اعادة تصنيف الاخوان


لم يعد التصنيف التقليدي لكوادر الأخوان في الأردن ( الصقور والحمائم ) صالحا للتعاطي مع التنظيم وفقا لحالته الجديدة وما طرأ عليه من تحولات جوهرية متصلة بالتبعية العابرة للحدود وانخراطه في مشروع التنظيم الدولي ولقد تجاوزت الأنحرافات المستحدثة في فكر مجموعة الحكم المؤثرة في التنظيم التصنيف الكلاسيكي ولابد للمحللين الاستراتيجيين أن يدركوا مقدار التحولات العميقة ليتسنى للمجموع الوطني تقدير موقفه بشكل موضوعي مما يسمى بجماعة الأخوان المسلمين ..

تغيرالعقيدة السياسية والانحدار ( بالجماعة ) لمستوى التنظيم وطغيان الشهوة للحكم على أدبيات الدعوة وفقدان الهوية والتخلي عن الشعارات التاريخية وتحول الخطاب والتصورات لما يكون أقرب لتنظيم القاعدة من حيث الدموية ولحزب التحرير من حيث الخلافة والابتعاد عن الخطاب والمنهج الراشد والخروج على الدولة الأردنية وانهاء التحالف الاستراتيجي التاريخي مع النظام وبروز القيم والأدبيات الأستئصالية التي تهدم منهج البنا المؤسس هو أبرز ما يميز قيادات التنظيم الحالية ..

التيار الموصوف أعلاه أستطاع أقصاء حكماء الأخوان من خلال ما بات يعرف بحالة ( التنظيم العميق ) وهو نفسه الذي انشأ خلايا العمل السري التي تسير بأتجاهين الأول الجناح العسكري والثاني الجناح الأستخباري حيث اعتبرت هذه الأجنحة من مقتضيات الضرورة التنظيمية بعد حالة الربيع وتسيد الأخوان في مصر وقد جرى ذلك من خلال عملية تشبيك تنظيمية معقدة تقودها وتمولها دول وقوى أقليمية نافذة فجرى تأهيل الجناح الأول ووضعه على لائحة الانتظار بعد سلسلة من الفعاليات الأستكشافية في الشارع وبالونات الأختبار على مواقع التواصل الأجتماعي أما الجناح الثاني فهو مفعل حكما ويمارس مهام جمع المعلومات وتحليلها وتبادلها ..

ومن الملاحظ أن نمط الخطاب والفكر السائد حاليا وما هو مستحدث من أجنحة العمليات الخاصة الموصوفة أعلاه هي نفسها الموجودة لدى حماس وأخوان مصر التي تقوم بالعمليات المسلحة حاليا أما تصريحات القيادات فتكاد تكون متطابقة حول الأهداف الأستراتيجية للتنظيم ولسنا بصدد شرحها او بيانها ويمكن لأي شخص الرجوع لما ورد في القنوات الاعلامية لقراءة ما ورد بشكل موثق على ألسنة كمال الهلباوي وعصام العريان وخالد مشعل وحتى الشيخ رائد صلاح ومطابقتها مع لسان حال قيادات التنظيم على الأرض الأردنية ..

هذا التيار لايؤمن بالدولة الأردنية وحقها في الوجود ولا يرى شرعية للنظام القائم ولا يدخر جهدا للعمل على ضرب مؤسسات الدولة وله سياسات وتكتيكات لطالما جرى تعريتها وفضحها على الملأ وهو تيار حاقد ظلامي سوداوي له هدف وغاية واحدة فقط ليست أسقاط النظام ولكن أسقاط الدولة الأردنية كلها فهو لا يكل ولا يمل من النيل من الأنجاز وترسيخ ذلك كثقافة مجتمعية والأبقاء على حالة التشكيك بالدولة وقدرتها على التماسك وافتعال الأزمات ولقد شاهدنا في الفترة الأخيرة تكتيكات محددة تقوم على محاولة فصل الملك عن الدولة وسبقها محاولة جس نبض الجيش من المتغيرات ومن قبلها ضرب وأنهاك المؤسسة الأمنية وكل ذلك باء بالفشل..

يقابل تيار الخوارج الاستئصالي الذي يقوم نمطه على المغالبة والجبر والأكراه تيار السلام والحكمة والتوافق والتعايش ولظروف المرحلة فلقد آثر التريث وهو مؤمن بضرورة وحتمية اصلاح الجماعة ولكنه لم يحسم قراره بشكل نهائي بكيفية وتوقيت ذلك للمخاطر والتهديدات المترتبة على تفكيك التنظيم العميق والتي قد تصل حد هدر دماء القائمين على مشروع تصويب وأصلاح الجماعة المختطفة وهو تيار يؤمن بالعمل السلمي العلمي المنهجي ويؤمن بالأصلاح الشمولي من خلال مؤسسات الدولة لا بالخروج عليها وأضعافها بل بتصويب اوضاعها لا هدمها ..

ذا التيار السلمي وهو تيار البناء التنويري يحاول تخليص الجماعة من أسنان التنظيم العميق الظلامي الهدام ولكنه للأسف ضعيف أعلاميا وماليا لأنه اردني خالص في المنبت والمعشر ولا يوجد من يدعمه وجرى الهجوم عليه وأحتسابه على النظام بتوجيهات من التيار الأستئصالي في التنظيم علما أن البعض يعتقد أن لبعض الجهات المحسوبة على الدولة يد في هذا الهجوم تخوفا من قيادة تيار الأعتدال للشارع الأردني وظهر ذلك جليا لدى محاولة الحكماء أطلاق مبادرة أردنية نهضوية والمعروفة بزمزم وهذا التيار يمثل حقيقة الجماعة وجوهر فكرها التاريخي التوافقي البعيد عن الانحرافات ..

أعادة التصنيف وفقا للعرض أعلاه بات ضرورة أستراتيجية للأردن والمنطقة ويترتب عليه اعادة تركيب منظومة التعامل مع أشخاص التنظيم العميق الأستئصالي الظلامي الهدام وكذلك ما يقابله من تيار أصلاحي راشد تنويري توافقي وهو موقف وضرورة حكم وأستقرار أقليمي ومصلحة أسلامية عليا لأن تيار الهدم بات يسيء للأسلام بينما تيار البناء هو الأقدر على تقديم الأسلام بصورته الحضارية المدنية التوافقية ومن مقتضيات أعادة التصنيف أعادة توجيه القرار السياسي والخطاب الأعلامي والمنهجية الأمنية في التعامل مع كل تيار ..

فلابد مثلا من عملية عزل سياسي رسمي وشعبي ومقاطعة منهجية للتنظيم العميق الخارج على مذهب البنا المؤسس وفضحه ومتابعته أعلاميا ولا يجوز للمعلومات الأمنية أن تبقى طي الكتمان فمن حق الأردنيين الأطلاع على الحقائق من اجتماعات الغرف المغلقة داخل وخارج الأردن وعمليات العسكرة وبيان مدى شر التنظيم السري المستطير ومتابعته أمنيا عن كثب وتطبيق أحكام القانون بدون أفراط أو تفريط على أن لا يكون هنالك تعدي في العقوبة لتطال التيار الأصلاحي البناء وأن لا يصل الحال لمرحلة انشقاق كبرى وخروج التيار التوافقي الأصلاحي من الجماعة وتركها فريسة للتطرف والتنظيم العميق ..

على الأردن شعبا وحكومة ومؤسسات الأستعداد لمواكبة ما طرأ على " تنظيم الأخوان " من متغيرات جوهرية والعمل الجماعي على الأطاحة برموز الراديكالية والأستئصال والانحرافات الفكرية الهدامة الموجودة فيه مهما كان الثمن ومهما جرى التلويح من قبل الفئات المتسلقة على ظهر الأخوان من تهديد بممارسة العنف والذي سيقف بوجهه كل الأردنيين وعلى رأسهم تيار البناء التنويري داخل الجماعة لأستردادها من مختطيفها فالأردن لم ولن يكون محلا لتصفية الحسابات الدولية أو ساحة لصراع أخوان مصر مع الشعب المصري الذي قال كلمته بكل وضوح ..

بأختصار لابد من أجراءات مشددة وتضييق الخناق بموجب أحكام القانون على تيار الظلام وفتح الباب على مصراعيه لتيار البناء وفي الأيام القادمة نطالب بقرارات شجاعة تؤكد على قوة الدولة الأردنية وتماسكها أقليما وشعبا وسيادة ونريد أن نلمس على أرض الواقع وجود قرارات حاسمة مثل منع بعض الأشخاص من السفر ومنع دخول البعض من غير الأردنيين لأراضينا واعطاء الضوء الاخضر لوحدة مكافحة الأرهاب وغسل الأموال لمتابعة كل فلس يدخل او يخرج من قبل كوادر التنظيم ومن يحيط بهم وفيما يتعلق بقرار حل جمعية الأخوان فيتوجب أعطاء تيار الأصلاح داخل الجماعة فرصة أعادة بنائها على أسس أردنية خالصة وللحديث بقية ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات