التهديدات الامريكية لسوريا مرفوضة


تشهد المنطقة العربية وشعوبها منذ اطلاق الولايات المتحدة تهديداتها بتوجيه ضربة الى سوريا بحجة ادعاءات استخدام النظام السوري اسلحة كيماوية ضد مواطنيه في الغوطة الشرقية بدمشق قبل عشرة ايام اجواء مشحونة بالقلق وعدم الاستقرار، وتعيش ظروفا خطيرة في ظل هذه التهديدات.واشنطن اعلنت رسميا وعلى لسان رئيسها اوباما عزمها توجيه ضربة " محدودة" الى سوريا كعقاب لرئيسها بشار الاسد لاستخدامه الكيماوي ضد المواطنين ، وذرفت دموع التماسيح بعد ان اوعزت الى ادواتها الاعلامية في المنطقة لبث صور الضحايا من اطفال سوريا وكسب العطف العربي السريع والظفر بالتأييد الغربي الصعب لتوجيه ضربة الى سوريا لا تهدف حسب التصريحات الاميركية الرسمية الى تقويض النظام واسقاطه وانما على الطريقة العربية القديمة هز العصا امام وجه بشار الاسد لتأديبه ومنعه من استخدام الكيماوي مرة اخرى " وهاي المره سماح " ونكتفي بالتخويف.حقا تعيش المنطقة بسبب هذه اللعبة الامريكية ظروفا معقدة ومستقبل مجهول ونحن نرى على ابوابنا البوارج والمدمرات ولا ندرك هل واشنطن جادة ام فقط تمزح مزاحا ثقيلا مع الشعوب العربية عندما تصف نظام الاسد خارجا على القانون الدولي ومخالفا للشرعية الدولية التي لا تحرص الولايات المتحدة كثيرا على الالتزام بها ولنا في فلسطين خير دليل ، ووصل الامر بالعنجهية الاوبامية ان اعلن بان قراراته لا ترتبط بالسياسات الخارجية الاوروبية وانه عاقد العزم على الذهاب منفردا متفردا بتوجيه ضربة لسوريا باعتبار استخدام الكيماوي تحدي شخصي له من قبل الرئيس بشار الاسد حتى ولو امتنعت اوروبا مشاركته هذه الفعلة القذرة ، ويبدو ان اوباما تناسى او نسي انه في حال شن حربا على دولة عربية لم يثبت حتى الان تورط نظامها باستخدام الكيماوي من عدمه وهناك مؤشرات ودلائل قدمها الروس للعالم وبالوثائق تبين استخدام المنظمات التي يدرجها اوباما ويصنفها ارهابية في سوريا للكيماوي و هي من قام بهذه الفعلة النكراء ، نسي ان العدوان على سوريا ان "حصل" سيحكمه منظق تدمير المدمر ومبدأ الانتحار السياسي والتدمير الشامل المتبادل وسيتبعه مواجهات وصراع يعصف بالمنطقة برمتها لن يستثني الخليج والعراق والاردن ولبنان وتركيا واسرائيل ويضع المنطقة باسرها على حافة مواجهة وصدام عسكري شامل من الممكن ان يؤدي في ظل المواقف الروسية والايرانية وذراعها حزب الله في لبنان الى تهديد جدي للامن والسلم العالميين فهل واشنطن جاهزة اليوم لمثل هذا التطور؟؟؟.واذا كانت واشنطن والرئيس الامريكي ومعه الرئيس الفرنسي يذرفون الدموع اشفاقا على اطفال سوريا " ويا للعجب معظم التقارير التي صورتها وقدمتها الفضائيات لضحايا الكيماوي في سوريا كانت فقط للاطفال" وهو ما يثير الريبة والشك ونحن نعلم ان المنطقة المستهدفة تخضع بالكامل الى سيطرة ما يعرف بالمعارضة، فامام هذه الدموع اسأل الرئيس اوباما : ان كان الهدف المعلن للعدوان هو توجيه ضربة محدودة لمعاقبة الاسد وتأديبه على فعلة لم تقدم لا واشنطن ولا الفريق الاممي المكلف اي دليل مادي وعلمي على ارتكابه لها ، ولا تهدف الى اسقاطه ونرى فزعة الاساطيل وتعزيزها في البحر المتوسط فكيف للرئيس اوباما ان يفسر للعالم ما قامت به امريكا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بالقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناكازاكي اليابانيتيين والتي لا زال اطفالهما يعانون حتى اليوم من اثار الضربة الامريكية اللااخلاقية؟؟ وكيف يفسر معاناة اطفال العراق بعد احتلال بلادهم امريكيا؟ وكيف يمكنه مخاطبة واقناع ابناء المخيمات الفلسطينية في العالم؟ومن هم بكاؤهم اذا يا اوباما ومن سيفزع باساطيله لاغاثتهم ؟ومن المفوض بمعاقبة امريكا على افعالها تلك؟.
وفي خضم هذا التحشييد والتجييش قبالة سوريا ، وفي ظل التعبئة الاعلامية المضلله والتهديدات العنجهية والصلف الامريكي لا يمكن القول الا ان امريكا بوش الاستعمارية تعود اليوم بثوب اوباما لبسط هيمنتها ونفوذها وارغام العالم العربي للارتهان للذل الامريكي ، وتقويض اي تسوية سياسية للازمة السوريةخاصة مؤتمر جنيف 2 الذي دعت له روسيا وامريكا في ايار الماضي والا كيف يفسر لنا الرئيس اوباما توجيه ضربة محددة لا تهدف باي حال الى زوال نظام الاسد ؟ ، بمعنى اضعاف النظام فقط واحداث توازن نوعي في القوى على الارض لاطالة امد الحرب وديمومة الاقتتال وبالتالي استنفاذ كافة الطاقات والامكانات في سوريا ليسهل فيما بعد من اخضاعه بسهولة ويسر للتبعية الامبريالية والتأثير من خلاله على ايران شرقا.وهنا تحضرني النظرة من جديد الى الغزو الامريكي الظالم للعراق وما احدثه من شرخ عميق في الخارطة الاستراتيجية العربية كما هو الامر في مسار العلاقات الدولية ، ومن هنا ارى ان الضرورة تقتضي اليوم التفافا عربيا ودوليا حول الموقف الروسي الداعي منذ بداية الازمة السورية الى الحوار وانهاء الازمة بالسبل السياسية والدبلوماسية ، وانه لا بد من دعم هذا الموقف امميا وعربيا بكافة الامكانات ومساندته وصولا الى جنيف 2والتوصل الى حل يقبل به الجميع ، وبخلاف ذلك واذا لم يتقن العرب ومعهم العالم اللغة في التعامل مع الازمة والظرف القائم واللعب على وتر الدبلوماسية لمواجهة التهديدات والضغوطات التي تتعرض لها سوريا فان السيناريوهات جميعها تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات والخيارات لتعاني شعوب ودول عديدة من اثارها.فالتهديد الامريكي لسوريا غير مقبول بتاتا وينطوي على مخاطر كارثية وهي بذلك تنتهك القانون الدولي ولن تفلت من عقاب المنظمة العالمية وشعوب الارض وستجد نفسها في مواجهة مع شعبها وشعوب العالم الاخرى وهو ما بدأ يتضح في المواقف البريطانية والالمانية وغيرها اضافة الى الموقف الروسي والصيني الثابت والرافض للتدخلات العسكرية واستخدام القوة ايا كانت اهدافها لان الحروب لن تخلف الا المزيد من الدمار والدماء والخراب . واخيرا وفي ظل غياب الادلة الواضحة على استخدام النظام السوري للكيماوي ولأن واشنطن تدرك انها بخطواتها هذه تتجه بالعالم الى الجحيم ، وان فيها العقلاء الذين يمارسون النصح لاوباما بعدم اقدامه على مثل هذه الخطوة فان الامل يبقى بالعدول عن ارتكاب هذه الحماقة لان في ذلك مصلحة امريكية اولا وعالمية ولا نعتقد ان الضربة ستكون ، بل سسيتجه العالم بجدية لتحقيق السلام في هذا البلد العربي الذي عانى اهله طويلا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات