فصل النائب أو تجميد عضويته دستورياً؟


أثار قرار مجلس النواب بفصل أحد أعضائه وتجميد عضوية عضو آخر جدل قانوني حول صحة هذا القرار من عدمه وبالحقيقة فإن لهذا الجدل مبرراته وأسانيده ويستدعي تناوله بموضوعية وحيادية وهذا ما دفعني للتعرض لهذا الموضوع وسأتناوله من حيث الفصل والتجميد, حيث لا يجوز لأي كان تناوله من الناحية الجنائية لكونه يقع ضمن اختصاصات النيابة العامة.

ولغايات تناول هذا الموضوع بوضوح, فإنه يتعين الرجوع لأحكام الدستور.

وبالرجوع لنصوص الدستور, نجد أن المادة (75) منه قد تناولت إسقاط عضوية النائب إذا فقد النائب أي شرط من شروط صحة العضوية, كما نجد أن المادة (90) منه قد نصت على جواز فصل النائب من المجلس وما يهمناً هو الفصل, حيث يتبين أن أحكام وشروط الإسقاط الواردة بالمادة (75) منه تختلف عن ما حددته المادة (90) والتي لم يرد بها شروط أو ضوابط لفصل النائب وبتقديري أن عدم تحديد شروط وضوابط للفصل يعود لأسباب وغايات حدت بالمشرع لعدم ذكرها, ومن بينها ترك سلطة تقديرية للمجلس بممارسة هذا الحق آخذاً في الحسبان العمل أو الفعل الذي حصل من النائب وفيما إذا يستوجب الفصل من مجلس النواب من عدمه وقد أحسن المشرع صنعاً بذلك.

وترتيباً على ما تقدم, يتبين أن المشرع أعطى للمجلس الحق بممارسة صلاحياته بالفصل فيما يتعلق بالمخالفات المسلكية التي تصدر عن عضو المجلس وهي إما ان تكون فعل أو امتناع عن فعل يرتكبه النائب ويجافي واجباته ومسؤولياته. أما بخصوص إسقاط العضوية فلا يملك المجلس إصدار قرار بذلك, إذ أن العضوية تسقط حكماً إذا توافرت إحدى الحالات الواردة بالمادة (75) المذكورة أعلاه ودون حاجة لصدور قرار وهذا الفرق بين إسقاط عضوية النائب وفصله.

وانطلاقاً مما سلف ذكره, نجد أن المجلس له الحق بفصل أحد أعضائه إذا ارتكب فعلاً او امتنع عن فعل وصل حداً من الجسامة والخطورة وله سلطة تقديرية بذلك ولا يرد القول وجوب تطبيق القاعدة القانونية الواردة بقانون العقوبات والتي تنص

على أنه لا جريمة بلا نص وذلك على المخالفات المسلكية أو الآثام السلوكية, حيث أن ليس من صلاحيات المجلس محاكمة أي من أعضائه عن جريمة اتهم بارتكابها وإنما يعود هذا الاختصاص للقضاء, ومن المعروف بالفقه والقضاء الإداريين أن المخالفات المسلكية تتسم بالتشعب والتعدد والتنوع ويتعذر حصرها, حيث أن قواعد المسؤولية التأديبية أوسع من قواعد المسؤولية الجزائية ولا يعني إذا حرَّم القانون اعمالاً وأفعالاً معينه أن ما عدا ذلك هو مباح.

وعليه وحيث أن العقوبة التأديبية تستوجب أن تتناسب مع الإثم المسلكي والتي تقدرها السلطة التأديبية (مجلس النواب) بما له من سلطة تقديرية, وقد مارسها مجلس النواب وحددها على ضوء الوقائع والظروف والملابسات المتوافرة لديه.

أما بخصوص تجميد العضوية, فإن للمجلس وكما ذكرت له الحق بفصل أي عضو من أعضائه وتعتبر عقوبة الفصل أعلى العقوبات ولا يمارسها المجلس إلا إذا توافرت لديه الأفعال والأسباب والمبررات التي توجب ذلك, وتفريعاً على ذلك, فإن من يملك فرض العقوبة الأشد وهي الفصل, فإنه يملك فرض العقوبة الأقل وهي تجميد العضوية.

لهذا وتأسيساً على ما تقدم, فإن ما قام المجلس به له سنده الدستوري ولا جُناح عليه بذلك ونقره على صوابه وإن ما قام به هو إجراء رادع لمن قام بتلك الأفعال أو من يفكر أو يخطط للقيام بأي تصرف يخرج النائب عن واجباته وثقة الشعب به مستقبلاً وبعكس ذلك, فمن يرتكب أية أفعال تسيء للوطن او لمجلس النواب أو لأي شخص كان, فإنه سيفلت من ملاحقته تأديبياً وهذا لا يستقيم مع أحكام القانون وتأباه العدالة وإرادة الناخبين الذين قاموا بانتخاب النائب ليقوم بوظيفته التشريعية والرقابية وفقاً القانون ولكل مجتهد نصيب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات