الإشارات المرورية وأمريكا


كلما وقفت أمام إشارة المرور الحمراء منصاعاً إلى لغة اللون وأوامره تذكرت أمريكا وضحكت ثم حاورت نفسي : هل أنا حضاري إلى هذه الدرجة بحيث نفذت أوامر لغة لونية بحكم جماعي مطلق ؟ أم هو الخوف من حادثة قد أتسبب بها لنفسي وللآخرين إذا ما خالفت الأوامر اللونية ؟ هل سلوكنا الحضاري مرتبط بالخوف أم بالثقافة الإنسانية الجمعية ؟ وفي كل مرّة يأخذني الحوار من زمني لأجد نفسي قد بقيت واقفاً رغم ظهور اللون الأخضر ، عندها أسمع أصوات أبواق السيارات تلومني بعنف لأنني لم أستجب للإشارة ، فأعود لتذكر أمريكا والضحك .

حكام العالم يقودون دولهم أمام إشارة مرور أمريكية ، ويقفون على تقاطع سداسي خطر لا يمكن تجاوزه دون اللون الأخضر الذي يأتي من أمريكا ، وعلى جميع الحكام الانصياع التام لإشارة المرور والتزام المسرب المخصص لهم ، ولا يمكنهم تجاوز من أمامهم ، ومنح الأولوية للمتحرك داخل الدائرة ، وإفساح المجال لسيارات التدخل السريع لتقوم بواجبها .

أمريكا تضحك ،وأنا أحاول أن أقرأ ضحكتها حتى لا أبكي أكثر ، ومن قبيل المشابهة والتمثيل دعونا نتخيل حكام العالم وهو يقفون على التقاطع السداسي وكل منهم ينتظر إشارة العبور ، المتغير في إشارة مرور التقاطع السداسي أن الإشارة لا عدالة في توقيتها الزمني ، فقد تمنح الأمر بالعبور لمسرب ما مدة طويلة الجميع واقفون ، وقد تفاجئ الجميع بضرورة إفساح الطريق لسيارات التدخل السري ، وتسهيل مهمتها ، وإذا ما أرادت أمريكا أن تخلط الأوراق فإنها تمنح مسربين متقاطعين السير حتى يحدث التصادم ، والفوضى ، وعندها يتوقف كل شيء بحجة الفوضى المفتعلة لتسمح للهيئة العامة المنظمة للسير بالتدخل وفرض المخالفة والعقوبة على الاثنين ، وأحياناً على واحد ، وعلى جميع الواقفين على إشارة المرور السداسية الموافقة .

لكم أن تتخيلوا موقف الحكام الذين يقودون دولهم وهم يظنون بأنهم قادرين على فعل كل شيء ، ولهم الحرية في ذلك مع أنهم يتجاهلون انصياعهم التام لإشارة مرور على تقاطع سداسي المتحكم بها أمريكا وحدها ، ولا تريد مساعدة من أحد ، لكم أن تتخيلوا لو أن اللون البرتقالي ساد على جميع الألوان ماذا سيحدث ، ولكم أن تتخيلوا لو أن حاكماً أراد تجاوز الإشارة الحمراء ، أو أنه نسي المسير والإشارة خضراء ، كثير من الأمور لكم أن تتخيلوها ، عندها لن يلومني أحد لماذا تذكرت أمريكا وضحكت .

هناك إشارات مرور سداسية فرعية وليست في المسار الدولي لكنها في المسار الإقليمي أو المحلي ، وهذه أيضاً محكومة بذات القواعد المرورية ، والمتتبع إلى ما جرى في العراق ومالي وأفغانستان والوطن العربي سوف يصل إلى نتيجة مرعبة إذا ما ربط بين تخيلاته وأمريكا والتقاطع السداسي
وكل إشارة ونحن بخير



تعليقات القراء

سمير
انا من الناس الخالفين لقوانين المرور, وانا خجول من الاعتراف لان سيارتي هي قدمي الشارع المخصص لي هو الرصيف ولكن في معظم الاحيان رصيفي محتل من قبل سارات راكنة (مصطفة)عليه بقي لا خجل او حياء او بسطات تغلق الارصفة وتمنع سائقي قدميهم مثلي او اشجار لمنازل خاصة اكبر من الرصيف... نحن شعب لا نحس بغيرنا على الطريق او الرصيف, او نحترم ماهو خاص او هو عام... عندما ادارة سير ضخمة لا تطبق قو انين المرور "الى من الجمل اذنه".
30-07-2013 11:18 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات