صراع على " الله " في الأرض


خلال الفترة الماضية وبعد حكم العسكر لمصر ظهرت في الساحة الاسلامية جبهات عدة تتخذ من مفهومها للدين ساحة للمعركة ، وكانت شرارتها البيان الذي خرج به ملك السعودية وتلاه بيانات متناثرة من دول وجدت نفسها مجبرة على السير خلف بيان السعودية من باب درء الفتنة السياسية ومحاولة البقاء واقفة أمام موجات الربيع العربي المصفر .

ويضاف إلى تلك الجبهات جبهات وجودها تاريخي وتمارس هذا الوجود منذ سنوات كثيرة واثبتت للأخرين انها تملك من الثقل السياسي والاقتصادي مما جعلها قوة فاعلة في معركة تحديد من هو الذي يمثل الله في الأرض وبالذات عند المسلمين ، وجميع هذه الجهات تنادي وبإسم الله أنها مالكة الحق الحصري بهذا التمثيل وبالتالي هي من تملك دفة القيادة لأكثر من مليار مسلم يتوزعون على بقاع الأرض كافة .

والجديد في هذه المعركة ماأصاب السنة من إنقسام حاد وصل حد تكرار أن من لايكون معهم من السنة هو بالتالي ضدهم ويمثل وجهات نظر وإتجاهات بقية الملل والطوائف المسلمة من شيعة وغيرهم من خوارج الاسلام أو رافضته الذين يراقبون المشهد السني بكل فضول بحثا عن نهاية تؤدي إلى تحقيق هدفهم التاريخي في تقسيم سنة المسلمين وبالتالي يبعدون أنفسهم عن نار الاقتتال التاريخي بينهم وبين السنة .

ويبدوا أن حكم الإخوان في مصر هو القشة التي قسمت ظهر أهل السنة وأفقدتهم الوحدة ضد عدوهم الوحيد الشيعة والرافضة ، وجعلت كلا الطرفين السنة المتقاتيلن يتقربون لأهل الكتاب من يهود ونصارى ويتخذوا منهم سندا لهم في تثبيت مقولة أن هناك ايظا من يمثل الله في الأرض كما لدى النصارى واليهود " بتحفظ خفي وغير معلن " وكما استند اليهود والنصارى على المال والسلطة في تثبيت أنفسهم كممثلين لله في الأرض وجدت جبهة من أهل السنة نفسها تسير في نفس الطريق ، وشدة إزرها برجال الدين والباحثين في الفقه والعقيدة كي تؤكد للمسلمين السنة أنهم هم ممثلي الله في الأرض .

ولم تكن الماكنة الاعلامية بعيدة عن أدوات المعركة تلك بالاضافة للسلطة والمال وبدأت في إخراج الجبهة الأخرى من السنة من الساحة الاعلامية التي تتحكم هي بكل مداخلها ومخارجها ، وإصرارها على أن الزمن الان ليس بزمن الإخوان بل زمنهم هم والذي لن ينتهي بهذه السرعة التي رغب الإخوان فيها لأنهم ما يزالون يملكون المال والسلطة معا رغم أن الانقسام السياسي والاقتصادي هو الصفة الطاغية على العلاقة بينهم ومحاولات تحقيق التبعية الدينية والسياسية هي الهدف الأساسي لهذه العلاقة .

ولايغيب عن بالنا أن من يسيطرون الان على فكرة انهم يمثلون الله في الارض قد قاموا وعلى مدار عقود طويلة في تثبيت هذه الفكرة لشعوبهم مما اعطاهم ضمانات طويلة الأجل في البقاء في السلطة السياسية والدينية وجعلهم ينأون بحكمهم عن موجات الربيع العربي التي تحولت لإعصار يدمر الأخضر واليابس في مناطق أخرى من العالم الاسلامي ، وفي وجود اماكن مقدسة لدى مجموعة من المسلمين رسخ مفهوم تمثل لله في الأرض لدى أعداد ليسن بالسهلة من المسلمين الذي أصبحوا يمثلون طابورا خامسا لهم في أوطانهم ومضافا اليه القدرة المالية الكبيرة على شراء الاتجاهات والمواقف لتصب في النهاية لمصلحتهم في أن يكونوا هم فقط من يمثلون الله في الأرض وبقية المسلمين إذ لم يؤمنوا بذلك فهم خارجون وربما كفرة وفي النهاية هم إرهابيون مسلمين يحارب الله " هم " والعالم أجمع .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات