرها اطلاقا!!!واذكرك ان اي سلطة في العالم ستقوم بنفس الاجراءات التي اتبعتها الاجهزة الامنية الفلسطينية ، فهب ان شخصا ضبط في عمان يجهز نفسه ل( عملية) ضد الاحتلال في الضفة وضبطت اجهزة الامن معه مليون يورو و21 الف دينار اردني ومجموعة اخرى ضبطت معها 2 طن من المواد المتفجرة فهل تطلب من الاجهزة الاردنية التغاضي عنه وتسهيل عملها ؟؟؟!!!!!
11-06-2009 09:00 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات