الضربة .. !


- فاقد الدهشة يروي حكاية الضربة...!
- بعد صلاة الفجر جلس صديقي اللدود فاقد الدهشة على الأريكة في الشُّرفة ، بدأ طقوسه بالتأمُل ، الإستغفار ، الأدعية على إيقاع رشفات القهوة ، نفث دخان السجائر ومتابعة ما تبقى لامعا من النجوم في السماء ، فيما كنت أهيم في العالم الماورائي أبحث عن منفذ للخروج من أزمتي المالية .

- بدون دستور ولا حاضور ، لخمني اللدود بقوله ، إلا ضراب يضرب هيك أمة ، هيك أنظمة وحُكام ، وأولهم المدعو بشار الأسد . ولأني مُستاء حد الثمالة ، لم تهتز مشاعري ولم أعلق على خراريف فاقد الدهشة ، هكذا عاد اللدود لطقوسه وهذيانه وعدت إلى خيالاتي ، بحثا عن كيفية تدبير أموري المعيشية ، وبقي كل منا ، فاقد الدهشة وأنا يغرق في أفكاره ، يُقلِّب ويُحسِّب ، ولكن من غير طائل يصل بأحدنا لمبتغاه ، فهو في واد وأنا في واد ، حتى وصل الحشري ، الذي إستقبله اللعين بالقول ، هها ، هكذا إكتمل النقل بالزعرور ، ما الذي جاء بك...؟ فنحن محشورون في خزعبلات عروبتك بما يُوزِّع على البشرية ، ومع ذلك أهلا وسهلا، وبدون مقدمات ماهي أخبار الضربة...؟

- بالطبع ، كعادته بدأ الحشري يتفلسف ويُنظِّر ، ومن ثم يخلط شعبان برمضمان ، ليزداد الأمر تعقيدا في صباح منزوع الدسم ، يُنبئ بمدى ما نعانيه ثلاثتنا من قلق وإرباك ، وحالنا كحال إبني مصطفي 12 عاما يُبدي الزعل ، الغضب ويشتم أمة تروج لخذلانها ، ترواح مكانها وهي تُفاضل بين عدو وعدو ، بين بشار ومحازبيه ، إيران ، حزب اللات وكهنة الطائفية ، وبين الغرب ومصالحه والصهيوأمريكية.

- هكذا ، وبعد تأملنا في وجوه بعضنا بدون كلام ، وجدنا أنفسنا نغرق في دموع الدم حسرة على حال الأمة ، نلعق جراحنا المادية والمعنوية ، ويُحاصرنا التيه في الجواب على سؤال للصغير مصطفى ، وقد أتى بدلة القهوة وعاجلنا سائلا ، شو أخبار الضربة...؟ ، وقد إرتسمت على شفتي الصغير إبتسامة توحي بالشماتة ، وكأن لسان حاله يقول ، طُز فيكوا وفي هيك أمة عرب ومسلمين.

- إنشغل الحشري "ماجد الحسنات" في متابعة بوستات فشة الغل على الفيس بوك ، وفيما أنا في القدس روحا ، عقلا ووجدانا لأشتد حزنا وحسرة على الحقيقة المُغيبة ، على فلسطين كهدف يسعى الجميع لمسخه وتدميره ، الحلفاء قبل الأعداء ، والجميع يركع في المحراب الإسرائيلي ، صلاة من أجل أمن اليهود.

- فاضت دموعي ، وإذ بفاقد الدهشة وقد قرأ ما في ذهني ، بحكم التخاطر "التلباثي" بين عقله وعقلي ، فسارع إلى القول : الضربة الضربة...! ، قصة تُروى لفعل مشين ، يبدأ في القدس وينتهي فيها ، كما ورد في السفر المُشفَّر الذي تُعده الصهيوأمريكية ، لتُمرر تسوية سياسية مسخ لقضية فلسطين ، بلا قدس وبدون حق العودة وضمن معادلات ، أقل ما فيها أنها إعلان دولة فلسطينية شكلية .

- قبل أن يبدأ الحشري موجات فلسفته وتنظيره ، التي لا تتوقف بدون صُراخ ، سارع اللدود إلى القول : دعونا نتعقل ، نتأمل ونفكر بهدوء ، ونطرح السؤال ، من المسؤول عن الواقع الدموي المُخزي في سورية ، العراق ، لبنان ، اليمن ، مصر ومن الذي يتآمر على فلسطين ، ومن الذي أوصلنا إلى هذا الحال غير المسبوق ، في غير مكان في العالمين العربي والإسلامي...؟ ، هل حقا هو الصهيوأمريكي ، أم النيص الذي إستدرجته أنظمة الدكتاتورية ، الطغيان ، الطائفية والعمالة إلى مقاثينا ليرتع في ربيع أمة فقدت حتى كلاب الحراسة...؟

- قطع الحشري الطريق على فاقد الدهشة ، وسارع قائلا : إذن لا خيار لنا كشعوب غير السلاح لمواجهة العدو ، وهنا كاد فاقد الدهشة أن يُغمى عليه من نوبة الضحك والقهقه ، التي أنقذه منها مصطفي حين دخل إلى الشرفة يحمل إبريق الشاي ، وهو يغني شاي منعنع ، شاي منعنع يا قوم فلعلكم حليتوا لغز الضربة...! ، ورمانا بنظرات مُبهمة ، إذ لولا الخجل لقال لنا شي غاد...! ، وهوما أيقظ فاقد الدهشة الذي ألقى نظرة خبيثة على الحشري ، وقال: هكذا نحن مجرد ردة فعل ، ومن ثم عمل غير مدروس وبدون حسابات ، يعني أننا الفوضى وهو المطلوب من العدوين ، اللذين يستهدفان قضية فلسطين التي هي بداية القصة ونهايتها.

- لكن الحشري ومن شدة النزق المشفوع بالطفر ، صرخ في وجه فاقد الدهشة وقال ، وقد فهمنا أن فلسطين هي الهدف ، تأكد لنا أن حكام العرب والشعوب يُعانون من الخذلان ومصابون بالعِنَّة وفقدان الرجولة ، وأن الصهيوأمريكي بات القول الفصل في مجمل حياتنا ، فهو يُقرر لنا شكل ومضمون علاقاتنا مع زوجاتنا ، ومع ذلك يبقى السؤال وماذا بعد...؟

- عاد فاقد الدهشة لطقوسه ، لحظة صمت وتأمل ، وبهدوء قال : سؤال وجيه تبدأ الإجابة عليه حين تعترفوا بأنكم مهزومون ، ومن ثم تُعيدوا النظر في موروثكم الثقافي ، وتتعلموا كيف تكونوا أحرارا ، ماهية الحرية ، الديموقراطية ، الحق ، العدل ، المساواة وحقوق الإنسان للجميع ، للطفل ، المرأة وذوي الإحتياجات الخاصة، وتُعيدوا بناء منظومة علاقاتكم البينية على أسس متناغمة مع العصر ، بدلا من الإتكاء على التاريخ والقوالب الثقافية المحنطة التي ما تزالون تتغنون بها ، وتتعبدون في محرابها بتلقائية وجاهلية ، ومن ثم تنطلقوا إلى فضاءات العلم والمعرفة ، وتعملوا على إمتلاك قراركم ومقدراتكم ، ومن ثم تتسلحوا بقوة الإرادة ، لتتمكنوا من الوقوف ندا للآخر حيثما كان ، وكل ذلك بطرق سلمية ومن خلال أطر سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية وثقافية تؤمن بالأوطان التي تحتكم لصناديق الإقتراع ، والعيش في دول مدنية تحتوي دساتيرها نصوصا تفصل الدين عن الدولة والسياسة ، وبدون هذا سيشتد عليكم الجحيم ، وخاطركوا...!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات