البريئة


كانت في عمر الزهور ، حينما تحملت ما لا طاقة ( لأنثى ) به ، كانت في عمر الورود ، حينما بدأت معاناتها ، كانت صغيرة وبريئة بمريولها ( الإعدادي ) ، كانت تحصل على المركز الأول دائماً في لعبة ( الحجلة ) حينما البسوها فستانها ( الأبيض ) بـ ظاهره والأسود بباطنه ، كانت متفوقة جداً في دراستها ، وبين ليلة وضحاها بدأت قصة ( البريئة ) وطوت صفحة وفتحت صفحة جديدة ومؤلمة من حياتها .

لم يكن لديها من يساندها ، تخلى عنها الأقرب دماً لها ، زرعوا ( القسوة ) فيها ، حطموا مفاهيم الطفولة لديها ، كان البكاء رفيق لها حينما لم يكن لديها رفيق ، كانت إذا تألمت تصمت ، وإذا أرادت أن تصرخ فإنها تصرخ ( بصمت ) صرخة لا يسمعها سواها ، فهي تعرف أن كل من حولها ( صموا ) أذانهم وتخلوا عنها .

تذوقت طعم المرار ، وشربت من كأس ( الذل ) حتى ارتوت ، فزادت قسوتها قسوة ، حتى تناست بأنها ( أنثى ) ، ووضعت أمام عينيها هدف واحد لا ثاني له ، وهو الانتفاض على واقعها المرير والانتصار عليه ، فبدأت قصة جديدة وبدأت بطي صفحة ( سوداء ) لتبدأ مسيرتها بصفحة ( بيضاء ) ناصعة ، المختلف في هذه الصفحة أنها هي من ستكتبها ، ولن تسمح لأحد بأن يأخذ مكانها ليكتب عنها ، فبدأت بكتابتها بأسلوبها ، وكيفما تشاء .

لم يكن طريقها مفروش بالورود ، فهي تعيش في مجتمع لا يرحم ، ولم يزدها هذا إلا إصرارا وعزيمة لتحقيق هدفها ورسم معالم شخصيتها الجديدة وشكل حياتها ، وبدأت ،،،،،،،،،،، تحمل على أكتافها وزر ما لم تجنيه يديها ، وما لا يستطيع بعض الرجال على حمله ، وبدأت رحلتها بأولى خطواتها ، بدأت تدك المشي مشية واثقاً بنفسه ، وكلما تسلل الضعف أو الوهن إليها ، أو راودها الاستسلام عن نفسها ، كان هناك صوت يصرخ بداخلها ، ( استيقظي ) فتزداد إصرارا وعزيمة ، فتتذكر تلك الأيام التي كانت تخلو من أي ألوان سوى اللون ( الأسود ) ، أرادت أن تثبت لذاتها قبل أن تثبت لغيرها بأنها قادرة على التقدم والنجاح .

تعاملت مع أناس كثيرين ، كانت تعرف تماماً بأنها في النهاية ( أنثى ) أي أنها بنظر ضعاف الأنفس في المجتمع ( فريسة ) تنتظر الذئاب البشرية الانقضاض عليها ، لذلك دفنت أنوثتها داخل ثنايا جسدها المنهك ، خلعت ثوب أنوثتها وارتدت ثوب الرجولة والقسوة ، فكانت قصة النجاح ترسم خيوطها الأولى ، اكتسبت احترام من تعاملت معهم ، وكانت تخطو الخطوة تلو الأخرى وتكتب ( بقلمها ) قصة نجاحها ، حتى تغيرت ملامح حياتها ، وانتصرت على ذاتها ، وحققت طموحها في استقلال شخصيتها ، وحافظت على نفسها من الثعالب والذئاب ، فكانت تستحق الاحترام ورفع القبعة لها .

وعادت إلى من تسببوا في معاناتها الأولى ، ولكنها عادت بقلب ( أبيض ) تحمل في يدها ( ممحاة ) لتمحو تلك الآلام التي تسببوا فيها ، ولتثبت لهم أنها لم تعود للانتقام بل عادت إليهم ، وقد ( صفحت ) عنهم بل ، حتى أصبحت بالنسبة لهم (( الأم ، والأخت ، والصديقة ، والأب )) ، كانت تختزل في داخلها الكثير من أجلهم ، عادت بشخصيتها الجديدة القوية ، وقد حققت ما كانوا يشككون أنها قادرة على تحقيقه ، عادت تلك ( البريئة ) لتقول لهم ، ( عفا الله عما مضى ) .

عادت ( البريئة ) وعادت ابتسامتها الممزوجة ( بالدموع ) ، عادت ( الأنثى ) التي كلما جلست ونفسها سالت دموعها على وجنتيها ، فـ القوية هي ( أنثى ) ، قد لا يفهم من حولها سبب تلك الدموع ، وقد يتفاجئ من يرى دموعها ، وكأنه من المستغرب أو المستهجن أن يروها تبكي ، ولكنها ( أنثى ) ،،،،،،،

سيدتي أيتها البريئة :
أنا لا أطلب منك الكف عن البكاء ، فـ البكاء لمن هم مثلك هو ( القوة ) بحد ذاتها ، ففي يوم من الأيام لم يكن لديكِ رفيق سوى البكاء ، ومن حقه عليكِ أن تتذكريه بين الفينة والأخرى ، كان البكاء رفيقاً لكِ بالوقت الذي تخلى عنك الكثيرين ، فلا أنكر البكاء عليكِ ، وربما وأنا أكتب هذه الكلمات أحبس دموعي بمحاجرها .



تعليقات القراء

تمارا
الموضوع غامض وفلسفي فهمنا منه ان فتاة صغيرة في السن تزوجت صغيرة وقست عليها الحياةوتغلبت عليها كيف؟لم نعرف
03-08-2013 04:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات