أمريكا وانقلابات العسكر ..


تختار واشنطن دوما الأكثر التصاقاً بسياستها وليس الأكثر ديمقراطية.
هكذا علمتنا السياسة الخارجية ألأمريكية ..وهكذا كانت سياستها مع كل " طغاة " العالم وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية إلى اليوم .

الأهم بالنسبة للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تتعلق بكيفية المحافظة على مصالح واشنطن في الشرق الأوسط بمساعدة دول عربية مثل مصر والأردن والمملكة السعودية والبحرين والكويت والمغرب ،وقد حققت أمريكا الكثير من أهدافها ومنها تامين تدفق النفط وضمان امن إسرائيل ومكافحة الإرهاب ،ومنذ هجمات 11-سبتمبر 2001 بدا صانعوا السياسات الأمريكية يتساءلون عما اذا كانت الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط تستطيع الاستمرار في المحافظة على المصالح الأمريكية أم لا !
ومن الواضح أن إدارة بوش الثانية كانت تعتقد أن الطريقة المثلى لذلك هي تعزيز الديمقراطية والإصلاحات على نطاق واسع في الشرق الأوسط ،وكان الربيع العربي فرصة " تجريبية " لاعتماد تلك الرؤية وبيان مدى التصاق الأنظمة الجديدة بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية ، فكان التغيير في تونس ومصر بداية ، وتولت المعارضة الإسلامية الحكم في مصر بشكل سلمي وديمقراطي ،لكنها أي الإدارة الحالية لاوباما أيقنت أن هناك خللا في توجهات مصر حيال المصالح الأمريكية ،وتباينت الآراء حول كيفية التعامل مع مصر داخل مؤسسة الحكم ،وبدا ان الرئيس مرسي غير ميال لان يضع" بيض مصر "في سلة أمريكا وحدها كما فعل مبارك ،وبدا ينهج منهجا مختلفا حيال مصالح أمريكا في المنطقة من خلال " تبريد " العلاقة مع إسرائيل شيئا فشيئا ، وتمتين العلاقة مع غزه وفتح المعابر ،وفتح الحوار واللقاء مع إيران،وإعادة تنظيم العلاقة مع دول الخليج على أساس المصالح العربية أولا ، وبدء بمشروع نهضة مصر زراعيا واقتصاديا ،وبدء ما يعرف بمشروع نهضة أفريقيا وتنبها لمصالحها والحفاظ على خيراتها من المستعمر الغربي !
لم تظهر أمريكا ولم تعلن استيائها من ممارسات الحكم في مصر ،بل راحت تتواصل مع تيارات معارضة للحكم ، وبدا واضحا أن المعارضة لاتستطيع التغيير أمام تشدد الحكم في مصر للاستمرار في تنفيذ المشاريع ،فلجأت للمؤسسة العسكرية التي وجدت فيها المبتغى لتحقيق التغيير،فكان الانقلاب وكان القتل ..
يبدو واضحا أن موضوع إسقاط الشرعية في مصر وقتل الناس في الشارع لم يصل لدى الإدارة الأمريكية إلى مستوى اتخاذ إجراءات تصعيدية بحق العسكر في مصر ورفض الانقلاب او الدعوة لعودة الرئيس مرسي ،لان العسكر هم ألأكثر التصاقا بالسياسة ألأمريكية حتى لو قتلوا وحرقوا الناس في الشارع ..
هل تذكرون رئيس تشيلي اوغستو بينوشيه وممارساته ضد شعبه ؟
أمريكا وجدت في سلفادور الليندي الرئيس المنتخب تهديدا لمصالحها ، ولم تستطيع الدعوة لإسقاطه لأنه منتخب ديمقراطيا ، فاتجهت إلى الجنرال بينوشيه قائد الجيش ونظم انقلابا عسكريا أطاح بالليندي الذي اغتيل مباشرة ،وحكم بينوشيه بعدها 27 عاما وسط صمت أمريكي ودعم مالي وعسكري واقتصادي كبير !!! حتى أطاحت به المعارضة ، وتم اعتباره مجرم حرب بسبب مسئوليته عن قتل وحرق30 ألفا من مواطني تشيلي .ومن ثم تخلت أمريكا عنه ،وبقي يحاكم ، لكن بسبب كبر سنه وإصابته بالخرف تم عزله في منزله ..
السيناريو يتكرر في مصر ، الإطاحة برئيس منتخب ديمقراطيا واعتقاله وقتل مؤيديه في الشارع على يد العسكر ، وأمريكا ترفض " إعلاميا " تلك ألإجراءات لذر الرماد في العيون وخاصة استنكار اوباما ووقف المناورات المشتركة ،فيما توعز لدول غنية بدعم الانقلاب !
لا تستمعوا لأمريكا ..فهي تدعم الملتصق دوما بسياستها حتى لو كان مجرم حرب .



تعليقات القراء

محمود العبادي
بينوشيةوساموزا ومبارك والاسد كلهم طغاة خدموا امريكا وتخلت عنهم ،وسيتخلون عن السيسي قريبا .زاكباش فداء رضيوا تدمير شعوبهم خدمة لامريكا
18-08-2013 07:41 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات