الأوراق الإخوانية في الحالة المصرية


أدرك الأخوان مبكرا أن توجيه الصراع نحو قضية الشرعية وتوصيف ما يحصل في مصر بالانقلاب العسكري والتحشيد في الشارع المصري لن يكون كافيا لاستعادة السلطة أو جزء منها وضمان بقائهم ضمن المعادلة السياسية في أم الدنيا والأقليم لأن الطرف المناوئ قادر على حشد أضعاف ما يمكن للأخوان جمعه في الميادين فكان لابد للتنظيم الدولي أن يلجأ لأوراق أخرى لممارسة أقصى درجات الضغط لحماية مصالحه ومستقبله ..
يمكن لأي مراقب ومحلل أن يلتقط استراتيجية التنظيم في هذه المرحلة الحساسة والتي تجلت بشكل أساسي بملفات وقضايا الصراع الجوهرية في المنطقة وعلى رأسها السلام مع أسرائيل والصراع في سوريا وأمن الخليج والوضع الأردني والعنف العقائدي وصولا لعملية التدويل ومنح الاجنبي شرعية التدخل ولقد نجح الأخوان بامتياز في عملية تفجير العنف وتقسيم المجتمع المصري وفتح الطريق للأجنبي ولكن غاب عن تكتيكهم الأخرق حقيقة سياسية وأمنية هي أننا امام عملية حرق مراحل وشخصيات لا أكثر وسرعان ما تتغير المواقف الدولية وتنشأ تحالفات مبتكرة ..
ففيما يتعلق بالعنف لجأ الأخوان للحرب النفسية والتلويح بفقدان التنظيمات الدينية أايمانها بالانخراط في العملية الديمقراطية ووقف تبني العمل السياسي والانتقال لمرحلة العمل العسكري والعنف والدموية على غرار التنظيمات الراديكالية ( القاعدة ) ومن ثم التطبيق العملي والذي يؤكد على عدم صلاحيتهم للحكم وعدم قدرتهم على التكيف السياسي وما يحصل في مصر هو نموذج لذلك أما فيما يتعلق بالصراع السوري فأن الاخوان يلمحون لاعادة التموضع والاصطفافات الاقليمية واعادة فتح قنوات الاتصال غير المباشرة مع النظام السوري من خلال ايران وبما يكفل انسحابهم التكتيكي من المشهد السوري لاضعاف الجهد الأمريكي الذي يعول عليهم كثيرا ..
اعادة التموضع وفتح القنوات الاخوانية الايرانية عبر الوسيط التقليدي النافذ ( حماس ) لن يتوقف حاله على الصراع السوري بل سيمتد حكما الى منظومة الأمن الخليجي بأعتبار العبث فيها وضربها باتت مصلحة ايرانية اخوانية مشتركة لا سيما بعد المواقف الخليجية الصريحة في دعم مخرجات 30 / 6 ووقوف الخليج مع أي جهد يصب في تفكيك قدرات التنظيم وضربه في معقله المصري بأعتبار الفوضى بالخليج ستشغله عن التركيز على الأوضاع خارج الجزيرة العربية ..
أما فيما يتعلق بالسلام وما قد تفضي اليه المفاوضات من اتفاق تاريخي ينهي الصراع بقيام دولة فلسطينية فأن تنظيم الاخوان يهدد بسحب شرعية الاعتراف الشعبي بهذه الاتفاقيات في حال اقصائه لا سيما انه كان ضامنا أمينا عليها بحفاظه على اتفاقية كامب ديفيد حيث ستكون اتفاقيات الوضع النهائي بحاجة لقوة شعبية كبيرة لتثبيتها لا تتوقف عند العنصر الأمني او السياسي والاقتصادي خصوصا في الشق المتعلق باللاجئين الفلسطينيين حيث أن الجانب الاسرائيلي يعتبر نفسه انه امام فرصة تاريخية من جانب ضعف الدول المضيفة لفرض سياسة الامر الواقع ..
جميع ما تقدم ذكره يمكن التعامل معه ووضع آليات للتصدي له ومعالجته بشتى الوسائل ولكن أخطر ورقة قد تحرق الأخضر واليابس في المنطقة كلها وتعيد رسم خريطتها دون مبالغة هو قرار التنظيم الدولي بأحداث الفوضى بالأردن وتقويض منظومته الأمنية وصولا لهدم النظام كاملا في حال عدم الاستجابة لشروطه في مصر لا سيما ان نظرة التنظيم الحالية للأردن تقوم على أساس أنه عامود الخيمة للأنظمة المحيطة المستهدفة بالجهد الأخواني فالتنظيم لم يعد معنيا بالوجود الأردني بل يراه عائقا أمام تحقيق الهلال الأخواني الذي بدأ يتبلور مكانه الهلال المدني ..
التصعيد الاخواني في الأردن مسألة غاية في الخطورة لن يستطيع حتى التنظيم الدولي للأخوان تحمل كلفته الباهظة جدا جدا ولا يمكن بحال لأية جهة أو دولة أو مشروع دولة تحيط بنا القبول بالعبث في الأردن ولو كانت جميعها متعارضة أو متضادة المصالح لأن الأردن كدولة ومنطقة سيادية آمنة هو الوحيد القادر على حفظ التوازن ودرء مخاطر الجوار المتصاعدة وامتداد الصراع ما بين أطراف النزاع الأقليمي والدولي كونه نقطة أرتكاز المنطقة أمنيا على الأقل ..
نتمنى على تنظيم الأخوان لدينا أن يفكروا بعقولهم لصالح أنفسهم وبلدهم لأنه سيبقى الجهة الوحيدة التي تستوعب الاخوان في المنطقة وتقبل بوجودهم في المعادلة السياسية والواقع الأقليمي الجديد الذي فرضه الشعب المصري لا سيما أن ما يحصل حاليا في مصر من عنف بغض النظر عمن صنعه ويقوم به سيسقط الأخوان في المنطقة حتى لو تجاوب الغرب تكتيكيا وفقا للمعطيات اعلاه فالقراءات تشير لأصطفافات أستراتيجية جديدة وخروج دول كانت تدور تقليديا في الفلك الامريكي عن بيت طاعة العم سام وباختصار الأردن لن يكون ورقة تفاوضية لأحد وهو قادر على تغيير المعادلة وقلب الطاولة ليس على رأس الأخوان فقط ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات