هل لعبها الأسد .. صح .


توقفت حملة التجييش الامريكي ضد سوريا وإنتهت معركة حبس الانفاس للدول المجاورة لها واصبح الشارع العربي يبحث عن شأن غير سوريا للحديث فيه كي يبقي ذاكرته تعمل بعد أن شلتها تماما فكرة ضرب سوريا والتحالف الدولي المناصر لبشار الأسد ، وما يثير الانتباه هنا أن كلمة ضرب سوريا أخرجت الكثير من المعلومات ولابد من التعامل معها مستقبلا بكل دقة وموضوعية .
وأول هذه المعلومات التي ضاعت في زخم الضربة من عدمها الموقف الإيراني الواضح وضوحا الشمس ولغة التهديد التي أرسلتها إيران لأمريكا عبر موسكوا بوفد عالي المستوى وجه خطابة للرئيس بوتن وهو ضامن أن يصل للرئيس أوباما ، مما جعل الإدارة الأمريكية تقبل بأية مبادرة كانت تخرج فيها من أتون الضربة لسوريا .
وثاني هذه المعلومات ظهرت بكل بساطة من بين ركام الربيع العربي والتي اشارت إلى حكم العسكر في مصر مال لحكم عسكر سوريا لأن كلاهما يرفضان حكم الإخوان ، وهم بالتالي متفقون على كراهية أن يعود الإخوان للسيطرة على مصر وسوريا وإن كانت تلك المعلومة وضعت دول الخليج العربي بقيادة السعودية في متاهة الموقف المصري بعد أن ضخت بلايين الدولارات لعسكر مصر كي يقفوا على أقدامهم بعد إسقاط الرمز الإخواني مرسي ، وهذه الثوابت ما بين مصر وسوريا والخيلج ضد الإخوان جعل الإدارة الأمريكية تقف موقف المتفرج العاجز عن قراءة المشهد الديني المسيطر على تلك الدول بخلاف سهولة قراءتها للمشهد الديني في كلا من العراق وايران .
وثالث هذه المعلومات جاءت من باب الشرق روسيا التي سوقت وبكل قوة فكرة أن من أطلق الكيماوي في الغوطة هم المعارضة وبتأييد من دول خليجية بغيت إيصال الموقف العالمي من الأزمة إلى باب مغلق لايفتحه إلا سقوط الصواريخ فوق دمشق ، وأعادة روسيا تكرار تلك المعلومة في كل لحظة يظهر بها تقرير من هنا أو هناك يلمح إلى نفس ما تطرحه الدولة الروسية مستخدمة بذلك أدواتها الاعلامية ، وفي أخر تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود اشار إلى ما نشر عبر الإنترنت من صور عن مذبحة الغوطة تم التلاعب بها وغير حقيقة .
ورابع هذه المعلومات أن دور المعارضة جمد وأصبحت لاتمثل سوى نفس قياداتها التي فشلت ومنذ شهور في الاتفاق على إخراج نفسها من سيطرة الإخوان وإن كانت تحاول وضع رموز قيادية بعيدة عن الإخوان في الواجهة إلا أن وجودها داخل أسطنبول وإدارتها للمعركة من هناك ومن الدوحة جعلها تحت مجهر دول الخيلج لمراقبة التحرك الإخواني داخلها وهي تسكن في عقر أكبر مؤيدي حكم الإخوان مصر طيب رجب أوردوغان .
وعلى صعيد دول الجوار لسوريا وبالأخص الأردن التي وضعت في واجهة الأحداث جاء دور اليسار الشعبي والقومي وحتى الإخواني بأنهم ضد ضرب سوريا عامل مهم لدى الدولة الأردنية في أيقاف تهور رئيس الوزراء في تصريحاته وإيقاف الأمور عند نقطة الأصل وهي أن من يقرر علاقة الدولة الأردنية بضربة سوريا وموقفها منها هم قيادة الجيش والملك فقط وعلى الحكومة أن تخرج نفسها من هذه اللعبة وتبقي ملفاتها الداخلية هي الأهم، وفي زيارة الوفود الأردنية لعرين الأسد علنا وهي وفود شعبية ونقابية وقيادية ونيابية جعل اللعب في ساحة دمشق من داخل عمان يصب في صالح عدم توجيه الضربة لسوريا وحصوله على تأييد شبه قوي من القيادة العسكرية والقصر .
ولعل أبرز هذه المعلومات التي طرحت خلال تلك الحملة لضرب سوريا هي خلاصة ما خرحت به الدول الداعية إلى الضربة كنهاية للنظام الأسدي في سوري من باب أن العودة عن الخطأ لايمكن القيام به وهو خطأ أرتكبته تلك الدول لأنها لم تعطي التحالفات الدولية التي تربط سوريا مع روسيا وايران حجمها الحقيقي وإستمرت في سعيها للقيام بضربة وإن أدت تلك الضربة لتدمير المنطقة ككل وبإستثناء جغرافية تلك الدول لأنها بمنأى عن الضربة ، وهي الدول التي أطلق عليها لاحقا أثناء التجييش لضرب سوريا دول محور الضربة ولم تعد تلك الدول تصغي للأصوات القادمة من الغرب والشرق الداعية للوصول لحل سياسي ينهي أزمة سوريا بل أكتفت بإصرارها على ضرب نظام الحكم في دمشق كي تؤكد لنفسها فقط أنها كما أشعلت الثورة تستطيع أن تنهي نظام بشار من خلال هذه الثورة .
وجاءت أحداث مدينة معلومة ودورها الديني في إخراج الفاتيكان من منطقة الحياد إلى منطقة الرفض للضربة وضرورة الوصول لحلول سياسية ، وأكد نظام الأسد في إعادة سيطرته على مدينة معلوله أنه يسعى لإخراج من لايؤمنون بالمساواة بين الاديان من أرضه وبعد أن نشلات وكالاتالانباء عن الطريقة التي دخل بها الثوار المدينة وأعادوا للذاكرة مصطلخات عفى عليها الزمن عندما نادوا على مسيحي معلوملة " صليبين " ، وهنا دخل البابا بقوة على خط الدفاع عن مسيحس سوريا وتم الاستماع له وإن كان أستماع ربوي وليس سياسي ولكن إستشهاد الرئيس بوتن بمقالته التي نشرت في صحيفة امريكية في نفس اليوم الذي غادر وزير خارجيته لجنيف للقاء وزير خاريجة أمريكيا تأكيدا على أن روسيا تؤيد ما طرحه البابا .
وخلاصة المعلومات تلك حقيقة واحدة تقول أن اللعب في ساحة سوريا لايمكن أن يشابه اللعب بساحة العراق قبل عشرة سنوات لأنه من المستحيل أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى وهي مقولة ماركسية تربى على ثقافتها بشار الأسد لأربعين عاما .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات