ثلاثة أيام بدون حكومة


جميل أن يغلق الإنسان جهاز التلفزيون ويتوقف مجبرا عن قراءة الصحف اليومية ويعلن لنفسه صعوبة الحصول على الإنترنت ولايقوم بفتح جهاز الكمبيوتر ويشغل راديوا سيارته على خانة الأشرطة ويلغي خانة الاذاعات ويكتفي في هذه الايام الثلاثة بالسلام على الأهل وتجاذب أطراف حديث الطفر الذي يصيب الأردنيين نتيجة لسياسات النسور والتهرب مباشرة من أي حديث يتم التطرق فيه لشأن حكومي .

من بين كل وسائل الاتصال تلك وسيلة واحدة أعلن أصحابها وممتهنوها بأنهم سيتوقفون عن الطباعة أو الصدور لمدة ثلاثة أيام تنتهي يوم الأثنين القادم ، وهي صحف ورقية تصدرتها صحيفتين شبه رسميتين وناطقتين بأسم الحكومة ومطبلتين ومزمرتين للحكومة ، أي أننا سوف نعيش هذه الايام الثلاثة بدون عرس وزفة لكل خطوة قامت بها الحكومة .

وهذه الحالة تجعلنا نطرح الكثير من الأسئلة لأنه لم يسبق في تاريخ الصحافة الورقية الأردنية أن إحتجبت ثلاثة صحف يومية عن الصدور لمدة ثلاثة أيام من أيام الأعياد ، وفي مقدمتها هل يمثل هذا الاحتجاب إنذار للحكومة كي تعيد النظر في قوانين مدخلات مواد الصحف وفي نفس القوانين الاعلام وقانون المطبوعات والنشر و في قوانين وحصص الاعلان الحكومي وتكلفته البخسة في هذه الصحف ؟ وتجربة صحيفة العرب اليوم مع الإفلاس والتوقف ليست ببعيدة .

وثاني هذه الاسئلة هل هذا الحجب يمثل إعتراف ضمني وداخلي من قبل هذه المؤسسات الصحفية الورقية أن زمن الورق بدأ بالإندثار وأن الزمن الأن هو للصحافة الإلكترونية ؟ ، وهذه الصحافة الإلكترونية أعان أنها سوف تستمر في نشر الأخبار والأحداث طوال فترة العيد متصدرة وسائل الاعلام في البلد أثناء عطلة العيد ، والمفارقة هنا أن الصحف الورقية ِاشرات إلى أن نسختها الإلكترونية سوف تستمر في الصدور وبشكل متجدد خلال تلك الفترة ، وهنا نشير أن طاقم عمل النسخة الالكترونية لايمثل أكثر من 10% من طاقم عمل النسخة الورقية ، مما يؤكد النظرية التي تقول أنه لابد وأن يأتي يوم وتتوقف فيه الصحافة الورقية عن الصدور نتيجة للتطور الحتمي لتكنولوجيا الاتصال .

وبعيدا عن الجد في الطرح كثرة التعليقات بين الزملاء والأصدقاء عن هذا الحجب لثلاثة أيام وكونه إنذار باللون الأحمر عن حالة الصحافة الورقية ، ومنهم سيدات البيوت اللواتي قلن أن شبابيك منازلهن سوف لن ينظف بعد اليوم لعدم توفر ورق الصحف ، وبائع الترمس جارنا أكد أن تكلفة البيع سوف تزيد لديه وأن سوف يضطر لشراء ورق اللف المخصص للسندويشات ليعمل به زعاميط الترمس بدلا من ورق الجرائد ، وصديقي صاحب ورشة الدهان بدء يحسب حساب ثمن الورق الذي سوف يستخدمة لتغطية اجزاء السيارات عند دهانها بعد أن يفقد ورق الصحف .

وكثير هي الأمور التي سوف يفتقدها المواطن نتيجة لتوقف الصحف الورقية عن الصدور مستقبلا والثلاثة أيام هذه هي مجرد مؤشر وإنذار ، وأنا كمواطن سوف أفتقد العرس الحكومي الذي تطالعنا به الصحف اليومية كل صباح ومن باب أثبات أن الحكومة موجودة وتعمل والدليل على عملها أن لها في كل عرس قرص وخصوصا رئيسها وبقية زمرته من وزراء .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات