الواقع الاجتماعي والاقتصادي في البادية الاردنية


ان اهمال التنمية في البادية الاردنية كثيرا ما يؤدي الى حدوث خلل ، ويفقدها دورها في جذب السكان وانتاج الغذاء ، اذ تتحول البادية الاردنية من قطب جاذب الى قطب طارد للسكان،ومن ثم يضطر الكثير من سكان البادية الاردنية الى النزوح الى المناطق الحضرية بمعدلات غير متوقعة ، وتختل بالتالي العلاقة بين الانسان وبيئته الحضرية ، وتنشأ الكثير من المشكلات الحضرية ، كمشكلات الاسكان والمرور والخدمات العامة .ومن هنا تتضح اهمية التنمية المتوازنة بين المناطق المختلفة في البلد الواحد.

ويؤكد تقرير المركز الاقليمي لمنظمة الاغذية والزراعة ، ان هناك تفاوتا كبيرا في مستوى المعيشة ، ونصيب الفرد من الخدمات العامة بين سكان الريف والبادية والحضر ، اذ تدل التقديرات على ان نصيب الفرد من الخدمات في الحضر يزيد على 4-6 امثال نصيب الفرد في الريف والبادية.

لذا تحتاج التنمية في مناطق الريف والبادية، الى ادارة تعمل على تكاملها وتوازنها في اطار التنمية الوطنية ،وبالتنسيق بين الاجهزة والمؤسسات المعنية بالتنمية على كافة المستويات. من اجل احداث تغيير ارتقائي مخطط للنهوض الشامل بمختلف نواحي الحياة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتربويا وصحيا وسياسيا ، بهدف تحقيق التنمية الشاملة بكافة ابعادها المختلفة ، وبالتعاون ما بين ابناء الريف والبادية ، وبتكاتف المساعدات الحكومية ، بما يحقق تكامل نواحي النهوض الشامل.

لذا اخذت قضية التنمية بابعادها الاقتصادية والاجتماعية اهتمام العديد من الدارسين والباحثين وطلبة الدراسات العليا في الجامعات الاردنية ، من اجل التعرف على الواقع الاجتماعي والاقتصادي ، في المناطق المهمشة والاقل حظا ورعاية ، وياتي في طليعتها مناطق البادية ، بهدف القاء الضوء على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي في هذه المناطق وهل هو بمستوى المناطق الاخرى في المملكة، وكذلك التعرف على معوقات التنمية في البادية ، والتعرف على الخصائص الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسكانية والتعليمية والدخل والاعالة والفقر والبطالة ، واثرها على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للسكان في تلك المناطق ، والتعرف على المنظمات غير الحكومية العاملة في تلك المناطق ، والخدمات التي تقدمها للسكان ، والتعرف على البنية التحتية ايضا.

وهنا لابد ان نشير الى ان الدراسات المتعلقة بتنمية البادية رغم اهميتها الا انها قليلة ومحدودة في الاردن، حيث ان معظم الدراسات تجرى في المدن ، وعلى شرائح من سكانها ، في حين ان الاصح ان تجرى هذه الدراسات على مناطق الريف والبادية التي تعاني كثيرا من نقص الخدمات العامة وانخفاض في التحصيل الدراسي ، وسوء في البنية التحتية ، وانتشار العوز والفقر والبطالة والتخلف التنموي ، من اجل التعرف على معوقات التنمية فيها ودراستها ، فهذه المناطق بحاجة الى دراسات جادة وبحوث ميدانية مستمرة لمعرفة الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتصويبه.

كما و تواجه البادية الاردنية هموم وتحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية وتنموية وسكانية ونقص في الخدمات وسوء في البنية التحتية ،وتعاني من التخلف التنموي الشامل ،وازدياد في معدلات الفقر والبطالة ،وانعدام في المشاريع الاستثمارية والحيوية الكبرى ،وهروب الاستثمارات منها وكذلك نفور الجامعات الحكومية او الخاصة فيها ،وهذا بلا شك يساهم في ازدياد الهوة بين سكان المدن والمناطق الحضرية من جانب وسكان البادية من جانب اخر ، ومقارنة بسيطة بين مناطق المدن ومراكز المحافظات وبين مناطق البادية نلاحظ حجم الهوة الحضارية والثقافية والتنموية والصحية والتربوية الاجتماعية والاقتصادية ،حيث توجد وتتركز جل الخدمات في مراكز المدن والمحافظات بينما تفتقر وتنعدم في مناطق البادية الاردنية.

وهذا بلا شك يساهم في تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطق البادية ،ويراكم همومها واحزانها واوجاعها ،وفقر اهلها الى درجة اصبحت الاقامة في مناطق البادية الاردنية والمعيشة بها تشكل تحديا كبيرا للسكان، وتقف عائقا امام الاستمرار والاقامة، وبالتالي اللجوء الى المدن للبحث عن فرص العمل، وهذا يشكل ضغطا على الخدمات ويربك المخطط التنموي بسبب الهجرة والنزوح من مناطق البادية الاردنية الى هذه المحافظات ومراكز المدن.

وهذا كله يعود الى اهمال التنمية الحقيقية والمستدامة والاهتمام بمناطق البادية الاردنية وتطويرها من كافة الجوانب ،والاهتمام بالبنية التحتية من الطرق والمواصلات، واقامة المشاريع الحيوية ،ودعم الجمعيات الخيرية والاندية الرياضية ،والمنتديات الثقافية، وتقديم القروض للمرأة في البادية ،ودعم اقتصاد البادية والذي يعتمد على الزراعة وتربية الثروة الحيوانية لمكافحة الفقر والبطالة ،والارتقاء بالواقع الاقتصادي والاجتماعي في البادية الاردنية في ظل التوجهات العالمية التي تدعو الى الاهتمام بالمناطق الاقل حظا، والمناطق التي يطلق عليها في ادبيات التنمية المناطق المهمشة ،والتي تحتاج الى جهود مركزة وبرامج تنموية هادفة ومخطط لها ضمن استراتيجيات وطنية وحكومية وعلى فترات زمنية للارتقاء بواقع هذه المناطق التي تعاني من تخلف تنموي شامل .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات