{واتق دعوة المظلوم }


وتنطلق الكلمات الربانية تحملها الصدور التي ملئت يقيناو فاضت ورعا وتقوى ،وترسل شمس الإسلام شعاعها الدافيء المنطلق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عملا بقوله تعالى {وما ارسلناك إلّا كافة للنّاس }.

وهاهو الرسول الكريم يودّع أصحابه الذين أمرهم أن ينتشروا في بقاع الأرض ،يحملون رسالة الإسلام العادلة ويبيّنون لهم شرع ربّهم وفرائضه وأوامره ونواهيه ،وينطلق ابو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن بمخلافيها ،ويوصيهما قائلا :{يسّرا ولا تعسّرا،وبشّرا ولا تنفّرا ،وتطاوعا ولا تختلفا }.

بأبي أنت وأمي يارسول الله ،ما ارحمك وأكرمك وأحرصك على أمتك ،تشفق عليها من التعسير في الأحكام ،والمشقة في العمل ،ولا تترك أمراءك دون تذكير بان دين الله دين الرحمة وأن شرع الله شرع اليسر ،وأنه لا مجال للعسر في عدالة الله ،وتشفق يا حبيب الله على أمتك من الإختلاف والفرقة والتنافر والتناحر ،فتلقي إلى صاحبيك بالنصح المشفق ،تطاوعا ولا تختلفا ،وأي داء يفتّ في عضد الأمة كما يفعل داء الفرقة.

ويوصي الرسول صلى الله عليه وسلّم معاذ قائلا :[إنّك ستأتي قوما أهل كتاب ،فإذا جئتهم فادعهم إلى ان يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ،فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة،فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنياءهم فتردّ على فقراءهم،فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم ،واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب].

يانبي الرحمة ،يارحمة الله المهداة للعالمين ،يارسول الله ،تخشى على أمّتك بغي الأمراء ،وتخشى على أمراء أمتك دعوة المظلوم ،وأنت تعرف أنّ القلب الكسير الراغب إلى ربّه ،الطالب لحقّه في العدل والكرامة والمساواة الإنسانية ،بينه وبين الله بابا فتح مصراعيه للدعاء، وشرعت نوافذه للإجابة ،وتخشى على معاذ من دعوة مظلوم تسري بليل فيغفل عنها معاذ ولا يغفل الله عنها ،وحاشا لمعاذ وهو أعلم الأمة بالحلال والحرام أن يخالف أمر نبيّه ،ويميل مع هوى النفس عن شرع الله.

ويمضي الحبيب المصطفى ماشيا مع معاذ مودّعا قائلا:يا معاذ إنّك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ،ولعلك أن تمرّ بمسجدي هذا وقبري}ويبكي معاذ خشعا لفراق رسول الله ،ويلتفت النبي بوجهه الكريم إلى المدينة ويقول {إنّ أولى النّاس بي المتّقون من حيث كانوا وحيث كانوا}

{اللهم ألزمنا كلمة التقوى واجعلنا أحق بها وأهلها}



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات