يا نايم وحد الدايم


أصيب صديقي المتصل بصدمة نفسية وحرج شديد ،عندما أخبرته على حين فجأة أن ما رواه لي على انه حلم هو في الواقع حقيقة، واني بلا أدنى شك قد حضرت أليه البارحة ودار حديث بيننا عن الإصلاح والفساد وقلت له مداعبا أن ربيعنا يقول ان الأردن مستمر في عملية الإصلاح الشامل على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمارات العربية.

أسف صديقي وقال بالله عليك لا تؤاخذني، فهذه بالنسبة لي حقيقة مروعة ،وأخشى ان أكون قد أصبت بمكروه فيما يخص ذاكرتي ،(فالكبر عبر) ولا حولا ولا قوة الا بالله ،واشد ما يؤسفني أن حدث ما حدث .

... لقد وقع في وهم الصديق أن ذاكرته لم تعد تصلح لشيء ،وكان الحدث بالغ الأهمية وشديد الوقع عليه ،معتقدا أن ما تعرض له به ما يعيب ويخجل.

وحتى اخفف عليه الموقف العسير، قلت ان للتقدم في السن على الإنسان سلطان مطلق وتأثير لا حدود له ،قال هذا صحيح ،ثم ألقى علي أسئلة كثيرة ،فأشرت عليه بتناول الزبيب بأول الصباح ،والأسماك والمكسرات ،والبيض والشوكالاتة ،والعسل ،فهي تفيد في التخفيف من عدم المقدرة على استرجاع المعلومة في الوقت المناسب.

قال :- الآن تذكرت وتبينت الحقيقة ،فأنت قد حضرت البارحة بالفعل ودار بيننا ما دار ،لكن لعنة الله على الشيطان الرجيم ،فلأول مرة يحدث معي مثل هذا الموقف ، فقد ظننته حلم... والتمس صديقي مزيدا من النصح ،فأضفت له ضرورة تحسين نظامه الغذائي ،والتخفيف من كثرة المسؤوليات والالتزامات ،والراحة في المنزل والعمل ،وتنظيم الوقت، والحرص على الراحة النفسية ،والنوم الكافي ...وزدت على تلك المواعظ وقلت :- تشجع يا صديقي ،فالأحلام ما هي إلا سلسلة من التخيلات التي تحدث أثناء النوم, وتختلف في مدى تماسكها ومنطقيتها ،وحاولت إقناعه ان مثل ذاك لم يحدث له ليلة الحلم.

في اليوم التالي اتصلت به وقلت له حلم ...حلم يا صديقي حلم ...في الحقيقة انه حلم ،ويمكنك اعتبار ما حدث بيننا بالأمس مجرد دعابة ،وحتى لا أطيل عليك الشرح والتفسير تذكر جيدا تسلسل ساعات اليوم السابق للحلم ،وتفحصه جيدا ،فأنك لن تجد لي اثر بحياتك في يومك ذاك ،وما تحدثت عنه محض أضغاث أحلام .

قال :- شو هالحكي؟ مش معقول ... دعني أفكر ... فعلا انه حلم ،وإذا لم تخني الذاكرة فانا قضيت مطعم نهار ذلك اليوم خارج البيت ...وفي الإثناء انقلب حديثة وأردف لا لا انه حقيقة ،وكنت قد تأكدت وأبلغتك على الفور انه حقيقة .

في اليوم الذي تلاه ، سألني فيما إذا كان الموضوع حلم ام حقيقة ،وعلى ما يبدو فقد التبس عليّ الأمر، ووقعت بنفس الوهم الذي وقع به الصديق ، ولم اعد أدرك ما هو الصحيح ،فقلت له حلم ،بل حقيقة ...لا لا انه حلم .

قال:- لقد أصابنا على ما يبدو تلاحم الحواس المشوُّهSynesthesia ،وفقدنا نحن والربيع القدرة على الثبات الإدراكي ،وقد قال لنا ربيعنا مداعبا وهو يغدو ويروح أن الأردن مستمر في عملية الإصلاح الشامل على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز البيئة الاستثمارية ،فقلنا له هذا حلم ...انظر الى شقاء الشعب ...والحقيقة يا حالم أن ملفات الفساد في أمانة عمان والكازينو وموارد والفوسفات وكل القضايا الكبرى تحولت الى مهزلة ،وطويت وأغلقت بإحكام ،دون ان يستردوا قرش احمر او حتى تعريفة واحدة من المال المنهوب ،مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ،وأنت غياب فيله ومخدوع ،والمياه تجري من تحتك دون أن تعلم ، ولم يعد هناك أيها الربيع إصلاح شامل ولا جزئي ولا ما يحزنون، وليس في هذا مبالغة ، فاستيقظ مشان الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات