الأردن والذئب الأخواني الجريح ..


الأفراط بالعدائية من قبل تنظيم الأخوان تجاه الجميع - وليس الأردن فقط - كان متوقعا لأن حجم الصدمة المصرية كانت من الضخامة بحيث لم يستطع الأخوان أستيعابها حتى الآن وباتوا ينزلقون نحو العنف المادي والمعنوي بكافة أشكاله مما يعمق في سرعة سقوطهم على مستوى الأقليم ويفقدهم الحلفاء ويكثر عليهم الخصوم يوما بعد يوم نتيجة للممارسات قصيرة النظر ..

انتقاد الأخوان للزيارة الملكية لمصر يقع ضمن الأطار أعلاه فالذئب أشرس ما يكون وهو جريح والتنظيم بات يؤمن - بشكل مغلوط - أن المعركة بالنسبة له مسألة وجود لأن العقلية التي تقوده مبنية على أساس نظرية المؤامرة وهذه العقلية ترفض حتى الآن القبول بفكرة أن غالبية الشعب المصري رمى يمين الطلاق على هذا التنظيم مما شكل لديه ردة فعل طبيعية من أنكار للواقع مضافا لذلك أن الأخوان عجزوا حتى الآن عن تقديم تفسير مدني للأسلام وقدرته على التعايش مع الغير وأحتواء الديمقراطية وليس العكس ..

لقد تناسى الأخوان أن الملك لا يعبر في مسلكه السياسي عن أرادته الشخصية بل يعبر عن أرادة الدولة الأردنية وسياساتها بما فيها من مكوناتها الشعبية فالموقف الأردني الرسمي مبني على أساس المصالح الأستراتيجية الوطنية العليا ومنها مسألة تزويد الأردن بالطاقة أما التعبير عن الموقف الشعبي فيمكن الدلالة عليه وأستنتاجه من خلال ما جرى من انتخابات في مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات طلبة وغيرها حيث مني الأخوان بهزائم متوالية لا يمكن وصفها سوى بالمهينة وهي تعبر عن الموقف الحقيقي للشعب الأردني من هذا التنظيم ..

العنف المادي والمعنوي الذي يظهره الأخوان هو رسالة أبتزاز للعالم من التنظيمات الدينية سئمها الناس في المنطقة ومحاولة الأيحاء للعالم بأن ( شباب الأخوان ) قد يلجؤون للتطرف والعنف هي عملية رخيصة لدفع المجتمع الدولي لدعم وجودهم السياسي ولن يجد آذانا صاغية لدى شعوب المنطقة بل على العكس من ذلك تماما فأن العنف لا يسقط ألا صاحبه وسيعمق جراح الأخوان ويزيد من رفض المجتمعات التي تسعى للحرية والتعددية والسلم المجتمعي لهذا التنظيم تحديدا ونحن في الأردن نتابع عن كثب كل ما يجري حولنا والشعب الأردني من الوعي الكافي ليقدر موقفه بشكل سليم ..

لقد كشفت الثورة الشعبية على الأخوان أو ما يحلو للبعض من وصفه بالأنقلاب العسكري مقدار التبعية التي يعيشها أخوان الأردن للحركة الأم في مصر وأن القرار الأخواني لدينا غير مبني على أسس وطنية أردنية بل هو تابع وممتد بشكل مفضوح للغير مما يضع علامات أستفهام كبيرة حول مسلك التنظيم وأهدافه وفيما اذا كانت تبتغي المصلحة الأردنية أم مصلحة التنظيم الدولي ويستوجب ذلك مراجعة الحالة الأخوانية الأردنية وأعادة تصنيفها السياسي والأمني والقانوني أذا لزم الأمر ..

لقد بات من مقتضيات الضرورة الأسلامية والعروبية أعادة أصلاح ما أفسده الأخوان وتصدي العلماء الربانيين والمثقفين لهذه المهمة ولابد لعقلاء التنظيم من مراجعة عميقة للذات فما هو المطلوب أن يحصل أكثر مما حصل لأستنهاض همم الأمة كلها لأصلاح هذا التنظيم وفكره وترميم ما هدمه وأفسده في عقول الناس فأكثر من ثلاثة ملايين ملحد وأكثر من عشرة ملايين علماني راديكالي يؤمن بفصل الدين عن الحياة لا عن الدولة في مصر وحدها وقيام الأخوان بنقل الصراع والعنف من خارج الأمة لداخلها وفقدان الثقة بالأسلام كمنهج حياة بسبب الربط الوثني ما بين الدين وأشخاص الدين وأفقاد الأمة لحالة التوازن الأستراتيجي الشعبي مع أسرائيل كعدو محتمل بسبب التطبيع الأخواني معها وأجهاض مشروع الامة التعددي التحرري على يد هذا التنظيم يستلزم دق ناقوس الخطر وأعادة دراسة واقعنا بشكل جاد وموضوعي بدون أستقطاب عاطفي يخلو من العقل والحكمة .. ألا لعنة الله على ضلالة الكرسي وما يفسده التمسك بالحكم ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات