يغيب عن بال كل الحكومات العربية وفي موسم الربيع العربي المصفر حجم الخسائر التي منيت بها تلك الدول سواء التي خاضت بها دول غربية الحرب على أنظمتها السابقة مثل ليبيا أو التي ما تزال تحت القصف والتدمير وتسوية تاريخها وحضارتها في الأرض مثل سوريا أو تلك الدول التي ما تزال تراوح مكانها ما بين ربيع عربي مصبوغ باللون الأخضر كالمغرب والأردن وبين ربيع عربي مصفر كدول الخليج والبحرين خصوصا .

ومصر التي يشقها نهر النيل من المنتصف ويقطعها من شمالها إلى جنوبها ويسير في كل لحظة وثانية ليؤكد حقيقة أن الحياة على هذه الأرض تسير ولكن البشر هم الذين يقفون على ضفافه متجمدين باحثين عن ابواب للخروج من مأزق وضعوا هم أنفسهم فيه ، وميدان رابعة العدوية وميدان النهضة مأزق مصر اليوم والكيفية للخروج منه مفتوحة الاحتمالات والنتائج ، ومع كل هذه الآزمة نهر النيل يسير بكل هدوئه قاطعا مصر إلى نصفيين كما قطعها الربيع العربي إلى نصفين .

ويقال في النيل عن المصريين الشيء الكثير ومن ضمن ما يقال انه هبة مصر الربانية التي أوجدت على أطرافها الحضارة والتاريخ ، ولكن ما قيل في ربيع مصر العربي أكثر مما قيل في نهر النيل منذ بدء أول حضارة على ضفافه ، وأوراق البردى كانت تنتقل لأيام وشهور بين جنبات مصر كي تنقل خبر من هنا أو من هناك واليوم شاشات الاعلام المصري وصحفه ومواقعة الالكترونية نقلت أخبار تعادل الاف الاضعاف مما نقلته أوراق البردي ، وفرعون مصر الذي بلعه نهر النيل أو البحر الأحمر ما يزال قابع في متاحفها ينظر لمصر الأن وكيف أن هناك من صنفه مئات الفراعين وأن عبيده الذين بنيت الأهرام على أكتافهم ما زالوا عبيدا ولكن لفرعون أخر جيد يسمى الربيع المصري ، ويستمر النيل في سيره الهادىء ومصر تعيش فيضان من نوع أخر وهو فيضان البحث عن مفهوم الوطن مصر بعيدا عن فرعون أخر يحكمها من جديد .