عاش عاطف ومات التلفزيون


قبل أيام، تحديداً (الاربعاء 18/9/2013 ) فجعت الأوساط الأدبية برحيل الشاعر والأديب عاطف الفراية عن عمر يناهز(49) الذي وافته المنية في أرض غربته القصرية التي أجبر عليها في شارقة الإمارات التي احتضنته واحترمته، اثر جلطة حادة مفاجئة، لم تمنحه الوقت الكافي للاحتفال بفوزه بالجائزة الأولى لمهرجان الفجيرة الموندراما عن مسرحية ( البحث عن عزيزة سليمان(.

هنا لا نملك الا الترحم على عاطف الفراية، ففي الموت لا يجرؤ أحد على رفع رأسه، ولا يملك أحد ترف الخيار والاختيار.

ولأن الموت حقيقة لا يمكن انكارها كما الحياة، يكون الصمت في حضرته أبلغ من الكلام.

لكن المحزن والمؤلم الذي لا يمكن الصمت عليه، هو ذاك التجاهل الغريب العجيب والمريب للتلفزيون الأردني لمبدعي الوطن، كعاطف الفرية، لماذا هذا التغييب ؟!

إن استمرارية أنتقاء تلفزيوننا الأردني لمبدعي البلد والارتقاء بالبعض وازدراء البعض، أصبح فوق كل احتمال، من هو الاكثر ابداعا من عاطف الفرية في التلفزيون الأردني؟ والذي قرر بأن عاطف لا يستحق بعض اجزاء الساعة ؟!
أيعقل أن التلفزيون لديه من المبدعين ما يجعله لا ينظر لشخص كعاطف الفرية، أم أن هناك عوامل أخرى ؟!
أيعقل أن يُغيب مبدع مثل عاطف عن شاشة التلفزيون، فيصير غيابه موت في الحياة، ومن ثم يرحل فيصير رحيله حياة في موت.
أيعقل أن يظلم عاطف حياً وميتاً، فلا يكترث لأمره التلفزيون، وهو قبل أيام قلائل فاز بالجائزة الموندراما الأولى لمهرجان الفجيرة المسرحي، كما لا يكترث له أحد عندما مات، لماذا ؟
أمشكلة عاطف والذين مثله أنهم أدباء يحملون افكاراً، ألهذه الدرجة باتت الافكار تهدد كيان التلفزيون الرسمي، لذا هو يغتالها في الحياة، وينساها في الموت.

الم يكن من الممكن أن تستقبله مثلاً " لانا القسوس " في برنامجها "يسعد صباحك" عندما زار الأردن قبل اسابيع، أم أن عاطف لا يملك شروط الغنج والكذب والتملق والنفاق والتعييش، والتسحيج، كما لا يستطيع خلع ثوب لهجته الأردنية الكركية الجنوبية، لذا سدت الأبواب بوجهة، اتحداها - أي لانا وبرنامجها - أن قامت غداً بالتطرق للموضوع بتقرير ولو بسيط عنه !
أليس من الغريب أن يغيب خبر موت شاعر بقامة عاطف الفراية عن أخبار التلفزيون ، حتى عن شريط المتحرك القابع أسفل الشاشة، وذلك أقل الإيمان !
أم لكون عاطف لم يكن كاتب أغاني وطنية، أصلاً شعره صعب على استيعابهم وصعب على هؤلاء الصغار، وكعب معناه ومبناه أعلى من هامتهم، لذا رفضوه واسقطوه من قوائمهم.

أليس من الغريب أن يُنكر مثقف أديب وروائي مثل رمضان الرواشدة – مدير عام التلفزيون - دور عاطف الفراية، بحيث يمنع ذكره ولو بخبر عابر يحتفل بنجاحاته وهو حي، ولماذا أصر على ذلك في مماته وهو المدير الذي يتوجب ان يوجه كوادره صوب الاهتمام، هل للأمر علاقة بالإبداع والانتاج الذي يفتقده البعض !.
صحيح، ألم يزر قبل أشهر برنامج "يا طير" المخصص للمغتربين الاردنيين ومقدمه عامر الصمادي الإمارات، ، لماذا يا ترى لم يجرى لقاء مع عاطف الفراية، أم أن للأمر علاقة بالتمويل، وأشياء أخرى ؟!
. أليس هذا عيبا ما بعده عيب ...
نعم مات عاطف، الأنسان، لكن بقي الشاعر والأديب حاضراً في ذاكرة الأردنيين.
نعم مات عاطف وحيداً في منزلة وبين ذراعي ( أمل ) قصيدته الأولى والأخيرة -لكنه ابداً لن يغفر لكم.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات